تتمسك حركة حماس بضرورة التزام إسرائيل بكل ما جاء في مرحلة اتفاق التهدئة، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ ما يهدد بانفجار الأوضاع الأمنية في القطاع من جديد.
وتزيد سياسة "حافة الهاوية" التي تنتهجها في التعامل مع تعاطي إسرائيل مع استحقاقات الاتفاق من تعقيد الدخول في المرحلة الثانية التي دخلت مخاضا عسيرا بين انتقائية إسرائيل في تنفيذ استحقاقاتها، وقدرة حماس رغم ضعفها على عرقلة ما يستوجبه تطبيق الاتفاق في غزة.
وقال المحلل السياسي عماد عواد إن ربط حماس تأخر الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة بعدم التزام إسرائيل بالمرحلة الأولى، يُعد "شكلاً من أشكال الضغط حتى حافة الانفجار، وليس سعيا لتفجير الأوضاع فعليا".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "الواقع الإنساني في القطاع يدفع العديد من الفصائل للتركيز على تحسين الأوضاع، وأن الضغط الممارس هدفه دفع إسرائيل لاحترام الاتفاق، خاصة في ظل رغبة أمريكية واضحة للانتقال إلى المرحلة التالية".
ولفت إلى أن "حماس تمارس ضغطا دبلوماسيا لتحريك الوسطاء ودفع واشنطن للضغط على إسرائيل للالتزام"، مؤكدا أن تفجير الاتفاق سيقود إلى كارثة إنسانية وسياسية في غزة.
وأشار عواد إلى أن كل المؤشرات تفيد بأن الإدارة الأمريكية معنية فعليا بالانتقال إلى المرحلة الثانية، خاصة مع اقتراب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى واشنطن، موضحا أن ما يحدث هو ضغط دبلوماسي وليس نية لإنهاء الاتفاق.
وتابع أن "إسرائيل تتبع استراتيجية التعطيل لكل الملفات، حيث تؤخر وتماطل لتفادي الدخول في المرحلة الثانية التي تتضمن استحقاقات سياسية وأمنية قد تكون غير مريحة لها، لا سيما في عام انتخابي".
وأوضح أن "هذه الاستراتيجية الإسرائيلية مرهونة بالموقف الأمريكي، فإذا ضغطت الولايات المتحدة بجدية على إسرائيل فلن تستطيع الأخيرة المماطلة لفترة طويلة، أما إذا تهاونت واشنطن وتفهمت المماطلة الإسرائيلية، فمن المتوقع ألا يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية قريباً".
وختم بالقول: "لا أرى أن هناك انفجاراً وشيكاً، بل استمرار حالة الضغط، وربما يمتد هذا الوضع حتى ربيع العام المقبل".
ويرى المحلل السياسي يونس الزريعي أن إسرائيل لم تلتزم فعلياً بتطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق، لكن تصريحات حماس الأخيرة جاءت في توقيت حساس تزامن مع حديث أمريكي عن قرب انطلاق المرحلة الثانية، وهو ما اعتبره إشارة سياسية واضحة.
وقال لـ"إرم نيوز": "حماس لا ترغب في الذهاب إلى مسار يتعلّق بنزع سلاحها، فهذه النقطة تمثّل جوهر القلق لديها، بينما تُعد من البنود الجوهرية التي وضعتها إسرائيل كهدف من أهداف الحرب".
وأشار الزريعي إلى أن "الطرفين – إسرائيل وحماس – لا يملكان فعليا تحديد موعد انطلاق المرحلة الثانية"، مضيفا أن الولايات المتحدة قد تشرع في تنفيذ الاتفاق بشكل منفرد، خاصة ما يتعلق بإدخال قوة دولية إلى قطاع غزة.
وأضاف: "نزع سلاح حماس لن يتم دون وجود قوة دولية فاعلة على الأرض، وهو ما يجعل تنفيذ هذا البند مرهونا بخطوة خارجية تقودها واشنطن".
وقال إن "الولايات المتحدة معنية فعليا بالدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ورغم التصريحات عن حركة حماس وإسرائيل الخارجة عن الاتفاق، إلا أن الطرفين وقّعا على اتفاق واضح، لكن التصريحات السياسية الحالية تعكس تموضعات تفاوضية لا أكثر".
ويعتقد الزريعي أن الحديث الإسرائيلي عن الإبقاء على "الخط الأصفر" كفاصل دائم، وكذلك تصريحات حماس الرافضة لأي تحركات ميدانية إسرائيلية، ما هي إلا "رسائل تفاوضية".
وأضاف: "لكن لا أحد منهما يملك القدرة على تعطيل مسار الاتفاق في حال قررت واشنطن المضي قدما".
وقال إن مواقف حماس الأخيرة، خاصة ما صدر عن قياداتها في الخارج، تأتي في سياق مخاطبة الرأي العام ومحاولة تحسين شروط التفاوض، مشيراً إلى أن "الحركة في الجوهر وافقت على مجمل بنود الاتفاق، بما فيها نزع السلاح، لكن بشروط وتعزيزات تضمن عدم استفراد إسرائيل بالمشهد".