يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية في قطاع غزة بعد نحو شهر ونصف الشهر مِن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.
ويركز الجيش الإسرائيلي على عملياته داخل مناطق "الخط الأصفر" الذي تتمركز حوله قواته، لكنه ينفذ عمليات في بقية مناطق قطاع غزة، إمّا بدعوى الرد على انتهاكات من الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإمّا ضمن ما يعتبره "إجراءات وقائية".
وبات استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تنظر إليها حركة حماس على أنها انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار، لغمًا قد يعرقل انتقال الاتفاق لمراحله اللاحقة، خاصة بعد إنجاز تسليم غالبية الرهائن الإسرائيليين الأحياء وجثث القتلى منهم.
وقال المحلل السياسي ثابت العمور إن "خطة ترامب صُمّمت لتستمر؛ لأنها في الأصل مشروعٌ سياسي أمريكي إسرائيلي يحقّق جملةً من الأهداف، وينجز ما لم تستطع إسرائيل تحقيقه بالقوة العسكرية".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "الخطة أصبحت اليوم قرارًا في مجلس الأمن، وبالتالي فإنّ حدوث خروقات ميدانية لا يعني إسقاطها أو نسفها".
وأوضح العمور أن "استمرار خطة ترامب أفضل من إنهائها وفق المنظور الأمريكي الإسرائيلي، إذ تضع قطاع غزة تحت وصاية دولية، وتمكّن إدارة ترامب من الإشراف على إعمار القطاع، وتُحقّق لإسرائيل نزع سلاح الفصائل الفلسطينية المسلحة أو تحييده".
وأشار إلى أن الخطة تحقق تفكيك الجغرافيا الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية، وتُجهض إمكانيّة قيام دولة فلسطينية، وتُقصي الفصائل عن المشهد السياسي، مضيفًا: "هذه كلّها أهدافٌ سياسيةٌ تخدم إسرائيل".
وأضاف: "من جهةٍ أخرى، لا أحد يريد العودة إلى الحرب من جميع الأطراف التي وقعت وصاغت الاتفاق، بمن فيهم حركة حماس".
ونوّه العمور إلى "أنّ مصير خطة ترامب أن تبقى وتُمرّر، مع إمكانية إدخال بعض التعديلات الضرورية"، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تستغلّ هذه المرحلة لتنفيذ عمليات نسف وقصف واغتيالات، بهدف تدمير أكبر قدرٍ ممكن من القطاع، وجعله غير صالحٍ للحياة؛ ما يُسهّل تمرير مخطّطات التهجير وإفراغ غزة من سكانها.
وقال: "إسرائيل تستغلّ تعطيل الانسحاب من باقي غزة لتدمير البنية التحتية المدنية والعسكرية، خصوصًا الأنفاق في شرق القطاع، فيما يتم القصف في عمق غزة بتنسيقٍ مباشر مع الولايات المتحدة، في مفارقة لافتة، حيث إنّ الوسيط المركزي هو صاحب الخطة، وهو من يمنح إسرائيل الضوء الأخضر للاستمرار بالخروقات والاغتيالات"، وفق تعبيره.
وتابع: "ستمضي خطة ترامب حتى نهايتها، فحدوث خروقاتٍ ميدانية لا يعني انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار، وحركة حماس التزمت ببنود ومتطلّبات المرحلة الأولى، وسلّمت الأسرى الأحياء وجثث القتلى، ولم يتبقَّ سوى جثّتَين قد تُسلّم في أيّ وقت".
وقال: "الحركة امتصّت عمليات الاغتيال التي حدثت في قطاع غزة لقادتها دون أيّ رد، واكتفت بإبلاغ الوسطاء بغضبها من الخروقات الإسرائيلية، وهذا يُشير بوضوح إلى أنّ حماس لا تنوي العودة للحرب أو الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، سواء في غزة أو في الضفة الغربية".
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي إياد جودة، أن إسرائيل تناور على كل الجبهات من أجل تحقيق المزيد من المكاسب، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تريد تطبيق خطة ترامب لكنها تسعى دائمًا لإظهار عكس ذلك.
وقال جودة لـ"إرم نيوز": إن "إسرائيل تريد تحقيق المزيد من المكاسب عبر الضغط الميداني والسياسي والاقتصادي، وفي الوقت ذاته محاولة إظهار الطرف الفلسطيني على أنه المعطل للاتفاق، وجره لمواجهة مع العالم، بعد أن أصبحت خطة ترامب، قرارًا دوليًّا".
وأضاف: "الحكومة الإسرائيلية تواجه ضغطًا من إسرائيل لتمرير خطوات الاتفاق، وتحاول تل أبيب بشكل حثيث أن تظهر حرصها على ذلك، لكن الواقع على الأرض يقول إن الخطة تتعرض لتعديلات جوهرية عبر الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل".
وتابع جودة "حركة حماس لا تملك بدائل عن خطة ترامب، وبالتالي هي غير معنية بإنهائها لكنها في المقابل تنتظر إدانة لإسرائيل من الوسطاء والضامنين للاتفاق، من أجل دفع إسرائيل إلى عدم التهرب من تطبيق الاتفاق".
ورأى أن ضمان تطبيق خطة ترامب بكل ما فيها هو بيد الولايات المتحدة التي يجب أن تضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل كامل من أجل رسم خريطة طريق واضحة لتطبيقها.