logo
العالم العربي

بعد التلويح بها في مجلس الأمن.. ما آليات تيتيه للتعامل مع فرقاء ليبيا؟

المبعوثة الأممية إلى ليبيا هنا تيتيةالمصدر: (أ ف ب)

أثار تلويح المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هنا تيتيه، باللجوء إلى "آليات بديلة" في التعامل مع الأزمة، موجةً من التكهنات داخل البلاد بشأن ملامح هذه الخيارات، لا سيما بعدما وجّهت انتقادات حادّة لما وصفته بـ"تقاعس الفرقاء"، على هامش إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي.

وقال مصدر سياسي ليبي مطّلع على مشاورات تجريها البعثة الأممية مع الفرقاء، لـ"إرم نيوز"، مشترطًا عدم ذكر هويته، إن هناك بالفعل عدة خيارات مطروحة، من أبرزها توسيع الحوار المهيكل الحالي ومنح أعضائه صلاحية التوافق على قوانين انتخابية تمهّد لإجراء الاستحقاقات، إضافة إلى آلية أخرى تتمثل في إطلاق مؤتمر تأسيسي يمهّد بدوره لمرحلة انتقالية واضحة المعالم.

ومع ذلك، اعتبر المصدر أن هذه الخيارات قد لا تحظى بإجماع الأطراف السياسية الليبية، خاصة في ظل الانتقادات التي توجهها تيتيه لهم.

مجرد تهديدات

وكانت تيتيه قد أطلقت، منذ أيام، "الحوار المهيكل" الذي يضم 124 عضوًا، وذلك وسط تشكيك واسع في قدرته على حل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد.

ويرى المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش: "للأسف الشديد، ما لوّحت به هنا تيتيه يبقى مجرد تهديدات لا أثر لها على أرض الواقع، كما أن انتقاداتها للفرقاء الليبيين تظل فارغة من أي مضمون، لأنها لم تُسمِّ هذه الأطراف رغم معرفتها التامة بها".

وأوضح المرعاش، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن "البعثة تعيش في دوامة التكرار الممل، وتدور في حلقة مفرغة، همّها الوحيد الاستمرار في التواجد وتسويق الأوهام للشعب الليبي وللأمم المتحدة، وهو ما يُعد إدارة للأزمة أكثر منه بحثًا جادًا عن حل".

وبيّن أن "البعثة لا تملك فعليًا أي أدوات بديلة أو مبادرات جدية، وبات واضحًا أنها تتناغم تمامًا مع إرادات بعض الدول المستفيدة من استمرار حالة الدولة الفاشلة في ليبيا".

ضيق الخيارات

تجدر الإشارة إلى أن ليبيا تعيش حالة جمود سياسي كبيرة منذ انهيار الانتخابات العامة التي كان من المقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول العام 2021.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي الدكتور خالد محمد الحجازي أن "على مستوى الآليات البديلة، يبدو أن تيتيه لم تعد تراهن كثيرًا على الأجسام السياسية التقليدية التي استهلكت الزمن والشرعية معًا.

ومن المرجح أن تتجه نحو العمل خارج الأطر الرسمية، عبر فتح قنوات موازية مع فاعلين محليين غير تقليديين، مثل البلديات، والشخصيات الاجتماعية المؤثرة، وبعض مراكز النفوذ الاقتصادية. ولا يهدف هذا التوجه إلى تجاوز الطبقة السياسية فحسب، بل إلى خلق ضغط غير مباشر عليها من الداخل، وإظهار أنها لم تعد الممثل الحصري للمشهد".

وأضاف الحجازي، لـ"إرم نيوز"، أن "تيتيه قد تلجأ في الوقت نفسه إلى ما يمكن وصفه بتدويل التعطيل بدل تدويل الحل، أي تسمية الأطراف المعرقلة صراحة في تقاريرها، وتهيئة الأجواء داخل مجلس الأمن لفرض عقوبات فردية، مثل حظر السفر أو تجميد الأصول.

ورغم أن هذه الإجراءات قد لا تُنفذ سريعًا بسبب تباين مواقف الدول الكبرى، فإن مجرد التهديد بها يشكّل عامل قلق لبعض الفاعلين الذين راكموا مصالحهم داخل ليبيا وخارجها".

وأكد أن "خيارًا آخر مطروحًا يتمثل في خفض سقف العملية السياسية نفسها، والانتقال من البحث عن تسوية شاملة إلى خطوات جزئية ومحدودة، كإصلاحات تقنية أو تفاهمات مؤقتة، في اعتراف ضمني بأن تحقيق اختراق كبير لم يعد ممكنًا في المدى القريب.

وقد يحافظ هذا النهج على الحد الأدنى من الاستقرار، لكنه يكرّس في الوقت ذاته حالة إدارة الأزمة بدل حلها". 

أخبار ذات علاقة

المشير خليفة حفتر

مع تعثر مبادرة تيتيه.. حفتر يراهن على "حراك الشعب" لإنهاء أزمة ليبيا

واستدرك الحجازي بالقول إن "خطاب التهديد، مهما كانت دوافعه، يحمل مخاطر حقيقية، إذ قد تعتبره بعض الأطراف الليبية استهدافًا مباشرًا أو انحيازًا، ما يدفعها إلى مزيد من التصلب بدل التراجع.

كما أن استخدام لغة الضغط يضعف صورة المبعوث الأممي كوسيط محايد، ويهدد بفقدان قنوات التواصل مع قوى فاعلة اعتادت المناورة داخل المسار الأممي".

واستنتج أن "تلويح تيتيه بالبدائل يعكس، في النهاية، ضيق الخيارات أكثر مما يعكس قوة الموقف. وقد ينجح هذا الأسلوب في إحداث هزة مؤقتة، لكنه يحمل في طياته خطر تعميق أزمة الثقة وزيادة الاستقطاب، دون ضمان تحقيق اختراق سياسي حقيقي في المدى المنظور".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC