كشف مهندس اغتيال رئيس أركان ميليشيا حزب الله هيثم الطبطبائي تفاصيل جديدة في العملية المعروفة بـ"الجمعة السوداء"، مشيرًا إلى أنه وقيادته تفادوا أخطاء محاولة اغتيال قيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، واعتمدوا على أسلحة أكثر فتكًا في هذه المرة.
ووفقًا للقاء مع صحيفة "معاريف"، قال المقدم (أ)، إن وحدته الاستخباراتية في سلاح الجو كثفت مراقبة هيثم الطبطبائي منذ اغتيال أمين عام ميليشيا "حزب الله" حسن نصر الله، لا سيما في ظل دوره المحوري في التنسيق مع إيران، وقيادة قوة "الرضوان"، وضلوعه الأهم في عمليات إعادة بناء قوة الحزب، الرامية إلى اختراق اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.
وأوضح أن "عملية الاغتيال اعتمدت على استقاء الدروس المستفادة من عمليات سابقة في لبنان، وفهم "فيزياء" القنابل، والخبرة الواسعة في معرفة قدرات "حزب الله"، وما يمكنهم فعله، وما لا يستطيعون حتى استيعابه".
وأضاف مهندس الاغتيال أن وحدته الاستخباراتية أعدت أكثر من سيناريو للتعامل مع الهدف، لكن هذه السيناريوهات ظلت حبيسة الأدراج، حتى صدر الأمر بأحدها بقرار من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد اطلاعه على كافة السيناريوهات المعدة استباقيًا.
وبيّن أنه "على مدار عدة أشهر، عملنا على اغتيال الطبطبائي، حتى تمكنا في نهاية المطاف من وضع تصور لعملية واسعة النطاق. وضعنا في الاعتبار جميع العوامل المتغيرة؛ ولم يكن المبنى المستهدف في العملية غريبًا علينا".
المقدم (أ)، الذي أسمته الصحيفة العبرية أيضًا بـ"الكابتن أ"، كان في الطريق من المنزل إلى وحدته الاستخباراتية، حين تلقى عبر الهاتف بلاغًا بساعة صفر تنفيذ العملية.
ونقلت الصحيفة قوله: "اكتفيت أنا وزملائي بالمراقبة فقط؛ فالجانب التنفيذي أصبح حينئذ في أيدي قيادة سلاح الجو. إنها ساعات بالغة التوتر. انتظر جميعنا نجاح عملية الاغتيال، وتتويج جهودنا الطويلة بخبر إيجابي. من المستحيل أن تهدأ، أو تتفادى الخوف من الأخطاء، يسكن هذا الشعور الأعماق حتى نجاح العملية".
وخرج الطبطبائي من بوتقة الظل بعد ظهر يوم الأحد، ووصل إلى مبنى سكني مكون من 10 طوابق في حي الضاحية الجنوبية ببيروت، واستقر في شقة صغيرة في الطابق الرابع.
وفي تمام الساعة 2:43 مساءً، أطلقت مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي صاروخًا دقيقًا، اخترق جدار إحدى غرف الطابق الرابع، ما أدى إلى مقتل الطبطبائي، دون إلحاق ضرر بالطوابق الأخرى من المبنى، بحسب رواية الضابط الإسرائيلي.
ويبلغ الكابتن (أ) من العمر 23 عامًا فقط، وتحصَّل على بكالوريوس بدرجة امتياز في علم الرياضيات، لكنه اكتسب في وقت قليل للغاية خبرة واسعة في عمليات الاستهداف داخل وخارج إسرائيل.
وكشف عن أنه بعد اغتيال هيثم الطبطبائي، تنشغل وحدته الاستخباراتية حاليًا بوضع سيناريوهات جديدة، لاصطياد الخلفاء المحتملين؛ مشيرًا إلى أن "العمليات المستقبلية لن تكون أصعب أو حتى أدق من اغتيال الطبطبائي"، لا سيما أنه كان شخصية غامضة وحذرة ومريبة؛ فمنذ تعيينه رئيسًا لأركان "حزب الله"، لم يغادر رادارات المؤسسة الاستخباراتية في تل أبيب، ولم يسقط الاهتمام به من جدول الأعمال.
ورأى "الكابتن أ" أن عملية اغتيال الطبطبائي انطوت على أهداف أبعد بكثير من تصفيته، وهى إرسال رسالة مزدوجة إلى "حزب الله" وكذلك الرأي العام الإسرائيلي؛ وبينما تشير الأولى إلى "قدرة إسرائيل على الوصول إلى مستوى عالٍ من قيادة الحزب"، تؤكد الثانية "يقظة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وحرصها على قطع دابر التهديدات في أي مكان".
وأضاف: "نحن جزء من سلسلة طويلة في مشروع ضخم ومتواصل، وبهذه الطريقة نبني قوتنا وقدراتنا التحصيلية. هدفنا هو تحديد العمليات التي يقوم بها العدو ونواياه في التعزيز وتشكيل تهديد".
وفيما يتعلق بوجهة نظره حول "حزب الله"، قال مهندس عملية اغتيال الطبطبائي: "يقوم الحزب على أسس دينية. هناك أفكار وأجندات متأصلة فيه على مر السنين، ولذلك فإن جميع قادته الكبار يحملون نفس البصمة الوراثية تقريبًا"، وفق قوله.
ولفت إلى أنه "من غير المتوقع حدوث أي تغيير في فكر الحزب، حتى مع المبادرات المطروحة لنزع سلاحه، أو إدراجه ضمن المنظومة السياسية اللبنانية".