قدم خبراء لبنانيون سيناريوهات تل أبيب لما بعد اتفاق الهدنة مع لبنان، في ظل خروقات إسرائيل في مناطق الجنوب اللبناني.
ومن أبرز هذه السيناريوهات اتباع إسرائيل سياسة "الأرض المحروقة" في القرى التي تسلمها للجيش اللبناني الذي لا تتوفر لديه الإمكانيات المادية لبناء التمركزات التي تسمح له القيام بدوره، حتى تجدد ذريعة التواجد في هذه القرى على الشريط الحدودي، مع ما يحققه ذلك من تلائم مع مخططاتها التوسعية التي تلتقي من جهة أخرى مع التقدم العسكري الذي جاء مؤخراً داخل سوريا.
وتوقع خبراء ، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، استمرار الخروقات الإسرائيلية للداخل اللبناني، لمدة زمنية قد تصل إلى عامين قادمين، في إطار ما تعمل عليه تل أبيب من فرض السيطرة على الجنوب وتحويله إلى منطقة غير مأهولة.
وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، وصل عدد الخروقات خلال 37 يوماً، 353 خرقاً، صاحبتها عمليات تدمير لقرى في الجنوب اللبناني، في وقت هدمت فيه جرافات الجيش الإسرائيلي منازل في عدد من أحياء بلدة الناقورة.
وتتركز الخروقات الإسرائيلية من خلال غارات على جنوب لبنان، ومرتفعات الريحان، وجبل الزغرين، والمنطقة الواقعة بين زحلتا وجباع، في قضاء جزين فى محافظة الجنوب، ومنطقة البريج عند الأطراف الشمالية لمنطقة إقليم التفاح.
ويؤكد الباحث السياسي اللبناني، داني سركيس، أن إسرائيل لن تتوقف عن استمرار خروقاتها الجوية بهدف مراقبة أي وجود عسكري لـ"حزب الله" في الجنوب، واستغلال الأمر من جهتها أيضاً في القيام بخروقات بحرية.
ورجح سركيس أن استمرار هذه الخروقات لمدة زمنية قد تصل إلى عامين، في إطار ما تعمل عليه تل أبيب من فرض السيطرة على الجنوب وتحويله إلى منطقة غير مأهولة، بغرض التأكد من إنهاء أي وجود أو عودة لـ"حزب الله" مرة أخرى إلى جنوب نهر الليطاني أو حتى إعادة بناء ترسانة الصواريخ التي كانت متواجدة في شمال الليطاني، لصالح الميليشيا اللبنانية.
وأشار "سركيس" إلى أن إسرائيل تستهدف عدم وجود الجيش اللبناني في القرى التي من المقرر تسليمها، وذلك عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة في هذه القرى؛ ما يجعل إسرائيل حاضرة فيها جواً عبر الطلعات، وفتح الطريق بعد انقضاء الهدنة في الأشهر المقبلة، للتواجد فيها عبر ذرائع أمنية مجدداً.
واستكمل "سركيس" بأن هناك مخاوف قائمة من نوعية الخروقات لاسيما البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي وما ينتج عن ذلك من مواجهة مع الجيش اللبناني في بعض المناطق على الشريط الحدودي، في ظل تعليمات لعناصر الجيش اللبناني من قيادته، بعدم الانسياق وراء أي استفزاز إسرائيلي.
فيما استبعد المحلل السياسي اللبناني سامر عراوي، الانسحاب الإسرائيلي من قرى بالجنوب اللبناني، موضحاً أن هناك خروقات متجددة يتم العمل عليها، بحجج وذرائع لم يتم تحديدها حتى للوسطاء والضامنين للاتفاق من جانب تل أبيب، في ظل عدم تسليم القرى المتفق عليها بشكل كامل، لقوات الجيش اللبناني، كما هو متفق.
وأوضح "عراوي" أن الجيش اللبناني يتسلم قرى مدمرة تتطلب بناء تمركزات له حتى يقوم بدوره، وهو الأمر الذي لا تتوفر له الميزانية اللازمة، ما ينتج عنه عودة القوات الإسرائيلية لتلك القرى التي تركتها "مهدومة"، بحجة الحفاظ على أمنها في ظل عدم تواجد الجيش اللبناني.
وأضاف أن الخروقات الجوية الإسرائيلية لن تتوقف وستستمر في استهداف قرى، لتصبح مناطق الجنوب مسيطراً عليها جوياً؛ ما يمهد في المستقبل لعمليات عسكرية برية يتم على أثرها احتلال مناطق استراتيجية في الداخل اللبناني.
وأردف "عراوي" أن إسرائيل ستستغل هذه الفرصة التي خططت لها في إطار مخططاتها التوسعية التي تتلاءم من جهة أخرى مع التقدم العسكري الذي حققته مؤخراً داخل سوريا.