رأى خبراء أن تحذير الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في السويداء من أي تحرك عسكري حكومي، يعكس تصاعد التوتر بين الطرفين، في ظل غياب أي توافق فعلي.
ويأتي تحذير شيخ العقل الدرزي حكمت الهجري في وقت بالغ الحساسية، وسط مخاوف من محاولات استمالة فصائل محلية وشق الصف الداخلي.
في هذا السياق، قالت الكاتبة والباحثة السياسية ميس الكريدي، إن "الهجري مارس خلال السنوات الماضية أداء سياسيا بارزا إلى جانب مهامه الروحية والدينية، ما جعله يشكّل حالة من الترابط الداخلي في السويداء، وأسّس لوحدة خاصة بين أبناء الطائفة الدرزية في سوريا".
هذه الحالة، وفق الكريدي، "جعلت من السويداء وطائفتها خارج إطار التجاذبات الإقليمية، وأعطتهم القدرة على إنتاج قرار مستقل، بعيداً عن التأثيرات الخارجية، ما أسهم في حماية خصوصيتهم الوطنية".
وأضافت لـ "إرم نيوز"، أن "الهجري استطاع أن يحافظ على توازن في أدائه مع القيادات الروحية للطائفة في المنطقة، ما أكسبه احتراماً واسعا".
وفيما يتعلق بالتحركات الحالية من قبل الحكومة السورية الجديدة، رأت الكريدي أن "هناك سلوكاً مقلقاً يعتبره أبناء الطائفة محاولة لاختبار صبرهم".
وأشارت إلى أن "الحكومة تحاول استمالة بعض الفصائل داخل المحافظة؛ ما يثير قلقاً عميقاً في أوساط الدروز".
ولفتت إلى أن "أبناء السويداء دأبوا على اتخاذ قراراتهم بصورة مستقلة، بعيداً عن أساليب الضغط والتدخل".
من جانبه، رأى الناشط الحقوقي سليمان الكفيري أن "جذور الأزمة الحالية تعود إلى الإعلان الدستوري الذي لم يلبِّ تطلعات السوريين في بناء دولة المواطنة"، مشيراً إلى أن الخطوات التي تتخذها الحكومة حتى اللحظة "لم تُنتج الثقة الكافية" لتحقيق السلام والأمان في عموم البلاد.
وأضاف الكفيري لـ "إرم نيوز" أن "هناك حاجة ملحّة للتمييز بين رغبة الشعب السوري ببناء دولة تمثله بكامل مكوناته، وبين أداء السلطة السياسية الحالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التي قد تنجح في ملفات وتفشل في أخرى، لكنها لا تزال تثير الريبة لدى السوريين، خاصة في ظل عدم وجود مؤشرات فعلية على التغيير أو الانفتاح الحقيقي".
وأشار إلى أن "سوريا تمر بمرحلة دقيقة وحساسة على المستويين الأمني والسياسي، في ظل تجاذبات دولية وإقليمية متصاعدة، ما يفرض على جميع الأطراف تبني خطاب وطني جامع بعيدا عن الإقصاء، إذا كانت هناك فعلاً رغبة في النهوض بالبلاد".
واعتبر الكفيري أن "السويداء، كغيرها من المدن السورية، تطمح إلى الأمن والاستقرار بعد أكثر من 14 عاماً على الحرب، وترفض أي محاولات لشق صفوفها الداخلية، لأن السوريين، بمختلف أطيافهم، لم يعودوا يحتملون مزيدًا من الانقسام أو العبث بمصيرهم الوطني".