"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
تحول السودانيون بين عشية وضحاها، إلى أكثر الشعوب نزوحًا في العالم، بعد اندلاع الحرب الطاحنة في بلادهم التي تدخل منتصف الشهر الجاري عامها الثالث.
فلم يوفر الهرب من هول المعارك نجاة من "الجحيم" بالنسبة لملايين البشر، بل حملها النزوح إلى مخيمات البؤس داخل وخارج البلاد، مخلفًا آثارًا إنسانية مؤلمة.
ويعيش أكثر من 13 مليون نازح سوداني في أوضاع كارثية، ويعانون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي والصحي وفق التحذيرات الأممية.
وتشير أحدث أرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى نزوح 10.5 مليون سوداني داخل بلادهم، وهو أكبر نزوح تسجله السودان التي تعاقبت عليها الحروب والأزمات على الإطلاق.
ووفق الأرقام ذاتها فقد فرّ أكثر من 3 ملايين سوداني إلى خارج البلاد، يعيش أغلبهم في الدول المجاورة، إذ يوجد العدد الأكبر منهم في كل من تشاد، ومصر، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وإثيوبيا.
النزوح خارج البلاد
وسجلّت تشاد أكبر عبور للسودانيين بعد اندلع الحرب، ولا يزال المئات منهم يفرون يوميًّا حتى تجاوز عددهم هناك الـ 800 ألف.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في القاهرة إن 546 ألف سوداني مسجلون رسميًّا لديها بعد فرار الكثير منهم إلى مصر.
وفر عدد مماثل أو أكثر إلى دولة جنوب السودان التي تعاني هي أيضًا أزمات خاصة فيها أسوة بتشاد التي تعاني انعدام الاستقرار السياسي والأمني.
وفر نحو 100 ألف إلى إثيوبيا، التي أثرت فيها الحروب والنزاعات في أوضاعهم وجعلتهم فريسة لقطاع الطرق والعناصر المسلحة.
كما فر آلاف السودانيين إلى تونس وأوغندا وليبيا ولكن بأعداد أقل، وفق الأمم المتحدة.
جحيم مخيمات دارفور
وأما النازحون داخليًا فيعش غالبيتهم في مخيمات بإقليم دارفور غرب البلاد على وقع المعارك الشديدة، إذ وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" واقع المخيمات هناك بـ"الجحيم".
وقالت المنظمة في تقرير الشهر الماضي إن 815 ألف طفل محاصرون جراء المعارك في منطقة الفاشر عاصمة شمال دارفور وفي مخيم "زمزم" المجاور الذي يقطنه 750 ألف شخص وهم يعانون مجاعة شديدة ونقصًا في المياه والأدوية، إذ لا يمكن أن تصل المساعدات بسبب إغلاق الطرق إلى هذه المخيمات جراء القتال.
وأشارت إلى تسجيل 110 انتهاكات جسيمة بحق الأطفال النازحين في الفاشر، ومقتل 70 منهم خلال 3 أشهر فقط، فيما تشير تقديرات أممية بأن طفلًا كل ساعتين يقضي في مخيمات دارفور جراء الجوع وانعدام سُبل الحياة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يواجه نحو مليوني شخص في شمال دارفور انعدامًا شديدًا للأمن الغذائي، كما يعاني 320 ألف شخص بالفعل المجاعة.
وأعلنت المنظمة الأممية المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر، ويتوقع بحلول أيار/مايو المقبل، أن تتوسّع المجاعة إلى خمس مناطق أخرى من بينها الفاشر.
ولم تتمكن وكالات الإغاثة من توفير المساعدات الكافية في تلك المناطق، كما زاد تجميد إدارة دونالد ترامب، تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "يو أس آيد" من الصعوبات.
كما تعاني مخيمات اللاجئين والنازحين السودانيين الاكتظاظ وانعدام النظافة وانتشار الأمراض والأوبئة التي فاقمت معاناة الناس هناك.
تفشي الكوليرا
وأشارت منظمة الصحة العالمية، إلى تفشي الكوليرا في السودان وخصوصًا في مخيمات النازحين، إلى جانب أوبئة أخرى مثل الملاريا وحمى الضنك والحصبة.
وتوفي نحو 500 شخص بالكوليرا وأصيب أزيد من 14 ألفًا أغلبهم في مناطق النازحين بوباء الكوليرا العام الماضي، حيث تركز التفشي في ولايتي كسلا والقضارف اللتين تؤويان 1.2 مليون نازح.
وفي الثلث الأخير من العام 2024 أعلنت السلطات السودانية توسع انتشار الوباء مع استمرار هطول الأمطار الغزيرة على البلاد، حيث يؤدي انهيار البنى التحتية والصرف الصحي إلى تجمع المياه الآسنة والحشرات الناقلة للمرض في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
الخرطوم الأعلى نزوحًا
ووفق منظمة الهجرة الدولية فإن ولاية الخرطوم هي أكثر الولايات السودانية نزوحًا بنسبة 31% من مجموع النازحين، تلتها ولاية جنوب دافور بنسبة 18%، وشمال دارفور بنسبة 15%.
وتضرر سكان 13 ولاية من المعارك التي وصلت إليها من أصل 18 ولاية يتكون منها السودان الذي يصل عدد سكانه إلى أكثر من 50 مليونًا وفق آخر أحدث الاحصائيات الرسمية.
وأودت الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل/نيسان 2023 بحياة أكثر من 20 ألف شخص بين طرفي النزاع وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فيما تقدر منظمات غير حكومية أعداد القتلى بـ 130 ألفًا.