logo
العالم العربي

انتحال الصفات الرسمية في العراق.. شبكات سرّية ترتدي زي الدولة

انتحال الصفات الرسمية في العراق.. شبكات سرّية ترتدي زي الدولة
الشرطة العراقيةالمصدر: مديرية المخدرات العراقية
01 يونيو 2025، 6:46 ص

لم يعد انتحال الصفة في العراق حالة فردية معزولة، بل تحوّل إلى ظاهرة تتّسع رقعتها داخل المجتمع، وسط مخاوف من تأثيرها على ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، بحسب خبراء.

 وبين الحين والآخر، تعلن القوات الأمنية العراقية عن اعتقال متهمين بانتحال صفات رسمية، تشمل رتباً عسكرية، ومناصب إدارية وطبية وحكومية، بهدف تنفيذ عمليات نصب واحتيال بحق المواطنين.

أخبار ذات علاقة

عنصران من الأمن العراقي

العراق.. تفكيك شبكة حاولت تنفيذ اغتيالات والإخلال بالأمن العام

وكان آخر تلك الحوادث، اعتقال شخص دخل مركز شرطة القناة شرقي بغداد مرتدياً بدلة عسكرية برتبة ملازم، مدعياً انتسابه إلى مديرية شؤون أمن الأفراد لتنفيذ "تعداد إداري"، قبل أن يُكتشف أمره ويتم توقيفه.

وفي محافظة النجف، نفّذت قوة أمنية عملية ضبط داخل عيادة تجميل، أفضت إلى اعتقال رجل ينتحل صفة طبيب، برفقة امرأة كانت تؤدي دور "مساعدة طبية" دون مؤهلات، وضُبطت بحوزتهما أدوية ومواد طبية.

ويخشى مختصون من تحوّل ظاهرة انتحال الصفات في العراق إلى نمط عام يتداخل مع المؤسسات الرسمية ويهز ثقة المواطنين بها، خصوصاً مع تكرار الحوادث داخل دوائر حكومية حساسة مثل المستشفيات ومراكز الشرطة ومديريات المرور.

 ويؤكد هؤلاء أن تصاعد مثل هذه الحالات لا يشير فقط إلى ممارسات متقنة من قبل المنتحلين، بل يكشف أيضاً وجود بيئة إدارية رخوة تفتقر إلى أدوات تحقق، ما يسمح بمرور منتحلي الصفات دون تدقيق أو مساءلة فورية.

بدورها، ترى الناشطة الحقوقية أنوار الخفاجي، أن "ظاهرة انتحال الصفة باتت تهدد الثقة المجتمعية بالقانون ومؤسسات الدولة، خصوصاً في ظل تكرار الحالات داخل بيئات رسمية يُفترض أن تكون محصّنة، مثل المستشفيات ومراكز الشرطة والدوائر الحكومية".

وأضافت الخفاجي لـ"إرم نيوز" أن "السكوت عن بعض هذه الممارسات أو التهاون في معاقبة مرتكبيها يفتح الباب أمام مزيد من الوقائع المشابهة، ويجعل من الجريمة سلوكاً مكرراً قد لا يُنظر إليه بجدية في بعض الأوساط المعنية".

 وأشارت إلى أن "بعض المنتحلين يستغلون ظروف الناس، خصوصاً النساء أو العاطلين عن العمل، عبر تقديم وعود زائفة بالتوظيف أو الوساطة، ما يعرّض الضحايا للابتزاز والاستغلال"، داعية إلى "تفعيل الرقابة داخل المؤسسات الحكومية، وإطلاق حملات توعية تشرح للناس كيفية التحقق من هوية من يدّعي الصفة الرسمية، وتشجّعهم على الإبلاغ دون خوف".

مواقع التواصل

ومع توسع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، بات البعض ينتحل صفات مسؤولين أو شخصيات عامة من خلال حسابات مزيفة، يستدرجون عبرها ضحايا بعروض وهمية للتوظيف أو العلاج أو المساعدات وغيرها من الأنشطة.

كما أن تصاعد ظاهرة انتحال الصفات في العراق مثّل تحدياً آخر للأجهزة الأمنية في رصد وتفكيك حالات الانتحال، التي لم تعد تقتصر على أفراد بسطاء، بل بدأت تأخذ أشكالاً أكثر تعقيداً وتشابكاً، تصل في بعض الأحيان إلى داخل مؤسسات الدولة ذاتها.

 ويحذّر عاملون في المجال الأمني من أن بعض المنتحلين باتوا يتحركون بثقة داخل بيئات حساسة، مستخدمين وثائق مزيفة وعلاقات شخصية، ما يعيق اكتشافهم في وقت مبكر ويمنحهم فرصة التمادي.

شبكات منظمة

ومن جانبه، كشف ضابط في وزارة الداخلية العراقية، أن "العديد من حالات انتحال الصفة التي تم ضبطها خلال الأشهر الأخيرة كانت تجري داخل مؤسسات حساسة"، مشيراً إلى أن "منتحلي الصفات لا يكتفون بانتحال الرتب أو المسميات، بل يقدمون أنفسهم كمستشارين في مكاتب وزارية أو رئاسية، مستغلين ثغرات إدارية وغياب إجراءات التدقيق السريع".

وأضاف الضابط، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "بعض هذه الحالات لم تكن فردية، بل جرى التعامل معها كملفات أمنية تتعلق بشبكات صغيرة تعمل على إعداد هويات رسمية مزورة وأختام مطابقة للأصل، وتبيعها لقاء مبالغ مالية، أحياناً تصل إلى آلاف الدولارات".

ولفت إلى أن "التحقيقات أثبتت أن بعض أفراد هذه الشبكات يمتلكون صلات داخل مؤسسات رسمية تساعدهم على تمرير الأوراق أو الدخول إلى بعض المواقع الحساسة دون اعتراض".

وينص القانون العراقي على أن انتحال الصفة يُعد جريمة يُعاقب عليها القانون؛ لما فيها من تضليل للسلطات وابتزاز للمواطنين، وبحسب المادة 260 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، يُعاقب كل من تظاهر بأنه موظف أو مكلّف بخدمة عامة دون أن تكون له صفة رسمية، بالحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وتُشدّد العقوبة إذا ارتبط الانتحال بهدف الإضرار بالغير أو تحقيق منفعة شخصية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC