logo
العالم العربي

خبراء: مذكرة التوقيف الفرنسية بحق الأسد تصطدم بعوائق قانونية وسياسية

خبراء: مذكرة التوقيف الفرنسية بحق الأسد تصطدم بعوائق قانونية وسياسية
الرئيس السوري السابق بشار الأسدالمصدر: رويترز
03 سبتمبر 2025، 8:10 م

قالت مصادر إن مذكرة التوقيف الفرنسية الصادرة بحق الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، تمثل تطوراً بالغ الأهمية، لكنها قد تصطدم بعوائق قانونية وسياسية على حد سواء.

ورأى مصدر سوري مقرب من الدوائر السياسية الفرنسية، ومقيم في باريس، أن العائقين السياسي والقانوني لا يمكن فصلهما عن بعضهما، فكل واحد منهما قد يعرقل التنفيذ، خاصة ما يتعلق بمسألة الحصانة التي تُعد موضوعاً حساساً على مستوى الرؤساء الحاليين والسابقين.

وأوضح المصدر السوري، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذه المذكرة صدرت في سياق سقوط هذا الحق عن الأسد، لكن الكثير من الدول ستعترض على إسقاط الحصانة عن الرؤساء السابقين، لما قد يترتب على ذلك من إشكالات في ملفات أخرى مشابهة.

ورجح أن تؤدي هذه المذكرة إلى تصعيد إضافي في العلاقات الروسية الفرنسية، لاسيما أن  موسكو لن تتخلّى بسهولة عن ورقة تعتبرها رابحة في ظل الأوضاع الراهنة.

وأكد المصدر أن لروسيا الحق الكامل في اتخاذ قرارها بشأن تسليم الأسد من عدمه، باعتبارها غير مرتبطة بمنظومة التوقيف الأوروبية، مشيراً إلى أن أي عملية تسليم محتملة تخضع لإجراءات قانونية محلية داخل الدولة التي يقيم فيها الأسد، ولا يمكن فرضها مباشرة استناداً إلى المذكرة الفرنسية.

أخبار ذات علاقة

بشار الأسد

القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف بحق بشار الأسد

 عملية معقدة

من جانبه، قال القانوني السوري عمران منصور، المقيم في باريس، إن إصدار مذكرة توقيف في فرنسا بحق بشار الأسد يحمل دلالة بالغة الأهمية، إذ يؤكد على مبدأ عدم الإفلات من العقاب، ويمنح القضية أبعاداً سياسية وقانونية بارزة، لا سيما أن العملية القضائية مستمرة، وتتم متابعتها بشكل جادٍ لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب.

وأضاف منصور، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذه المذكرة تشكل وسيلة ضغط كبيرة على الأسد وأتباعه، وحتى على أولئك الذين يراودهم الأمل بعودته إلى الحكم مجدداً، ورغم أن عملية اعتقاله، حالياً، تبدو شبه مستحيلة، إلا أنها تعزز مفهوم العدالة الانتقالية، وتبقي النقاشات مفتوحة حول الجرائم المرتكبة، سواء بأوامر مباشرة من الأسد، أو شقيقه ماهر، أو من أتباعهما.

وأوضح أن القبض على الأسد في الوقت الراهن صعب للغاية، لكن مثل هذه المذكرات تقيّد حركته بشكل كبير، إذ سيتم تعميمها عبر الإنتربول الدولي، ما يعني أنه لن يستطيع مغادرة روسيا بحرية، مؤكداً أن هذه المذكرة تعدّ إثباتاً رسمياً من الحكومة الفرنسية في قضية مقتل الصحفيين في سوريا، وتضاف إلى السجل الإجرامي الذي ارتبط بعهد الأسد.

وبيّن منصور أن أهمية هذه المذكرة تتجلّى أيضاً في كونها تمهيداً للعدالة الانتقالية في المستقبل، خاصة بعد تشكيل محاكم مختصة في سوريا، حيث ستلزم بإخضاع كل من ارتكب جرائم خلال حكم الأسد من مسؤولين وضباط وغيرهم من المبعدين عن المشهد، حالياً، للمحاكمة، لافتاً إلى أن أي تنقل لهم قد يسرّع من عملية القبض عليهم ومحاكمتهم، بما يساهم في إنصاف الضحايا وذويهم.

وأشار إلى أن جميع القضايا التي رُفعت قبل سقوط الأسد أُسقطت بحكم تمتعه بالحصانة، أما، الآن، فلم يعد محمياً بها، مؤكداً أن مذكرات أخرى ستصدر تباعاً بحقه، وأن المذكرة الحالية تحمل بعداً معنوياً مهماً للشعب السوري، لاسيما أنها تكرّس فكرة الاستمرارية في ملاحقة الأسد وفلوله.

وختم منصور بالتأكيد على أن جرائم الأسد وأتباعه لا تسقط بالتقادم، وأن التحضيرات الدولية والمحاكمات الجارية في فرنسا، وتلك التي قيد العمل في ألمانيا، تدعم مبدأ عدم الإفلات من العقاب، وتفتح المجال أمام تحقيق العدالة للضحايا.

الحصانة الرئاسية

وفي السياق ذاته، أوضح الحقوقي المعتصم الكيالي، المقيم في باريس، أن العقبة القانونية الكبرى المتمثلة، سابقاً، في الحصانة الرئاسية زالت بعد خلع الأسد، ما يتيح لفرنسا متابعة التحقيقات، وإصدار مذكرة توقيف جديدة.

وأضاف الكيالي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن العقبة العملية الأساسية تكمن، حالياً، في وجود الأسد في روسيا، حيث منحته موسكو حق اللجوء، ما يجعل تنفيذ المذكرة شبه مستحيل من دون تغيّر الموقف الروسي، أو انتقال الأسد إلى دولة أخرى.

وبيّن أن انتهاء ولاية الأسد أزال أيضاً الحصانة الشخصية التي تمنع محاكمته أثناء وجوده في منصب الرئاسة، وهو ما يتيح قانونياً لفرنسا إصدار مذكرات توقيف بحقه دون اعتراض قضائي.

وأكد الكيالي أن روسيا لن تسلّم الأسد بسهولة لدولة أجنبية بسبب الروابط السياسية والدبلوماسية، مبيناً أنه رغم صدور مذكرة توقيف فرنسية، فإن تنفيذها يعتمد كلياً على تعاون موسكو.

وقال إن منح روسيا حق اللجوء للأسد يحميه من التوقيف أو الترحيل داخل أراضيها، لكنه لا يمنع محاكمته في حال غادر روسيا، أو سقطت عنه هذه الحماية، مؤكداً أن اتفاقيات جنيف لا توفر أي حماية للمشتبه بارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

أخبار ذات علاقة

ماريا زاخاروفا

موسكو: وصف ماكرون لبوتين بـ"الغول" غير لائق

 توتر دبلوماسي  

وعن العوائق السياسية، ذكر الكيالي أن روسيا ترى في الأسد حليفاً إستراتيجياً وتستخدم حق اللجوء كأداة لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، ما يجعل تسليمه أمراً بالغ الصعوبة.

ورجح أن يؤدي تنفيذ مذكرة توقيف دولية بحق الأسد إلى توتر دبلوماسي بين باريس وموسكو، الأمر الذي يدفع فرنسا للاعتماد على الضغوط السياسية والدبلوماسية بدلاً من التنفيذ المباشر.

وختم الكيالي بالقول إن محاولة توقيف الأسد خارج روسيا قد تثير أيضاً نزاعات قانونية وسياسية مع دول أخرى حليفة له.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC