ترامب: حدودنا كانت مفتوحة وتعرضنا للغزو من قبل الملايين
تأتي الشكوى اللبنانية ضد إسرائيل بشأن الجدران الإسمنتية في بلدة يارون، في إطار مواجهة مشروع ذي أبعاد أمنية بحتة، حيث توفر الجدران حماية عالية للجنود والمستوطنين من القنص والصواريخ، وعرقلة أي محاولات تسلل، فضلاً عن دمجهما بتقنيات مراقبة متقدمة تعيق الرصد من الجانب اللبناني.
ويعد اختيار "يارون" مرتبطاً بموقعها الإستراتيجي مقابل تلة مارون الراس والمستوطنات الإسرائيلية القريبة، ما دفع بيروت إلى التحرك دبلوماسياً لحفظ حق لبنان بعد أن قُضم جزء من أراضيه.
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي، سعيد القزح، إن "غاية إسرائيل من بناء الجدار الإسمنتي داخل بلدة يارون هو توفير حماية من النيران والقنص المباشر، خاصة أن ارتفاعه يصل إلى (8 أو 9 أمتار)، ويصل أحياناً إلى 15 متراً بحسب موقع البناء، ما يجعله غطاءً مادياً للجنود الإسرائيليين والمستوطنين ضد نيران القناصة من حزب الله والصواريخ المضادة للدروع القادمة من الجهة اللبنانية، مما يقلل الإصابات في المناطق المكشوفة".
وأضاف القزح لـ"إرم نيوز"، أن "الجدار أيضاً يشكل حاجزاً يمنع ويبطّئ التسلل"، مشيراً إلى أن "تصميمه الخراساني المسلح يجعل عملية اختراقه تأخذ وقتاً طويلاً وتحتاج إلى معدات ثقيلة ستكون مكشوفة مما يجعلها عرضة للاستهداف".
وأوضح الخبير أن "الهدف الآخر من الجدار أنه يوفر منصة للمراقبة والتقنية عبر دمجه بتقنيات مراقبة متقدمة، مثل أبراج مراقبة عالية، وكاميرات عالية الدقة، وأجهزة استشعار حساسة لكشف أي حركة أو حفر أنفاق أو تخريب قريبة منه، فضلاً عن حجب الرؤية البصرية المباشرة عن لبنان مما يحد من قدرة عناصر المراقبة والاستطلاع على رصد مواقع الجيش الإسرائيلي وتحركاته وخططه الدفاعية".
ولفت القزح إلى أن "الغاية من هذه الجدران هي تحقيق أهداف أمنية وعسكرية إسرائيلية أساسية على طول الحدود مع لبنان، أبرزها تعزيز الأمن لسكان المستوطنات، والهدف المعلن والرئيس هو توفير حماية مادية مباشرة للمستوطنات والمواقع الإسرائيلية القريبة من الحدود (مثل المطلة، وأفيفيم)، ومنح شعور بالأمان للسكان المعرضين للتهديدات".
وبيّن أن "اختيار بلدة يارون مرتبط بشكل وثيق بتلة مارون الراس التي تتحكم بمستعمرة أفيفيم كونها أعلى جغرافيا منها وهناك حوالي مسافة تقرب من كلم واحد بينهما وتتميز بأنها أرض سهلية، يسهل التنقل بها إن لم توجد أية عوائق".
وذكر أن "هذا الأمر دفع لبنان للتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن، مشيراً إلى أن بناء الجدار وفق الأمم المتحدة قضم حوالي 4 آلاف متر من الأراضي اللبنانية، حيث تم بناؤه داخل الخط الأزرق من جهة لبنان"، مستبعداً أي رابط بين الجدار ومسألة حزب الله، لأن هدفه فقط حماية المستوطنات والطريق التي تعبرها المركبات الإسرائيلية القريبة من الحدود.
من جانبه، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي، بسام ياسين أن "الشكوى هي فقط لحفظ الحق في مجلس الأمن، لأن الجدار داخل بلدة يارون وفق إعلان الأمم المتحدة يقع داخل الأراضي اللبنانية، والشكوى تأتي في سياق إصدار قرار يلزم إسرائيل بهدم الجدار والعودة للحدود البرية".
وأضاف الرئيس السابق لوفد ترسيم حدود لبنان البحرية لـ"إرم نيوز"، أن "إمكانية تحقيق نتائج من هذه الشكوى وتحرك مجلس الأمن بخصوصها، أمر مستبعد لأن الولايات المتحدة لن ترضى بأي قرار يدين إسرائيل في هذا الموضوع أو غيره".
واستبعد الخبير أن يكون موضوع الجدران الإسمنتية مرتبطاً بموضوع نزع سلاح حزب الله، مشيراً إلى أن الموضوعين مختلفان، ولا يمكن اعتبار هذا الموضوع وسيلة ضغط في مسألة الحزب.
وأشار ياسين إلى أن "إسرائيل تفكر من منطلق أن أي بقعة تضع يدها عليها في لبنان ستأخذها"، معتبراً أن "الجدران تُبنى وحدها ويتم تركيبها في الموقع المراد، وإمكانية هدمها ليست صعبة".
وتابع الخبير حديثه، قائلاً: "إن على لبنان التقدم بشكوى في كل مرة يتم فيها الاعتداء عليه، خاصة أن هناك أكثر من 10 آلاف خرق".
مشيراً إلى أنه "من المفروض أن يكون لبنان قد تقدم بعدد مماثل من الشكاوى للأمم المتحدة ومجلس الأمن لأن السكوت عن الاعتداءات الإسرائيلية لم يعد مقبولاً، ويجب توثيقه ككل، ليس فقط بتقارير من قوات حفظ السلام، وإنما أيضاً من اللجنة الخماسية".
واختتم الخبير حديثه بالتأكيد على أهمية الشكاوى لأنها في النهاية تفضح هذه الاعتداءات بين الدول.