تنذر الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية بتصعيد المواجهة مع قطاعات فلسطينية واسعة، خاصة بعد تسجيل ارتفاع في وتيرة الاستيطان وهجمات المستوطنين على بلدات وقرى فلسطينية.
وبينما يجري التصعيد في الضفة الغربية تحت غطاء الزخم الذي صاحب الحرب في قطاع غزة، تواجه السلطة الفلسطينية والفصائل المسلحة في غزة والضفة الغربية أزمة في التعامل مع التصعيد.
وبهذا السياق، يرى المحلل السياسي حسن لافي، أن التطورات المتسارعة في الضفة الغربية تنذر بانفجار وشيك، في ظل سعي إسرائيل إلى استثمار حرب غزة لفرض وقائع جديدة على الأرض، أبرزها تكريس الضم وشرعنة التوسع الاستيطاني.
وقال لافي في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل تستهدف السيطرة على أكثر من 40% من أراضي الضفة، بما يشمل مناطق ج، وأجزاء من مناطق ب، عبر سياسات ممنهجة لفرض الكانتونات السكانية المعزولة، تمهيدًا لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين".
وأضاف أن "استمرار العنف الاستيطاني قد يُشعل مواجهة شعبية مع المستوطنين والجيش الإسرائيلي، شبيهة بانتفاضة عام 1987، التي اندلعت شرارتها عقب دهس عمال فلسطينيين على حاجز إسرائيلي"، مشيرًا إلى أن الأمر "مسألة وقت" قبل أن تنفجر الضفة.
أما انعكاسات هذا السيناريو على غزة، فيرى لافي أن أي تصعيد في الضفة الغربية سيمنح غزة فرصة لالتقاط الأنفاس بعد عامين من الحرب، وسيعزز من حضور القضية الفلسطينية دوليًا.
وقال إن "التعاطف الشعبي والرسمي العالمي المتزايد مع فلسطين، خاصة بعد حرب غزة، سيشكل رافعة لأي انتفاضة شعبية مرتقبة في الضفة، ما يجعلها تبدأ من نقطة الذروة في التأييد الدولي".
واعتبر لافي أن التصعيد المحتمل في الضفة الغربية لن يؤثر كثيرًا على مسار التفاهمات الجارية بشأن غزة، مرجعًا ذلك إلى حجم الدمار غير المسبوق الذي تعرض له القطاع خلال العامين الماضيين.
وأشار إلى أن "غزة شهدت إبادة شاملة على المستويات المجتمعية والاقتصادية والسياسية، ما يجعل من الصعب في المدى المنظور عودتها كساحة اشتباك أو استعادة معادلات الردع السابقة مع إسرائيل".
بدوره، يرى المحلل السياسي مأمون أبو عامر، أن تصاعد الهجمات الإسرائيلية في الضفة الغربية، يفرض موقفًا فلسطينيًا موحدًا بشكل سريع، مشيرًا إلى أن إسرائيل نجحت في عزل قدرة غزة على التأثير على الوضع في الضفة الغربية.
وقال أبو عامر في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "هناك مشكلة تكمن في اختلاف الرؤية بين الفصائل الفلسطينية وبين السلطة الفلسطينية، التي تنتهج مسارًا سياسيًا مختلفًا، وتعارض الخيار المسلح، ما يخلق مفارقة في آليات المواجهة".
وأكد ضرورة "التقاء كافة القوى الفلسطينية حول رؤية نضالية مشتركة، تُدمج فيها أدوات المقاومة المدنية والخشنة، وفقًا لتطورات الميدان".
وأشار أبو عامر إلى أن غياب هذا التوافق يُبقي العلاقة بين السلطة والفصائل الفلسطينية محكومة بالشك والحساسية المتبادلة، خصوصًا مع خشية السلطة من فقدان السيطرة أو تفجر الأوضاع بشكل لا يمكن احتواءه.
واستدرك بالقول: "لكن النيران باتت تقترب من السلطة نفسها، في ظل المخطط الإسرائيلي الرامي إلى ابتلاع الضفة الغربية وتقويض السلطة"، مؤكدًا أن غياب تحرك سياسي ووطني حقيقي سيجعل من السلطة كيانًا مشلولًا ومحاصرًا في الضفة فقط.
وقال أبو عامر إن "تطورات الضفة الغربية، رغم خطورتها، لا يبدو أنها ستؤثر مباشرة على مسار التفاهمات الجارية في قطاع غزة، لأن حجم العمليات هناك ما زال محدودًا نسبيًا، والجانب الفلسطيني في غزة لا يبادر بالتصعيد خشية العودة إلى حالة الحرب، في ظل الحاجة الماسة للهدوء لإعادة البناء والتقاط الأنفاس".
وأكد أن "إسرائيل نجحت في عزل غزة عن الضفة ميدانيًا، فبينما تستمر في ارتكاب جرائمها في الضفة والقدس، تُبقي غزة تحت ضغط اتفاقيات التهدئة، ما يتيح لها الاستمرار في مشروع التهويد والاستيطان دون مقاومة موحدة، أو ضغط دولي كافٍ".