مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
يرى خبراء أن فرض الولايات المتحدة تمديد عمل قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل" لولاية أخيرة، تنتهي في أغسطس/ آب عام 2026، يحمل في طياته طريقا آخر لإرغام بيروت على إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، خاصة في ظل المفاوضات التي تطورت مؤخرا إلى مستوى مدن مع تل أبيب ضمن "لجنة الميكانيزم".
ويأتي هذا الإرغام في سياق التساؤل عن الجهة التي ستملأ الفراغ على الحدود، والناتج عن مغادرة قوات "اليونيفيل"، التي كانت تتولى المراقبة الحدودية بين لبنان وإسرائيل. حيث من المقرر أن تبدأ القوات بتفكيك منشآتها في يونيو/ حزيران المقبل وتغادر المنطقة بعد 47 عاما من التواجد.
وبحسب مصدر حكومي لبناني، فإن ملء فراغ "اليونيفيل" يكون مع انتشار الجيش اللبناني بطول الحدود وتواجد قوات دولية أو أممية من الدول المشاركة في قوات الطوارئ حاليا، وذلك بعد إبداء بلدان استعدادها إبقاء قواتها أو جزء منها في الجنوب، وهو ما ترحّب به بيروت.
وأوضح المصدر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن مع انتهاء عمل "اليونيفيل" على الحدود بين إسرائيل ولبنان، تعمل على جعل الأخير أمام مسار التطبيع وذلك عبر اتفاقيات رسمية مع إسرائيل لترسيم الحدود البرية وعدم الاعتداء بين الطرفين، حتى يستطيع الجيش اللبناني القيام بمهامه كاملة.
وبيّن المصدر، أن هناك معطياً غير مرئي، بوضع لبنان أمام خيار وحيد وهو الاتفاق مع إسرائيل، موضحا أنه عند القول لقوات "اليونيفيل" إن مهمتهم انتهت، فهذا يعني أن الحدود لم يعد لها ضابط إيقاع.
وأضاف المصدر، أن هذا المشهد يترتب عليه وضع بيروت أمام طريق التفاوض مع إسرائيل للوصول إلى ما يشبه اتفاق الهدنة كما جرى 1949 أو اتفاق سلام "تطبيع" ينهي الأزمات اللاحقة ومن ثم تذهب واشنطن إلى هذا الأمر، بالمزيد من الضغط على الجانب اللبناني.
وبدوره، يؤكد المنسق السابق للحكومة اللبنانية مع قوات "اليونيفيل"، العميد منير شحادة، أن التمديد الأخير والنهائي لبعثة الطوارئ الدولية يضع مسؤولية كبيرة على القوات المسلحة اللبنانية. وتأتي هذه المسؤولية في وقت تواجه فيه القوات المسلحة نقصا في الجنود؛ مما استلزم تعويضه بتطويع عناصر جديدة. وقد تم حتى الآن تأمين 9 آلاف عسكري من أصل 10 آلاف هي إجمالي القوات التي يحتاجها الجيش في منطقة جنوب الليطاني.
وأضاف شحادة في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الجيش اللبناني يستطيع أن يحل مكان قوات الطوارئ الدولية ولكن إسرائيل تعرقل قيامه بمهام "اليونيفيل" في جنوب الليطاني حتى بوجود البعثة الدولية، وذلك في إطار ما تقوم به تل أبيب من انفلات من كل الضوابط اعتبارا من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حيث لا تعير أي اهتمام للقوانين أو القرارات الدولية".
واعتبر شحادة أن الأزمة ليست في قدرة الجيش اللبناني ومن يحل مكان قوات الطوارئ الدولية، ولكن مدى سماح إسرائيل للقوات المسلحة اللبنانية بالقيام بدورها في تلك المنطقة لضبط الأمن مع العلم أنه بالرغم القدرات المحدودة التي يمتلكها الجيش اللبناني يستطيع ضبط الأمن والحفاظ على تنفيذ قرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار شريطة أن لا تعرقل إسرائيل ذلك.
واستكمل شحادة، أن "الأزمة ليست متعلقة بقدرات الجيش اللبناني الجاهز للمهمة ومن سيحل مكان "اليونيفيل"، ولكن المشكلة في إسرائيل التي تعربد في كل المنطقة بضوء أخضر أمريكي ولا تهتم بأي قرارات دولية".
وأشار شحادة إلى أن من المتوقع أن يكون هناك فراغ بعد رحيل قوات الطوارئ الدولية. ولكنه أضاف أن هناك أحاديث عن إمكانية تمديد عملها قبل انتهاء المهمة في أغسطس/آب 2026. ويتعلق هذا التمديد بشروط، أهمها أن يسمح لبنان بتغيير بروتوكول عمل "اليونيفيل"، بما يمنح قواتها حرية حركة أكبر، ويخوّلها الحق في الدخول إلى المنازل والقيام بعمليات تفتيش في الجنوب، وهو ما يتطلب موافقة مباشرة من بيروت.
فيما يقول الباحث السياسي اللبناني، قاسم يوسف، إن انتهاء وجود "اليونيفيل" يعد ورطة كبيرة بالمعنى الأمني والعسكري على اعتبار أن وجود هذه القوات ومن جنسيات متعددة وتحديدا أوروبية يعطي عينا للعالم على ما يجري على الحدود من إسرائيل، وبالتالي هم بمثابة عامل لمحاولة ضمان بشكل أو آخر للاستقرار في الجنوب.
وأوضح يوسف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "اليونيفيل" ليست مسألة أمنية وعسكرية فحسب، بل هي أيضا اجتماعية وسياسية وحتى اقتصادية، لافتا إلى أن هذه القوات تعمل في الجنوب وتشارك بتمويل نشاطات كبيرة وضخّت عشرات الملايين من الدولارات في ذلك عبر مشاريع مهمة بالإضافة إلى شرائهم الاحتياجات في تلك المنطقة؛ ما شكل حركة اقتصادية، مشيرا إلى أن أهالي قرى الشريط الحدودي في لبنان بات لديهم مدخول ثابت من هذه القوات، وبالتالي إنهاء عملها سيكون له انعكاس سلبي اقتصادي واجتماعي بجانب النواحي العسكرية والأمنية والسياسية.
وتحدث يوسف عن أن هناك حذرا وترقبا في لبنان لهذه المرحلة، في وقت ترى فيه الولايات المتحدة وإسرائيل أن وجود هذه القوات غير مجد في ظل حديث واشنطن بشكل واضح أن ميليشيا حزب الله كان يبني الانفاق على مقربة من "اليونيفيل" وتحت أنظارها ولم يستطيعوا فعل شيء، وأن عمل تلك القوات لم يخرج عن إطار تسجيل الخروقات من الجانبين وليس لديهم قدرة على القيام بأي شيء يمنعها.
ويعتقد يوسف أن الكلمة الأمريكية حاضرة في قرار عمل "اليونيفيل"؛ لأن واشنطن تقدم 51% من تمويل هذه القوات، وبالتالي يرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن ليس هناك فائدة لوجود نوعية هذه القوات التي يتم الإنفاق عليها سنويا من دون نتيجة.
واستكمل بالقول، إن الجيش اللبناني يحتاج إلى استقرار بنزع السلاح والوجود على الخط الأزرق واتفاق يرعاه المجتمع الدولي والعربي ليكون حاضرا في المواقع التي استولى عليها من ميليشيا حزب الله، وسيكون موجودا فيها بغطاء يمنع الخرق من الجانب الإسرائيلي.