حذرت قوى فلسطينية من انزلاق قطاع غزة إلى حرب أهلية داخلية، على خلفية حملات أمنية واسعة بدأت حركة حماس بتنفيذها في القطاع عقب اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار، الذي تم بناءً على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبدأت أجهزة الأمن التابعة لحماس ومسلحون من الحركة عمليات مداهمات واشتباكات مع عناصر مسلحة في أكثر من منطقة من قطاع غزة، ضمن حملة قالت إنها تهدف إلى استعادة النظام والقضاء على مظاهر الفوضى.
وترافق مع هذه الحملة اشتباكات دامية مع عائلة دغمش في مدينة غزة، وتنفيذ حملات إعدام جماعية في أماكن عامة، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو تم توثيقها من القطاع.
وفي الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من الزج بقطاع غزة في أتون حرب أهلية بعد توقف الحرب الإسرائيلية على القطاع، ترى أطراف أخرى أن الإجراءات الأمنية ضرورية للقضاء على ظواهر أفرزتها الحرب.
ومن بين هذه الظواهر تشكيل ميليشيات مسلحة في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، وعمليات سلب وقتل ونهب في أكثر من منطقة داخل القطاع.
وحذر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض، من الانزلاق إلى حرب أهلية، معتبرًا أن الحجج التي تقدمها حماس لعمليات القتل "واهية" وفق تعبيره.
وقال العوض عبر صفحته على فيسبوك: "أوقفوا جرائم القتل والإعدامات الميدانية خارج القانون تحت حجج واهية، إن استمرارها يمثل امتدادًا للإبادة بثوب جديد ووصفة لحرب أهلية قاتلة".
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، توفيق الطيراوي، إن "ما تقوم به بعض الأطراف والمجموعات المسلحة من إجراءات ميدانية قد يجرّ الشعب الفلسطيني إلى أتون صراع داخلي يهدد السلم الأهلي".
وأضاف الطيراوي في بيان له أن "هذه الأحداث تعيد إلى الأذهان مشاهد مؤلمة من الانقسام الذي ما زلنا نعاني من تبعاته حتى اليوم".
وتابع: "شعبنا في قطاع غزة لم يلتقط أنفاسه بعد من حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ولم يضمد جراحه، فكيف يجوز أن يُفتح عليه جرح جديد بأيد فلسطينية".
ودعا الطيراوي إلى التمسك بالقانون والنظام، وتجنب التعامل بـ"لغة الانتقام" و"استعراض القوة"، مطالبًا بوقف "الإجراءات التي تهدد السلم الداخلي فورًا، والانخراط في حوار وطني يرسخ الالتزام بالقانون الفلسطيني".
من جانبه، قال رئيس الهيئة العليا للعشائر الفلسطينية في غزة، حسني المغني، إن "ما جرى أحداث ضرورية من أجل استعادة هيبة النظام والسلم المجتمعي"، وفق قوله.
وأضاف المغني، لـ"إرم نيوز" أن ما سماها "الزمرة الفاسدة التي جرى التعامل معها كانت قد استباحت غزة في ظل غياب القانون والرقابة، وكانت تتصرف بحماية من إسرائيل، وارتكبت جرائم قتل وسرقة ونهب".
وتابع: "العائلات الفلسطينية كانت في حالة احتقان شديد تجاه تلك التصرفات، وأن ضبط هؤلاء ومعاقبتهم خطوة في اتجاه استعادة هيبة النظام والسلم المجتمعي".
وقال إن "ما ارتكبه بعض المجرمين من سرقات وقتل ونهب واعتداء على أرزاق الناس، خصوصًا في أوقات المجاعة، أشعل فتنة داخلية خطيرة، وكان يمكن أن تقود إلى حرب أهلية".
وأشار إلى حرص إسرائيل خلال الحرب على إشاعة الفوضى في قطاع غزة عبر إطلاق يد مجموعات مسلحة في بعض مناطق القطاع.
من جانبه، قال رئيس التجمع الوطني للقبائل والعشائر في قطاع غزة، علاء الدين العكلوك، إن "أفرادًا من بعض العائلات الغزية خرجوا عن الإطار العشائري والسلوك الوطني، عبر ارتكاب تعديات خطيرة على الممتلكات العامة والخاصة، وعلى المواطنين أنفسهم".
وأضاف في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "هؤلاء الأفراد تجاوزوا كل الأعراف والقيم المجتمعية، بل وصل الأمر بالبعض إلى التعاون مع إسرائيل، ما استدعى تحركًا أمنيًا حاسمًا من الجهات المختصة لضبط الحالة ومنع تدهور السلم الأهلي".
وقال العكلوك إن "المجتمع الغزي بات ينظر إلى وقف الحرب بتفاؤل مشوب بالألم"، آملاً أن "يكون مقدمة لاستعادة الأمن والاستقرار".