قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الخميس، إن تحقيقات أجرتها كشفت عن قيام الجيش الإسرائيلي بتطوير أداة ذكاء اصطناعي وتدريبها على محادثات "عربية" تم الحصول عليها بمراقبة فلسطينيين.
وكشفت تحقيقات "الغارديان" أن "وحدة التجسس التابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية استخدمت مجموعة واسعة من الاتصالات الفلسطينية، التي تم اعتراضها، لبناء أداة ذكاء اصطناعي قوية تشبه برنامج ChatGPT، والتي تأمل أن تعمل على تحويل قدراتها التجسسية.
وأوضحت الصحيفة أن "الوحدة 8200 الإسرائيلية دربت نموذج الذكاء الاصطناعي على فهم اللغة العربية المنطوقة باستخدام كميات كبيرة من المحادثات الهاتفية والرسائل النصية، التي تم الحصول عليها من خلال مراقبتها المكثفة للأراضي المحتلة".
وذكرت مصادر مطلعة على المشروع للصحيفة، أن "الوحدة بدأت في بناء النموذج بهدف إنشاء أداة متطورة تشبه الدردشة الآلية (شات بوت) قادرة على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالأشخاص الذين تقوم بمراقبتهم وتقديم رؤى حول كميات البيانات الضخمة التي تجمعها من عمليات المراقبة".
يأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه الخبراء من أن مثل هذه الأنظمة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم التحيزات وقد تكون عرضة لارتكاب الأخطاء، بحسب ما ذكرته "الغارديان".
وسارعت وحدة التنصت النخبوية، التي تضاهي في قدراتها وكالة الأمن القومي الأمريكية، إلى تطوير النظام بعد بدء حرب غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وكان النموذج لا يزال قيد التدريب في النصف الثاني من العام الماضي. وليس من الواضح ما إذا كان قد تم نشره بعد.
وتقول الصحيفة إنه "تم الكشف جزئيًا عن جهود بناء نموذج اللغة الكبير (LLM) – وهو نظام تعلم عميق يولد نصوصًا شبيهة بتلك التي يكتبها البشر – من قبل تقني سابق في الاستخبارات العسكرية، قال إنه أشرف على المشروع".
وقال المسؤول السابق، شاكيد سايدوف، خلال مؤتمر للذكاء الاصطناعي العسكري في "تل أبيب" العام الماضي: "حاولنا إنشاء أكبر مجموعة بيانات ممكنة وجمع كل البيانات التي تمتلكها دولة إسرائيل من قبل باللغة العربية"، مضيفاً أن النموذج كان يتطلب "كميات هائلة من البيانات".
ووصف العديد من المصادر الأخرى كيف استخدمت وحدة 8200 نماذج تعلم آلي أصغر في السنوات التي سبقت إطلاق هذا المشروع الطموح، وكيف أن هذه التكنولوجيا قد أثرت بالفعل على العمليات الاستخباراتية.
وقال مصدر مطلع على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي في الوحدة 8200 في السنوات الأخيرة: "الذكاء الاصطناعي يعزز القوة. الأمر لا يتعلق فقط بمنع الهجمات بإطلاق النار، بل يمكنني تتبع نشطاء حقوق الإنسان، ومراقبة البناء الفلسطيني في المنطقة ج من الضفة الغربية. لدي المزيد من الأدوات لمعرفة ما يفعله كل شخص في الضفة الغربية".
ورأت "الغارديان" أن "تفاصيل نطاق النموذج الجديد تسلط الضوء على الاحتفاظ الواسع النطاق لوحدة 8200 بمحتوى الاتصالات المعترضة، الذي أصبح ممكنًا بفضل ما وصفه المسؤولون الحاليون والسابقون في الاستخبارات الإسرائيلية والغربية بمراقبة شاملة للاتصالات الفلسطينية".
ويوضح المشروع كيف تسعى وحدة 8200، مثل العديد من وكالات التجسس حول العالم، للاستفادة من التقدم في الذكاء الاصطناعي لأداء المهام التحليلية المعقدة وفهم كميات ضخمة من المعلومات التي تجمعها بشكل روتيني، والتي أصبحت تفوق قدرة المعالجة البشرية وحدها.
لكن دمج أنظمة مثل نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) في التحليل الاستخباراتي يحمل مخاطر، حيث حذر الخبراء وناشطو حقوق الإنسان من أن هذه الأنظمة قد تؤدي إلى تفاقم التحيزات وقد تكون عرضة لارتكاب الأخطاء. كما أن طبيعتها الغامضة قد تجعل من الصعب فهم كيفية الوصول إلى الاستنتاجات التي يتم توليدها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
أعرب زاك كامبل، الباحث البارز في المراقبة في منظمة هيومن رايتس ووتش (HRW)، عن قلقه من أن وحدة 8200 قد تستخدم نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) لاتخاذ قرارات مصيرية بشأن حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال العسكري. وقال: "إنها آلة للتخمين. وفي النهاية يمكن أن تُستخدم هذه التخمينات لإدانة الأشخاص".