logo
العالم العربي

من التحالف إلى العزلة.. هل خسر نتنياهو رهانه على “شرق أوسط جديد”؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهوالمصدر: رويترز

بعد عامين على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أمام واقع مغاير تمامًا لِما وعد به.

وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أنه بينما بشّر نتنياهو في أكثر من مناسبة بأن الحرب في  غزة "غيّرت وجه الشرق الأوسط"، تكشف الوقائع أن ما تغيّر فعلًا هو موقع إسرائيل داخل هذا الشرق الأوسط الجديد؛ من محورٍ يُفترض أنه منتصر، إلى دولةٍ محاطة بجبهاتٍ متوترة وتحالفاتٍ مائعة، وبيئةٍ إقليميةٍ يُنظر إليها اليوم كمصدر تهديد لا كشريك محتمل.

أشارت الصحيفة إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 2024، قال نتنياهو متفاخرًا: "لقد غيّرنا وجه الشرق الأوسط، سوريا ليست كما كانت، ولبنان ليس كما كان، وحتى إيران لم تعد كما كانت؛ لكن بعد مرور أكثر من 600 يوم من الحرب، تبدو إنجازاته الميدانية أقرب إلى مكاسب مؤقتة على رقعة شطرنج مضطربة، لا إلى تحولات جذرية في معادلة القوة.

تحالفات مؤقتة فوق أرضٍ رخوة

تفاخر نتنياهو بأن إسقاط نظام بشار الأسد نهاية 2024 كان من أبرز "انتصارات إسرائيل الإستراتيجية"، لكن المشهد السوري الراهن يكشف عن هشاشة هذا الادعاء؛ فالنظام الجديد بقيادة أحمد الشرع، المدعوم من تحالف غربي ـ عربي، لا يزال يفتقر إلى شرعية داخلية وإلى استقرار مؤسساتي. 

أخبار ذات علاقة

القيادي في حركة فتح ناصر القدوة

عودة ناصر القدوة إلى "فتح".. هل تمهد لإدارة غزة في ظل خطة ترامب؟

كما بدأت القوى التي دعمت قيام هذا النظام، من واشنطن إلى الرياض وأنقرة، تمارس ضغوطًا متباينة عليه، في وقت تحاول فيه إسرائيل الحصول على ترتيبات أمنية جديدة تضمن لها عمقًا في الجولان وتقيّد تحركات إيران جنوب دمشق.

لكن الطموح الإسرائيلي يصطدم برؤية مختلفة لدى شركاء التحالف العربي – الغربي، الذين يريدون سوريا موحّدة ذات سيادة، لا دولة مُقسّمة إلى كانتونات عرقية كما يرغب نتنياهو، وهو ما يجعل "النصر الإسرائيلي" في سوريا أقرب إلى شيك سياسي مؤجل الصرف قابل للسقوط بمجرد أن تتبدّل التحالفات أو أن يتفجّر التوتر الداخلي.

ولفتت الصحيفة إلى أن في لبنان، بدت ضربة مقتل حسن نصر الله نهاية "دولة حزب الله" بمثابة إنجازٍ إستراتيجي لإسرائيل؛ فقد انقطع الخط الإيراني الممتد من طهران إلى بيروت، وتراجعت قدرات الحزب العسكرية والتنظيمية، بينما أعلنت الحكومة اللبنانية الجديدة التزامها بنزع سلاح الميليشيات.

لكن خلف هذا المشهد المتفائل، تكمن معادلة هشّة؛ فحزب الله، رغم فقدانه رأسه السياسي والعسكري، لا يزال متجذرًا في البنية الاجتماعية والسياسية اللبنانية، وأي محاولة لعزله بالقوة قد تشعل حربًا أهلية جديدة. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

ترامب: أيام حاسمة للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب في غزة (صور)

إلى جانب ذلك، يرزح لبنان تحت انهيار اقتصادي غير مسبوق، لا يمكن تجاوزه دون استقرار أمني حقيقي. وهنا يظهر التناقض الجوهري في الحسابات الإسرائيلية: فإضعاف حزب الله لم يُنتج لبنان أكثرَ استقرارًا، بل بلدًا على حافة انفجارٍ جديد.

الخصم الذي لا يسقط

تعتبر تل أبيب والولايات المتحدة أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية كان ذروة حرب "الجبهات السبع"؛ لكن التقييم الواقعي يظهر أن التهديد الإيراني لم يُزَل بل تحوّل، وصحيح أن نفوذ طهران تراجع في سوريا ولبنان، إلا أنها لم تُهزم إستراتيجيًّا، ولا تزال تمسك بأوراق ضغط إقليمية مؤثرة.

أوضحت الصحيفة أن إيران، التي خسرت جزءًا من نفوذها، أعادت التموضع بمرونة؛ فهي تواصل دعم الحوثيين الذين أصبحوا فاعلًا مستقلًّا في اليمن، وتحتفظ بنفوذها السياسي داخل العراق رغم ضعف أدواتها العسكرية، وتصرّ على حقها في تخصيب اليورانيوم رغم العقوبات. 

ومع تصاعد الحديث عن إعادة تفعيل آلية "الزناد" لإعادة فرض العقوبات، تبدو طهران مستعدة للمواجهة الدبلوماسية وربما الأمنية، حتى لو أدى ذلك إلى انسحابها من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

أخبار ذات علاقة

استمرار القتال في غزة قبل محادثات حماس وإسرائيل

وجه آخر للألم.. الغياب القسري يثقل عائلات آلاف المفقودين في غزة (فيديو إرم)

النتيجة أن "الوجه الجديد" للشرق الأوسط الذي يتحدث عنه نتنياهو، هو في الواقع شرق أوسط أكثر تسلّحًا وتوترًا، تتسارع فيه وتيرة سباقٍ نووي محتمل، فيما يتضاءل رصيد الردع الإسرائيلي.

من التطبيع إلى العزلة

قبل أيامٍ من هجوم "طوفان الأقصى"، قال نتنياهو من على منبر الأمم المتحدة إن إسرائيل "على أعتاب سلامٍ تاريخي" سيُنهي الصراع العربي الإسرائيلي. 

وبينما كان نتنياهو يسعى إلى "خريطة فرص" تكرّس إسرائيل محورًا للأمن الإقليمي، أسفرت الحرب الطويلة عن خريطة تهديدات جديدة، في مقدمتها: تراجع مكانة إسرائيل الدولية، واعتبارها دولة منبوذة في المحافل الأكاديمية والثقافية.

أخبار ذات علاقة

إسرائيليون يحيون ذكرى هجوم 7 أكتوبر

خيار غزة بدون حماس "صعب".. رعب إسرائيلي من تكرار "كابوس 7 أكتوبر"

وأفادت الصحيفة بأن السنوات التي أعقبت السابع من أكتوبر تُظهر أن ما سمّاه نتنياهو "تغيير وجه الشرق الأوسط" لم يكن سوى إعادة تدوير للأوهام القديمة؛ فالشرق الأوسط لم يتغيّر لصالح إسرائيل، بل ضدها؛ حيث إن تحالفاتها المؤقتة تتآكل، وخصومها يعيدون التموضع، والدعم الغربي يتآكل تحت ضغط الرأي العام العالمي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC