حوّل الاستهداف الإسرائيلي لـ"مقهى الباقة"، الواقع على شاطئ بحر مدينة غزة قرب منطقة الميناء، المكان من فسحة للحياة بالنسبة للسكان إلى ساحة للموت، بعد أن أدى القصف لمقتل وإصابة العشرات من المتنزهين على شاطئ البحر.
وأدى القصف الإسرائيلي للمقهى إلى مقتل 24 فلسطينيًا وإصابة العشرات، جميعهم من النازحين الذين فروا من القصف المستمر على القطاع، إلى جانب عدد من الصحفيين الذين يعملون على توثيق معاناة السكان ويبحثون عن إشارات اتصال للإنترنت.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها الجيش الإسرائيلي المقاهي والاستراحات الخاصة في غزة، فقد سبق أن أقدم على قصف عدد من المطاعم والأماكن الترفيهية التي عادت للعمل خلال فترة وقف إطلاق النار التي جرى التوصل إليها مطلع العام الجاري.
صوت مفاجئ
يقول المسن خالد كلاب إنه "كان جالسًا رفقة زوجته عندما فوجئ بصوت قوي للغاية داخل مقهى الباقة"، مشيرًا إلى أنه لم يكن يتصور للحظة واحدة أن الصوت هو قصف إسرائيلي للمقهى، أدى إلى تدمير جميع محتوياته.
وأوضح كلاب، لـ"إرم نيوز"، أنه "بصعوبة بالغة اقنع زوجته بالذهاب للمقهى من أجل شرب بعض القهوة والتفريج عن أنفسهم من أعباء وهموم الحرب"، لافتًا إلى أن هذه الفكرة كلفته حياة زوجته التي قُتلت في القصف الإسرائيلي.
وأضاف: "أصبت بجراح مختلفة وبترت قدمي، ولم أكن أتخيل أن يقدم الاحتلال على قصف المكان، خاصة أنه للمدنيين ومكشوف للزوارق الحربية الإسرائيلية، ما يعني أنه لا يمكن أن يكون هدفًا عسكريًا تحت أي ظرف كان".
قتل مظاهر الحياة
وقالت خلود الجماصي، إحدى الناجيات من قصف المقهى، إن "الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل مظاهر الحياة في مختلف أنحاء غزة"، مشددة على أن قصف المقهى يأتي في إطار حرمان الفلسطينيين من أي متنفس للحياة.
وأوضحت الجماصي، لـ"إرم نيوز"، أنها "كانت شاهدة على تناثر الأشلاء وصرخات المصابين في المقهى، الذي سبقه مشهد اعتيادي لنازحين يهربون من هموم الحرب للحظات قليلة"، مؤكدة أنه لا يوجد أي مظهر يشي بإمكانية قصف إسرائيل للمقهى.
وزادت: "عشنا لحظات من الرعب والخوف الشديدين، ولا أفكر مطلقًا بالذهاب لأي استراحة أو مقهى، فأنا أفضل الموت في المكان الذي نزحت إليه على أن أموت كجثة مجهولة في مكان آخر"، معتبرة ما يحدث بمثابة جريمة بحق سكان القطاع.
من أحلام لكوابيس
وفي شهادتها المؤلمة، تقول سهى عبدالله إنها "كانت تجلس مع خطيبها في المقهى لحظة القصف الإسرائيلي وكانا يتبادلان أطراف الحديث عن حياتهما ومستقبلهما والزواج"، متابعة: "القصف حوّل الأحلام إلى كوابيس".
وبينت عبدالله، لـ"إرم نيوز"، أن "خطيبها قُتل بشظية إسرائيلية على الرغم من ابتعاده عدة أمتار عن مكان القصف"، لافتة إلى أن جميع المتواجدين في المكان شبان عاديون وعائلات ومتزوجون لا علاقة لهم بأي عمل عسكري.
واستكملت تقول: "الاحتلال يتعمد هدم أحلامنا وأفكارنا، كما أنه يستهدف مثل هذه الأماكن لحرماننا من اللحظات السعيدة"، قائلة: "دمر الاحتلال في السابق ذكرياتنا واليوم يعمل على تدمير حاضرنا ومستقبلنا لدفعنا للهجرة من غزة".