logo
العالم العربي

رغم التنازلات والتطمينات.. لماذا ترفض واشنطن الاعتراف بالإدارة السورية؟

رغم التنازلات والتطمينات.. لماذا ترفض واشنطن الاعتراف بالإدارة السورية؟
الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرعالمصدر: AFP
30 أبريل 2025، 10:32 ص

واصلت الإدارة الأمريكية ترددها تجاه الاعتراف بالسلطات الجديدة في سوريا، إذ يكاد لا يخلو تصريح رسمي أمريكي من التأكيد أن واشنطن لن تطبع علاقاتها مع دمشق في المدى المنظور، وبالتالي لن ترفع العقوبات عن الحكومة السورية إلا بشروط، وذلك على الرغم من محاولات وجهود حثيثة تبذلها جماعات ضغط سورية أمريكية لإقناع واشنطن بالاعتراف بسلطة دمشق ورفع العقوبات عنها في أقرب وقت.

تصريح جديد للممثلة  الأمريكية بالإنابة لدى الأمم المتحدة في نيويورك دوروثي شيا، أعلنته في منشور على صفحة السفارة الأمريكية في دمشق على موقع "فيسبوك"، تقول فيه إن الشعب السوري يستحق قيادة شفافة وخاضعة للمساءلة وملتزمة التزامًا كاملًا بمستقبل أكثر سلامًا بعد 54 عامًا من الحكم المُدمر في ظل نظام الأسد.

المسؤولة الأمريكية أكدت أن  الولايات المتحدة تواصل مراقبة أفعال وتصرفات السلطات السورية المؤقتة عن كثب. وقالت شيا: "سنُحمّل السلطات السورية المؤقتة مسؤولية الخطوات التالية المتمثلة في نبذ الإرهاب وقمعه تمامًا، واعتماد سياسة عدم الاعتداء على الدول المجاورة، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي مناصب رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والمساعدة في استعادة المواطنين الأمريكيين المختفين في سوريا، وضمان أمن وحريات جميع السوريين".

وفي الواقع، تبدو هذه الشروط "تعجيزية" إلى حد كبير، كما يرى مراقبون لسير العلاقات الأمريكية السورية، ويرجح هؤلاء أن تزداد هذه الشروط وتتناسل حتى لو نفذتها السلطات السورية الحالية.

أخبار ذات علاقة

العلم السوري

الخارجية الأمريكية: لا تطبيع للعلاقات مع سوريا في هذه المرحلة

  قلق أمريكي عميق

ما هي الحقيقة إذا؟ ماذا تريد إدارة  ترامب من سوريا اليوم؟ ولماذا تتردد في دعم السلطات السورية الجديدة أو حتى مجرد الاعتراف بها، بعد الإجراءات التي اتخذتها السلطة السورية، ورغم كل التنازلات والتطمينات التي تقدمها دمشق؟

الباحث السياسي السوري مالك الحافظ يرى أن تردد واشنطن لا يعود فقط إلى طبيعة التنازلات الشكلية أو الآنية التي تُقدّمها السلطة الانتقالية في دمشق، بل يرتبط ببنية هذه السلطة نفسها.

ويقول الحافظ في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن "المرجعية السلفية الجهادية التي قامت عليها السلطة، سواء من حيث الفاعلين الرئيسيين أو من حيث الخطاب والسياسات، تثير قلقًا عميقًا لدى صناع القرار الأمريكيين الذين يَصِلون هذه البنية بخبرات سيئة سابقة مع نماذج سلطوية إسلامية، خصوصًا في ليبيا وأفغانستان.

ويوضح أن التنازلات الظاهرة سواء كانت انفتاحًا دبلوماسيًا جزئيًا أو وعودًا بتقليص العنف لا تُغيّر من جوهر الشكوك الأمريكية المتعلقة بطبيعة هذه السلطة، ومدى التزامها بالقيم التي تُعدّ شرطًا ضمنيًا في السياسة الخارجية الأمريكية للاعتراف والدعم، مثل التعددية، وحقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب بشكل حقيقي لا تكتيكي.

وأضاف الحافظ أن الولايات المتحدة ترى في أي دعم للسلطة الجديدة نوعًا من الشرعنة لمسار غير ناضج سياسيًا، جرى خارج أي تسوية شاملة أو عملية انتقال منظمة برعاية دولية، وهذا يتقاطع مع الرؤية الأمريكية التقليدية بأن أي تغيير سياسي في سوريا يجب أن يكون ناتجًا عن مسار تفاوضي يضمن مصالح حلفاء واشنطن المحليين والإقليميين، وليس عن ديناميات قسرية أو مسارات عسكرية غير قابلة للضبط لاحقًا.

توتر وخشية

المحلل السياسي السوري يشرح موقف واشنطن بالقول إن "الولايات المتحدة تتوتر من عدة عوامل متداخلة، أبرزها، الطابع العقائدي للسلطة الانتقالية؛ حيث يُنظر إلى بروز مرجعية دينية ذات جذور إسلامية باعتباره خطرًا على المدى المتوسط، سواء من حيث تعقيد مشهد مكافحة الإرهاب أو من حيث تهديد استقرار الجوار، لاسيما إسرائيل".

ويضيف الحافظ إليها عامل الهشاشة الأمنية والبنية المليشياوية، فواشنطن تخشى مما تعتبرها تحالفات الأمر الواقع بين فصائل في سوريا، ومن أن تتكرر تجارب مثل أفغانستان ما بعد 2001 أو ليبيا بعد 2011، حيث أدت الهشاشة إلى فوضى مزمنة وتهديدات عابرة للحدود.

أخبار ذات علاقة

أسعد الشيباني

الشيباني يلتقي مسؤولين كباراً في واشنطن لبحث رفع العقوبات عن سوريا

  ويقول الكاتب والباحث السياسي، إن أحداث الساحل ومواقف بعض مكوّنات السلطة من الدروز والمسيحيين وغيرهم، تثير مخاوف أمريكية من تصاعد الهويات الإقصائية والطائفية، خصوصًا أن هذه الملفات تحظى باهتمام خاص في واشنطن، سواء على مستوى الكونغرس أو الخارجية.

 اعتراف أم تشدد؟

في ضوء التطورات الأخيرة، وخصوصًا تصاعد خطاب الكراهية الطائفية، وضعف المساءلة، وتكرار أحداث دموية في الساحل والآن التهديدات الطائفية تجاه الدروز، فإن المزاج العام في واشنطن لا بد أنه يسير نحو الحذر، لا الاعتراف، وفقًا للباحث السوري. 

ويشير إلى أن الإدارة الأمريكية تتبنى حاليًا ما يمكن تسميته بسياسة "المراقبة والاحتواء"، حيث ترفض الاعتراف أو الانخراط المباشر، لكنها لا تسعى كذلك إلى إسقاط السلطة الجديدة أو مواجهتها، بانتظار مزيد من المعطيات على الأرض.

ورغم الضغوط التي تمارسها بعض الدول الحليفة (مثل تركيا وقطر) لدفع  واشنطن نحو نوع من التفاعل الإيجابي، يعتقد الحافظ أن هناك تيارات داخل الكونغرس والبنتاغون ترفض أي تطبيع دبلوماسي مع السلطات السورية الجديدة. وبالتالي، فإن المرجّح أن تواصل واشنطن فرض حالة من الجمود الاستراتيجي تجاه الملف السوري الجديد، وفقًا للباحث السوري مالك الحافظ.

"سلطة مؤقتة"

من جهته، لا يرجح الكاتب والسياسي السوري وليد البني أن تعترف الإدارة الأمريكية قريبًا بالإدارة السورية الجديدة.

ويقول البني في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن كل ما يهم واشنطن أخذ كل ما يمكنها من تنازلات والتفكير في مصالحها في المقام الأول، وفق قوله.

ويرى وليد البني وهو عضو سابق في الائتلاف الوطني السوري أن ثمة حالة واحدة قد تجعل الإدارة الأمريكية تتعامل مع السلطات الجديدة وهي أن تعلن تنازلها عن الجولان نهائيًا وتصبح طيعة لكل ما تطلبه اسرائيل، وفق تقديره.

أخبار ذات علاقة

أسعد الشيباني

الشيباني من الأمم المتحدة: العقوبات تهدد استقرار سوريا

 ولكن هذا الخيار لن يكون بلا ثمن وفقًا للسياسي السوري، فهذا التنازل سيجعل الإدارة الجديدة في مواجهة مباشرة مع قواعدها عامة ومع المقاتلين الأجانب خاصة، حسب قوله.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC