أنهى الجيش الإسرائيلي تركيب الكتل الخرسانية الصفراء على طول 62 كيلومترًا في المنطقة التي يسيطر عليها من قطاع غزة.
وحوّلت هذه الكتل، "الخط الأصفر" الذي وُلد كخط هدنة مؤقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2025 إلى حدود دائمة تفصل غزة إلى قسمين.
ومع استمرار سيطرة إسرائيل على نحو 58% من قطاع غزة الواقعة خلف الخط الأصفر، فإنها تكرر سيناريو "الخط الأخضر" الذي تم تحديده كخط هدنة عام 1949 للفصل بين الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1948 والأراضي عام 1967.
وتصاعدت المخاوف من تحويل الخط الأصفر إلى خط أخضر، مع التصريحات الإسرائيلية التي تؤكد أن هذا الخط يشكل الحد الفاصل الجديد للحدود الأمنية الدائمة في قطاع غزة، ولن يتم السماح بعودة أي فلسطيني إلى المناطق التي يحتلها وراء هذه الحدود.
ويرى خبراء أن "الخط الأصفر"، الذي رسمته إسرائيل كحد مؤقت لوقف إطلاق النار، يتحول تدريجيًا إلى "خط أخضر" دائم يشبه الحدود التي كرستها إسرائيل في 1948-1949، ما يعني تقسيمًا دائمًا للقطاع تحت غطاء هدنة.
ووصف الخبراء في حديث مع "إرم نيوز" ما يحدث في غزة بأنه «نكبة ثانية مكتملة الأركان» على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، تمامًا كما حدث في العام 1948.
وقال المحلل السياسي ياسين الدويش، إن "إسرائيل نجحت خلال 38 يومًا فقط من سريان الهدنة في تحويل خط هدنة مؤقت إلى خط أخضر جديد، تمامًا كما نجحت خلال أشهر قليلة بعد 1948 في تحويل خط الهدنة إلى حدود معترف بها دوليًا".
ويرى المحلل الدويش في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "استكمال الجيش الإسرائيلي وضع الكتل الخرسانية الصفراء الضخمة على طول الخط الأصفر الذي رسم في خرائط هدنة أكتوبر/ تشرين الأول 2025، عزز حقيقة أن التقسيم الفعلي لغزة أصبح أمرًا واقعًا لا رجعة فيه حتى الآن".
وأشار إلى المعلومات المتداولة عن تخصيص إسرائيل نحو 4 مليارات شيكل في ميزانية 2026 لما يسمى بـ"تثبيت الخط الأصفر"، وتشمل بناء طرق التفافية ومستعمرات أمنية ومنتجعات على شاطئ نتساريم المستقبلي.
من جانبه، وصف المحلل سلمان الطويل الخط الأصفر بأنه "أكبر عملية ضم صامتة منذ السيطرة الإسرائيلية على الضفة والقدس"، بعدما باتت الكتل الخرسانية تحول دون عودة 680 ألف نازح فلسطيني إلى منازلهم شرقي القطاع.
وقال الطويل لـ"إرم نيوز"، إن "الكتل الخرسانية تمتد الآن على مسافة 62 كيلومترًا من شمال القطاع عند بيت حانون حتى وسطه جنوب دير البلح، وتترك الجزء الغربي (42% من مساحة القطاع) تحت سيطرة حكومة غزة، فيما يبقى الجزء الشرقي (58%) تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة باسم منطقة تثبيت أمنية".
وخلص الطويل إلى أن "إسرائيل حولت خط الهدنة المؤقت إلى خط أخضر جديد تمامًا كما فعلت في 1948-1949".