تشتد ضغوط الشارع الليبي والطبقة السياسية على بعثة الأمم المتحدة لتبني خيارات خارج مقترحات اللجنة الاستشارية لاعتقادهم أنها غير قابلة للتنفيذ في ظل الوضع المعقد ورغبة الفاعلين الرئيسين في تمديد المرحلة الانتقالية.
وتقلّص هامش تحرك رئيسة البعثة الأممية، هانا تيتيه، التي أطلقت جولة جديدة من المشاورات داخل وخارج البلاد لشرح الخيارات الأربعة للجنة الاستشارية، لكنها باتت اليوم مسؤولة أيضا على منع المزيد من العنف في طرابلس، وتدافع عن حق الشعب في التظاهر، وضرورة ضمان سلامة المتظاهرين.
وتصر تيتيه على أهمية المضي قدماً في "عملية سياسية شاملة تستند إلى الخيارات التي أوصت بها اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية"، وهذا ما أوردته خلال اجتماعها مع ممثلين عن تجمعات وائتلافات عدد من الأحزاب السياسية الليبية في مكتب البعثة في العاصمة طرابلس.
ولم تكن الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتُقدم على تشكيل هذه اللجنة، لو أن الأطراف الليبية ممثلة في البرلمان ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي قامت بواجبها، في إنتاج اتفاق سياسي حقيقي يتيح لليبيين ممارسة حقهم في الانتخاب، وتقرير دستورهم.
وطبيعة توصيات اللجنة الاستشارية غير ملزمة من الناحية القانونية، ولكن تبني بعثة الأمم المتحدة لهذه التوصيات لتحريك العملية السياسية، يضفي على التوصيات قوة سياسية ومعنوية، ويجعل احتمالية تبني أحد المسارات المطروحة فيها، والتعديلات المقترحة، أمرا وارد الحدوث بقوة.
وقال رئيس حزب نبض الوطن الحمري الشاوش، أن التوصيات أعطت الأولوية الزمنية في التنفيذ للنقاط ذات الطبيعة المؤسسية، حيث حدّدت ضرورة معالجة وضع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، من خلال مطالبة الأطراف باستكمال بقية الأعضاء، أو تكليف فريق جديد متكامل لإدارتها.
كما شدّدت على ضرورة توفير التمويل الكافي الذي يضمن قيام المفوضية بمهامها بكفاءة واستقلالية، وألزمت الطرفين بإنجاز هذه الخطوة خلال شهر واحد من بدء المشاورات بين الأطراف الليبية، وإلا فإن التأخير سيُعدّ دليلاً على عدم الجدية؛ ما يبرر اللجوء إلى تفعيل آلية الاتفاق السياسي الليبي مباشرة.
كما أكدت اللجنة على ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية (حكومة) بولاية محددة المهام والإطار الزمني، لتتولى قيادة المرحلة الانتقالية والإشراف على تنفيذ المسار المتفق عليه.
وفي حال فشل تنفيذ إحدى المقترحات يفتح المجال أمام البعثة الأممية لتشكيل أجسام بديلة ذات صبغة تشريعية وتنفيذية عبر حوار وطني جديد.
وتعليقا على هذه الخيارات، قال الشاوش لـ"إرم نيوز"، أن الوضع الليبي المعقد، الناتج عن فشل الأجسام التشريعية والحكومات، هو الذي فرض مثل هذه الخيارات التي وإن لم تكن مثالية، إلا أن طرحها منطقي لتحريك حالة الجمود والانقسام المزمنة، والتي باتت تُهدد بمزيد من الانهيار السياسي والأمني والاقتصادي.
وعلى العكس، ينتقد رئيس حزب صوت الشعب فتحي الشبلي أداء البعثة الأممية التي دأبت على إدارة الأزمة الليبية لا حلها، ولا فعالية لأي تحركات دولية دون إرادة داخلية حقيقية وفق قوله.
ودعا الشبلي عبر حزبه الليبيين إلى الانضمام للاعتصامات السلمية المتواصلة أمام مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي في ليبيا في إطار رفض التلاعب الدولي المستمر بإدارة الأزمة الليبية.
وأكد لـ"إرم نيوز"، تأكيده على ضرورة وحدة الصف الوطني لتحقيق حل ليبي خالص يعود فيه القرار والسيادة والتشريع إلى الشعب الليبي وحده باعتباره المصدر الوحيد للسلطات، مستندين إلى خارطة الطريق الوطنية التي أقرها فريق الحوار السياسي، والتي تتضمن إجراء استفتاء على شكل وهوية الدولة. وتكليف فريق قانوني بإعداد دستور جديد خلال 45 يوماً بناءً على اختيار الشعب لشكل وهوية الدولة. ويقترح استفتاء الشعب على مشروع الدستور خلال أسبوع من إنجازه.
إلى جانب الإعلان عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفتح باب الترشح لها.
وأكد الحزب أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ستمنح مهلة 60 يوماً من تاريخ اعتماد الشعب للدستور لتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
بدوره، منح "حراك إرادة الشعب" في ليبيا بعثة الأمم المتحدة مهلة 72 ساعة لمغادرة البلاد، وشدد في بيان يوم السبت، على "الرفض القاطع لأي وجود عسكري أجنبي أو مرتزقة على الأراضي الليبية". كما أعلن "رفض التدخلات الخارجية من السفارات والبعثات الدبلوماسية في الشأن الليبي"، ودعا لإلغاء قرارَي مجلس الأمن الدولي "1970" و"1973"، ورفع الوصاية الدولية عن ليبيا.
وحذر من عواقب وخيمة لأي تجاهل لإرادة الليبيين، لافتاً إلى خروج آلاف الليبيين في مظاهرات سلمية من مختلف المدن والقرى.