وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
انتهت الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الساعات الماضية بسيطرة اللواء "444 قتال" على منطقة أبو سليم، التي تُعد مركز ثقل جهاز "دعم الاستقرار"، هذا التحول الميداني، الذي رافقه إعلان وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عن "السيطرة على الوضع"، يمهّد لرسم خارطة أمنية جديدة في العاصمة.
وأكدت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة عودة الاستقرار إلى طرابلس، اليوم الثلاثاء، بعد ليلة دامية شهدت مواجهات مسلحة في مناطق متفرقة من المدينة، أعقبت إعلان مقتل رئيس "جهاز دعم الاستقرار"، عبد الغني الككلي، المعروف بـ"غنيوة"، داخل مقر اللواء "444 قتال" التابع لمنطقة طرابلس العسكرية.
غير أن مصادر أمنية تحدثت لـ"إرم نيوز" أكدت أن قوة عسكرية كبيرة وصلت من مدينة مصراتة المجاورة، ولا تزال تتوافد على العاصمة حتى بعد انتهاء الاشتباكات، تحسبًا لأي تطورات محتملة قد تستهدف مجموعات مسلحة أخرى كانت تهيمن على الجهة الغربية من طرابلس.
ووفقًا لهذه المصادر، فإن مصير ميليشيات أخرى أصبح على المحك، من بينها "قوة الردع" التي باتت في وضع شبه محاصر، إضافة إلى ميليشيا معمر الضاوي في منطقة ورشفانة.
ولا يزال الغموض يكتنف سيناريو مقتل الككلي، وإن كانت المعطيات تشير إلى أنه قد تم استدراجه إلى مقر اللواء "444"، حيث تمت تصفيته، بحسب فيديو مسرب، كما تزامن ذلك مع هجمات منسقة على عدة مواقع تابعة لجهاز "دعم الاستقرار"، ما أدى فعليًا إلى انهيار نفوذ هذه القوة، التي كانت تسيطر على مؤسسات مالية حيوية في العاصمة، أبرزها مصرف ليبيا المركزي.
ويشير مراقبون إلى أن التوترات الأمنية بدأت تتصاعد منذ حادثة اختطاف رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للاتصالات القابضة على يد عناصر من جهاز دعم الاستقرار، والذين رفضوا لاحقًا تسليم أنفسهم، ما فاقم من حالة الاحتقان الأمني.
وفي هذا السياق، طرح رئيس حزب "نبض الوطن" الليبي، الحمري الشاوش، تساؤلات حول مستقبل منطقة أبو سليم ووضعها الأمني المرتبط بمصير العاصمة ككل في المدى القريب، محذرًا من احتمال نشوء فراغ أمني بعد انهيار الجهاز الذي كان يفرض سطوته على المنطقة.
وفي تصريح لـ"إرم نيوز"، قال الشاوش إن هناك "مؤشرات غير مطمئنة ظهرت بعد ساعات من حسم المعركة"، مشيرًا إلى مقاطع مصورة توثق أعمال فوضى وسرقات طالت ممتلكات عامة وخاصة.
وأرجع هذه الفوضى إلى "الانهيار السريع والمفاجئ لقوة دعم الاستقرار بعد مقتل قائدها، قبل بدء أي اشتباكات فعلية"، مؤكدًا أن نجاح القوى الجديدة في تأمين منطقة واسعة مثل أبو سليم سيكون محل تقييم ومقارنة على المستويين المحلي والدولي.
أما من ناحية تداعيات هذا التغيير على خارطة القوى في طرابلس، فليس من شك أن فقدان "غنيوة" للسيطرة يفتح المجال أمام إعادة توزيع النفوذ، لا سيما أن الرقعة التي كان يهيمن عليها تضم وزارات حكومية ومقرات شركات ومؤسسات استراتيجية، ما يجعل مهمة تأمينها وإدارتها محط أنظار المتابعين.
وفي هذا السياق، يرى عضو تجمع "فزان" والمحلل السياسي الليبي، وسام عبد الكبير، أن "اللواء 444 قتال" سيكون القوة الرئيسة في منطقة أبو سليم، إلى جانب "القوة 111" و"جهاز الأمن العام".
واعتبر أن الرابحين من هذه التحولات هم حكومة الوحدة الوطنية والقوى المتحالفة معها، خاصة بعد بسط السيطرة على أكبر بلدية في العاصمة من حيث الموقع والمساحة وعدد السكان.
وأوضح عبد الكبير في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن ما جرى عزز من نفوذ حكومة الوحدة الوطنية، ومنحها موقفًا تفاوضيًا قويًا، حيث أصبحت تمتلك السيطرة شبه الكاملة على الملف الأمني في طرابلس.
ورغم نفيه لوجود ترتيبات دولية تقف وراء هذا التغيير، اعتبر عبد الكبير أن ما حدث يندرج ضمن صراع داخلي على مراكز النفوذ في العاصمة، مشيرًا إلى أن النزاع على الشركة القابضة كان شرارة التصعيد.
وأضاف أن الحكومة تستطيع استثمار هذه التحولات لتعزيز موقعها على الساحة الدولية، باعتبارها الطرف الأقوى في المنطقة الغربية، سواء من الناحية العسكرية أم السياسية.