تواجه خطوة إنشاء القوة الدولية في قطاع غزة واقعا معقدا يتشابك مع تحديات تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع.
وتصطدم هذه الخطوة باشتراطات نتيجة تفسيرات مختلفة لطبيعة مهامها لدى كل من حركة حماس وإسرائيل وحتى الولايات المتحدة التي تعمل على الحشد لهذه الخطوة وتطبيقها.
وانعكس هذا التفسير المختلف على قبول دول العالم إرسال جنود ضمن هذه القوة، كما يهدد هذا الواقع بإفراغ القوة من مضمونها وأهدافها وقدرتها على إحداث تأثير على الأرض.
ويرى المحلل السياسي أحمد الطناني، أن الولايات المتحدة تبحث عن نموذج جديد لعمل هذه القوة يمزج بين ما تطلبه حركة حماس وإسرائيل، لإنجاز إدارة المرحلة الانتقالية في اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال الطناني لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل تسعى لأن تكون هذه القوة ذات أنياب، ولكن وفق منظورها الخاص، أي أن تتحول إلى قوة بديلة تتولى مهمة تفكيك البنية العسكرية في غزة، والعمل على فرض وقائع تضمن تحييدها سياسيا وأمنيا".
وأوضح أن "حركة حماس تريد ألا تتحول هذه القوة إلى أداة احتكاك مع الجمهور الفلسطيني، بينما تسعى إسرائيل لأن تعمل هذه القوة ضمن مهام قريبة من مهام جيشها، كجزء من محاولة ضبط غزة وفق رؤيتها الأمنية".
وأضاف الطناني، أن "وجود أنياب وصلاحيات إنفاذ فعلية للقوة الدولية، بما يعني قدرتها على فرض وقائع على الأرض، قد يجعل بقاءها في قطاع غزة أمرا قصير الأمد؛ لأنها ستتحول إلى قوة اشتباك أو مواجهة مع الشعب الفلسطيني، وبالتالي ستنحرف عن هدفها الأساسي".
وأوضح أن "تعدد المقاربات بشأن وظيفة هذه القوة سينتج عنه نموذج جديد تحاول الولايات المتحدة فرضه على الأطراف كافة، بحيث تتولى القوة الدولية إدارة المرحلة الانتقالية بين انسحاب الجيش الإسرائيلي وتسلّم القوى الفلسطينية المحلية للمسؤولية، دون أن تكون في مواجهة مع الشعب الفلسطيني، خاصة وأن وجودها يمثل مطلبا عربيا لضمان الاستقرار".
ويرى المحلل السياسي إياد جودة أن طرح فكرة نشر قوة دولية في قطاع غزة يُمثّل "مشروعا تكتيكيا لا استراتيجيا" بالنسبة للولايات المتحدة، مؤكداً أن التعاطي مع هذا الطرح لا يعكس توجهاً لحل سياسي شامل، بل يندرج ضمن ترتيبات مؤقتة لوقف الحرب.
وقال جودة لـ"إرم نيوز"، إن "إسرائيل تعتبر غزة ملفا استراتيجيا؛ ما يجعل فرص الذهاب نحو تسوية حقيقية في المدى القريب مستبعدة تماما، ولو كانت هناك نية لحل سياسي فعلي، لكان الحديث عن قوة دولية تكون جزءا من إطار أشمل، لكن ما يجري حاليا لا يتعدى محاولات تهدئة ظرفية".
وأضاف، أن "مسألة القوة الدولية لا تزال مرنة وقابلة للتعديل، وأن دخول القوة الدولية في مطلع العام الجديد لا يزال موضع شك"، مرجحاً أن ذلك لن يتم إلا في حال التوصل إلى اتفاق كبير حول من سيحكم غزة، والتفاهم على ملف نزع سلاح الفصائل الفلسطينية.
وأوضح جودة أنه "في حال تحقق ترتيب يرضي الأطراف كافة – سواء السلطة أو حركة حماس أو المستوى الدولي – يمكن حينها السماح بدخول هذه القوة".
لكنه شدد على أن "بقاء سلاح حركة حماس يشكّل عقبة رئيسة؛ لأن الدول المشاركة في القوة ترفض العمل في بيئة قد تُعرضها للاصطدام المباشر مع الحركة".
وقال جودة، إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول دفع إسرائيل نحو المرحلة الثانية من الاتفاق دون انتظار استكمال كل الشروط، لكن ذلك لا يزال يتحرك في إطار خطوات تكتيكية، وليست استراتيجية حاسمة".