رأى خبيران أن خطاب الرئيس السوري أحمد الشرع بعد أحداث السويداء الدامية حمل رسائل واضحة لتعزيز الوحدة الداخلية، وقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية.
وأشارا لـ"إرم نيوز" إلى أن الخطاب أكد الثوابت الوطنية، ورفض أي محاولات لتقسيم سوريا أو استغلال الأحداث لزعزعة استقرارها، مع التركيز على حماية الأقلية الدرزية بعد الاشتباكات الأخيرة.
واعتبرا أن الخطاب يعكس "هزيمة" غير معلنة في السويداء، فقد فشلت دمشق في فرض سيطرة كاملة، مما دفعها إلى قبول ترتيبات أمنية محلية.
يقول الحقوقي والباحث السياسي، عبد الكريم الثلجي، إن خطاب الشرع جاء في توقيت بالغ الحساسية، بعد الأحداث الدامية في السويداء، ويمكن قراءته من عدة زوايا، سواء على مستوى الرسائل الداخلية أو الخارجية، وكذلك في ما يتعلق بالموقف من إسرائيل.
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن الخطاب ركز بوضوح على دعوة السوريين للالتفاف حول الدولة، والتشديد على الثوابت الوطنية والوحدة الجغرافية والسياسية، وهذا يحمل رسائل مباشرة لاحتواء التوترات الطائفية والمناطقية، في السويداء.
وفي مقارنة لخطاب الرئيس الشرع الأخير في ظل أحداث السويداء الأخيرة، بمحطات سابقة في مسار الخطاب الرسمي، أوضح المحلل الثلجي أن صراعات طائفية حدثت بين "ميليشيات الدروز التابعة لحكمت الهجري" وعشائر من البدو، مما دفع قوات وزارة الدفاع والداخلية إلى التدخل، إذ فُقد أكثر من 300–350 قتيلاً منهم، قبل الإعلان عن اتفاق والانسحاب للقوات الحكومية من المحافظة.
وبيّن أن سلاح الجو الإسرائيلي شن ضربات جوية على مواقع استراتيجية في العاصمة دمشق، مبرراً أنها لحماية الدروز، الأمر الذي زاد توتر الوضع وتعقيد التوازن الداخلي.
وذكر الثلجي أن الرئيس الشرع كرس جزءاً كبيراً من الخطاب لحماية الأقلية الدرزية وتفويض الأمن المحلي لزعماء دروز، كجزء من إعادة ترتيب الوضع بعد الاشتباكات.
وأكد أن الدولة السورية ستحاسب كل من تجاوز الحدود في تعامله مع الدروز، وأن حماية المواطنين مسؤولية الدولة، مع رفض أي محاولة تقسيم أو تحريض خارجي.
أما فيما يخص الخطاب تجاه إسرائيل، قال الثلجي إن الخطاب اعتبر إسرائيل "عدواً يسعى لنشر الفتنة وزعزعة الاستقرار"، كما جدد التأكيد على رفض السياسات الاحتلالية والتدخلات الأجنبية، مع التشديد على وحدة سوريا ورفض أي تقسيم أو مشاريع خارجية لتجزئتها.
ولفت إلى أن الخطاب أكد أن "سوريا ليست ساحة تجارب"، ورفض المقاربات التي تؤدي إلى مواجهة مباشرة، مع الإشارة إلى أن التضامن الدولي، لا سيما الوساطة الأمريكية والعربية والتركية، حال دون تصعيد مفتوح، فالخطاب الرسمي ظل ثابتاً في رفض الاحتلال الإسرائيلي والتأكيد على وحدة سوريا.
وأكد الثلجي أن الخطاب وطني توحيدي بامتياز، يهدف إلى تقوية الجبهة الداخلية بعد تصدعات محلية، والموقف من إسرائيل لم يتغير والرسالة الأهم: وحدة السوريين تحت راية الدولة، ورفض التدويل أو التقسيم بأي شكل.
من جهته، اعتبر الكاتب والباحث السياسي، محمد هويدي، أن الخطاب هو خطاب هزيمة في السويداء، وعدم مقدرة فرض واقع جديد، فقد كان الخطاب باهتاً كلامه إنشائي رغم أن ما ذكره يتعلق بالحفاظ على دماء السوريين، إذ كان يجب المحافظة عليه قبل التدخل، لأن النتيجة في طبيعتها هي إدارة محلية لأبناء السويداء، وفق تعبيره.
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن الشيخ الهجري فرض حظر تجوال، ما يعود بنا إلى نتيجة كان من الممكن أن تتحقق دون إراقة دماء، لذلك هذا الخطاب هو اعتراف بعدم القدرة على الحسم، وبالتالي تعود هنا السلطة إلى وضعها الطبيعي كونها تعتقد أن ما جرى في سوريا هو انتصار كبير لها، دون إدراك حقيقة أن ما جرى هو توافق دولي، مبينّاً أن هذا الخطاب يشير بشكل واضح إلى أنهم فشلوا في السويداء.
وفيما يتعلق بإسرائيل، نوّه هويدي أن الشرع حاول في خطابه إرسال رسائل غير تصعيدية بل متوازنة بعد إدراك عدم إمكانية العبث معها أو فرض واقع جديد، سواء من خلال الحوارات أو حسن النوايا التي أبدتها السلطة الانتقالية، إسرائيل لديها خطوط حمراء فيما يتعلق بالجنوب.
وذكر أن الرد الإسرائيلي جاء أولاً بالالتزام بحماية الدروز في السويداء وبالتالي يجب أن تكون منطقة الجنوب منزوعة السلاح، وما حدث بالاسم لم يكن متوقعاً بالنسبة لدمشق، خاصة لجهة ضخامة الرد، مشيراً إلى أن مسار التطبيع لا يزال قائمًا.