أكد خبراء ومختصون في الشأن اللبناني أن رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة، نواف سلام، يحاول فك التشابكات التي يضعها الثنائي الشيعي المكون من "حزب الله" و"حركة أمل".
ويسعى سلام إلى إعلان حكومته بشكل لا يجعلها في مأزق أمام المجتمع العربي والدولي، للحصول على الدعم الذي يجعلها قادرة على القيام بمسؤوليتها بإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية وإعادة الإعمار، ومغادرة الإسرائيليين بشكل كامل جنوب البلاد.
ويأتي ذلك في وقت يتمسك فيه حزب الله وحركة أمل بالهيمنة على حصة المكون الشيعي من خلال 5 وزراء في حقائب بعينها في الحكومة الجديدة، بهدف تعطيل قرارات الحكومة.
وتظهر التعقيدات بعد أن تصاعدت آمال الداخل اللبناني بالتخلص من هيمنة حزب الله وما وراءه من تدخل إيراني، والتوجه إلى دولة المؤسسات، بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وتقول الكاتبة المتخصصة في شؤون الحكومة اللبنانية والمحللة السياسية، ثريا شاهين، إن الأمر لا يتعلق بمطالبات داخلية، ولكن، هناك مسعى كبير من الثنائي الشيعي للحصول على 5 وزارات بطريقة غير مباشرة، تكون تابعة لقراره.
ورأت أن الثنائي الشيعي يريد أن يستخدم هذه الوزارات في عرقلة أي موضوع أمام الحكومة لا يتفق معه أو لا يتناسب مع مصالحه، أو تعطيل عمل الحكومة في حال الاختلاف مع توجهها أو قراراتها.
وأوضحت شاهين، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رئيس الوزراء المكلف يحاول التعامل مع هذه الأزمات؛ حتى لا تحمل حكومته تعقيدات في التعامل مع المجتمع الدولي.
وأكدت أن خبرات سلام التي جمعها على مدار سنوات عمله على المستوى المحلي والدولي ستدعمه في النجاح بتجاوز هذه المرحلة وتشكيل حكومته التي تهدف إلى تحقيق تطلعات الشعب اللبناني.
وتابعت شاهين أن الكل في لبنان يعمل على عودة البلاد إلى المجتمع العربي والدولي باستثناء الثنائي الشيعي، إذ ما زالا يتعاملان في سياق أن عقارب الساعة ستعود إلى الوراء.
ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشأن اللبناني، جمال ترو، أن المشهد معقد، والخيار الوحيد هو عمل سلام على التوازن بين الوضع الداخلي في وقت تقبض فيه أحزاب على المجلس النيابي، وكيفية إدارة البلد أمام الخارج.
وأشار إلى الحاجة لنظرة إيجابية من المجتمع العربي والدولي للحكومة الجديدة، لا سيما أن لبنان بلد مدمر وبحاجة إلى دعم عربي ودولي، لإعادة الإعمار من جهة، وإعادة بناء الدولة وانتظام العمل المؤسسي من جهة أخرى.
ودلل ترو على تعقد المشهد والضغوط الممارسة على سلام، والتي يحاول التعامل معها وتجاوزها، بما حدث أخيرا، للمرة الأولى في تاريخ لبنان، بالاستعداد لإعلان بيان التشكيل وأسماء الوزراء في بث تلفزيوني مباشر، ليتأزم الوضع في آخر دقيقة، ويتعطل الأمر مجددا.
وأضاف ترو، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن المجتمع العربي والدولي لن يقدم أي دعم أو مساعدات لبلد لا يمتلك استقلالية كاملة للقضاء، والسلاح فيه غير محصور في يد الدولة فقط، وهي أمور يضعها سلام في اعتباره، بجانب مواجهة التعقيدات الداخلية في تشكيل الحكومة.
وأشار ترو إلى أن الضغط الخارجي يجعل لبنان أمام خيارات، ما بين الالتزام بالقرارات الدولية عبر العمل الحكومي أو عدم توجيه دعم إلى الدولة.
وأردف ترو أن هناك أزمات أمام هذه الحكومة يتم تأهيل الطريق للتعامل معها بعد التشكيل، عبر دعم داخلي ومساندة المجتمع العربي والدولي، وهي معادلة يعمل سلام على حلها، في ظل ملفات صعبة على الدولة التعامل معها.
وقال إن في صدارة هذه الملفات إخراج الإسرائيليين من جنوب لبنان وضبط الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا، لإنهاء عمليات تهريب السلاح والمخدرات من بعض العصابات، فضلا عن مكافحة الفساد والدفع بالاعتماد في كل المؤسسات على منظور الكفاءة وليس المحسوبية.