أبلغت بغداد السفير البريطاني لديها، عرفان صديق، اعتراضها "الشديد" على تصريحات إعلامية انتقد فيها "الحشد الشعبي" يوم 8 من الشهر الجاري، ووصفتها بأنها "مخالفة للأعراف الدبلوماسية وتُعد تدخلاً في الشؤون الداخلية للعراق".
وقالت وزارة الخارجية العراقية في بيان، إن وكيل الوزارة للشؤون الثنائية، السفير محمد حسين بحر العلوم، أعرب عن قلق الحكومة العراقية "العميق" من تلك التصريحات، وقال إن ذلك "السلوك يتعارض مع أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تلزم الممثلين الدبلوماسيين باحترام قوانين الدولة المضيفة والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية".
وأضاف البيان أن الحكومة حثت السفير البريطاني على "الامتناع عن أي تصريحات أو أنشطة مماثلة، والتصرف بما يدعم العلاقات الودية بين البلدين".
وختمت الوزارة بيانها بالتأكيد على "ضرورة الالتزام بالتواصل الدبلوماسي البنّاء، والتمسك بمبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
وكان السفير البريطاني قال في مقابلة تلفزيونية إن انتهاء الحرب ضد تنظيم "داعش"، وقرار الحكومة العراقية بانسحاب قوات التحالف الدولي – بما فيها القوات البريطانية – يفتح باب النقاش حول مستقبل "الحشد الشعبي" ودوره في المرحلة المقبلة.
وأشار صديق إلى أن "عمل الحشد ضمن أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة لا يمثل مشكلة، لكن خروج فصائل عديدة عن توجيهات الدولة يثير القلق"، لافتاً إلى أن أحداث منطقة الدورة في بغداد، التي شهدت اشتباكات بين فصائل مسلحة وقوات أمنية، مثال على ذلك.
وأضاف أن الحاجة إلى الحشد "بوصفه قوة طوارئ" كانت مبررة أثناء الحرب ضد داعش، لكن الواقع الأمني الحالي يتطلب إعادة تقييم دوره.
وتعيد هذه التصريحات فتح ملف الحشد الشعبي، الذي ما زال مثار انقسام سياسي وشعبي داخل العراق؛ فبينما يراه مؤيدوه جزءاً أساسياً من المنظومة الأمنية التي ساهمت في هزيمة داعش، يطالب منتقدوه بإعادة هيكلته أو دمجه بالكامل ضمن القوات النظامية، محذرين من استمرار الميلشيات التي تتحرك خارج سلطة الدولة.
وشهدت الأسابيع الماضية تصاعد الجدل البرلماني حول مشروع قانون جديد ينظم هيكلية الحشد وصلاحياته، وسط ضغوط داخلية وخارجية متباينة، إذ تحذر أطراف غربية من تنامي نفوذ الميليشيات المسلحة.
وتأسس الحشد الشعبي بفتوى من المرجعية الدينية العليا عام 2014 بهدف التصدي لتنظيم "داعش"، قبل أن يُشرع وجوده بقانون أقره البرلمان في 2016.
ومنذ ذلك الحين، تكرر الجدل حول ضرورة ضبط سلاحه، خصوصاً بعد حوادث اشتباك بين ميليشيات منه والقوات الأمنية أو تنفيذ هجمات خارج توجيهات القيادة العامة.
وتطرح بين حين وآخر مبادرات لحله أو دمجه، لكنها تصطدم بمعارضة سياسية قوية من الكتل الممثلة له في البرلمان، فضلاً عن ارتباطات إقليمية تزيد من تعقيد المشهد.