الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
دخلت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإحلال السلام في غزة، مرحلة خطرة تصنف بـ"التجمد" الذي قد يقود إلى تبخرها، بعد أن انعدمت في هذه اللحظة معالم تنفيذها. في وقت قد تراهن فيه إسرائيل على تبديد واقع القطاع نهائيًّا بما يخدم مخططها الخاص بتهجير الفلسطينيين من جهة، وتجد فيه حركة حماس من جهة أخرى، فرصة لعدم نزع سلاحها وإبقاء وضعها العسكري والسياسي في القطاع.
وتعيش عملية السلام في غزة حالة من الخمول الدولي والإقليمي بعد أن كانت متصدرة المشهد العالمي وذلك لعدة اعتبارات منها انشغال الإدارة الأمريكية بالعديد من ملفات الصراع، سواء خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا والتعقيدات التي تحاصرها، وصولًا إلى الأزمة القائمة بين واشنطن وكراكاس وارتفاع أسهم عملية عسكرية أمريكية في الكاريبي، في ظل ما تعلنه إدارة الرئيس الجمهوري، بالحرب على عصابات المخدرات، مرورًا بملف البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، ومدى إمكانية عقد عملية تفاوض بين واشنطن وطهران.
وأكد مصدر دبلوماسي عربي رفيع المستوى، أن خطة الرئيس الأمريكي في غزة والمهددة بالتأجيل، تحتاج إلى إنقاذ وإعادة إحياء سريع، وذلك من خلال الوقوف على ما تم تنفيذه من الأطراف المعنية والوسطاء، وتقييم ما تم من المرحلة الأولى واستكمالها ثم وضع جدول زمني يعطي له ترامب زخمًا ويكلف إدارته بتنفيذه بدقة من الوسطاء، مع توفير الآليات الدبلوماسية وغير ذلك.
وأضاف المصدر الدبلوماسي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه من الضروري أن يكون هناك محددات يتم على أثرها استكمال المراحل والوقوف على ما تم تنفيذه من نقاط بداخلها، مشددًا على أهمية أن يكون هناك عمل على وجود جهة حكم في القطاع مع لجنة معنية تتحرك بشكل مباشر بآلية عملية للانسحاب الإسرائيلي من المواقع المحتلة في القطاع بالتزامن مع تسليم الحركة سلاحها.
وبحسب المصدر الدبلوماسي، فإن الفراغ الأمني في القطاع يهدد خطة ترامب خاصة أن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى خروج تنظيمات أو جماعات مسلحة جديدة وهو ما قد يناسب إسرائيل وهدفها في القطاع بشكل كبير لكتابة نهاية هذه الخطة والوصول إلى المربع صفر.
فيما شدد مصدر سياسي فلسطيني، على ضرورة عمل الولايات المتحدة ومصر وقطر على إعادة تفعيل الخطة؛ لأن الجانبين، إسرائيل وحماس، وصلا إلى مرحلة تحقيق ما هو مطلوب ميدانيًّا على حساب تهديد القطاع بالحرب من جديد أو استمرار الواقع الحالي في صورة الموت البطيء والمجاعة لسكان القطاع.
وأفاد المصدر المسؤول باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، بأن هذه الوضعية تجعل الحركة مستمرة عسكريًّا وسياسيًّا داخل غزة وأن يكون لها حكم فيها حتى لو على مساحات أقل مما كان لها قبل الـ7 من أكتوبر 2023، وأن يبقى سلاحها الذي ترفض تسليمه معها، في حين أن إسرائيل فرضت الواقع في أراض بالقطاع وترى أن ما تفعله حماس فيما يتعلق بالسلاح سيقدم لها خطوة في وقت قريب، لإحياء مخطط التهجير.
وتابع أن حماس تتعامل من منطلق أن استمرارها في أجزاء من القطاع هو أفضل من إنهاء حكمها نهائيًّا ونزع سلاحها عبر الخطة الأمريكية.
وصرح المصدر الفلسطيني، أن جزءًا كبيرًا من سلاح حماس متواجد في مواقع داخل أنفاق لم تستطع إسرائيل الوصول إليه، ومن الطبيعي أن تعمل الحركة على إعادة ترتيب منظومتها العسكرية ووضع خطة للوقوف على إمكانية الاستفادة من سلاحها، ليبقى وجودها الحالي في المناطق التي لم تسيطر عليها إسرائيل بالقطاع مستمرًّا.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه مسؤولون إسرائيليون عن خطة جديدة لمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، تتضمن الالتزام بالأهداف التي أعلنتها إسرائيل مع جدول زمني طويل قد يمتد بضع سنوات، مع تعثر تطبيق الاتفاق الحالي بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وتكشف خطة "غزة الجديدة" التي نشرت تفاصيلها صحيفة "يديعوت أحرنوت" تطبيقًا مختلفًا وتفسيرات مخالفة لما ورد في خطة ترامب لإنهاء الحرب، مع قدرة إسرائيل على فرضها كأمر واقع في ظل موازين القوى الحالية.
وتتضمن الخطة إعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة حماس من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة حماس في هذه المناطق تدريجيًّا.
وترى الباحثة السياسية الفلسطينية، الدكتورة تمارا حداد، أن الخطة على شفا الانهيار أو ما يسمى حالة التجمد إلى أجل غير محدد أو تقويض نجاحها، حيث انعدمت في هذه اللحظة معالم تنفيذها لأكثر من سبب.
وأوضحت حداد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن في صدارة تهديد خطة ترامب بالانهيار، التعقيدات المتعلقة بالواقع الأمني، حيث إن حماس حتى اللحظة ترفض نزع السلاح الذي يعتبر أحد شروط المرحلة الثانية في حين أن تل أبيب تستخدم استمرار وجود ترسانة الحركة واستمرار حكمها في جزء من القطاع، كذريعة للبقاء في 58% داخل غزة، ويجعل إسرائيل أنها غير معنية في ظل هذه الملابسات، بالانتقال إلى المرحلة الثانية بالخطة.
وأشارت حداد إلى أن التعقيدات القائمة مرهونة أيضًا من الناحية السياسية، بمن سيحكم قطاع غزة أو سيناريو اليوم التالي، غير واضح المعالم، في ظل رفض إسرائيل قيام السلطة الفلسطينية بهذه المهمة من جهة، لإبقاء الحال على ما هي عليه أي اللاسلم واللاحرب، بالإضافة إلى أن الأمور مبهمة في عملية إعادة الاعمار، خاصة مع عدم دخول المعدات إلى القطاع، وهو ما يحتاج ترتيبًا داخليًّا فلسطينيًّا وجهدًا عربيًّا وبُعدًا أمنيًّا مستتبًّا في القطاع.
وبينت حداد أن من ضمن المعطيات التي تهدد تبخر خطة ترامب في غزة، عدم الاستقرار على القوة الدولية المعنية بمهام الأمن في القطاع حتى اللحظة في ظل رفض بعض البلدان مشاركة قواتها من منطلق الخوف من أن تقوم تلك القوة بمهام الجيش الإسرائيلي، في وقت تتعامل فيه حماس على أنها غير معنية بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة، حتى يبقى حكمها في أجزاء من غزة، أملًا في أن تتحول مع الوقت إلى حزب سياسي وأن يكون لها وجود بالحكم المستقبلي، والحال ذاتها لإسرائيل، التي لا تريد أي تحرك فعلي للخطة، لأن ذلك سيؤدي إلى عملية إعادة الإعمار ووجود استقرار أمني والقضاء على الفوضى في القطاع ومن ثم عرقلة عملية تهجير الفلسطينيين.
واستكملت حداد أن من أسباب تهديد خطة ترامب أيضًا أنه بات هناك حدود جديدة تجعل قطاع غزة قسمين، منطقة تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تحت نفوذ حماس، وهو ما يؤدي إلى عدم وضوح المعالم الجغرافية على الأقل، لانتقال الخطة إلى المراحل المتقدمة.
واستطردت حداد أن إعادة إحياء الخطة تتطلب الضغط على إسرائيل للانسحاب والضغط من جهة أخرى، لنزع سلاح حماس عبر الوسطاء بالإضافة إلى ضرورة وجود السلطة الفلسطينية داخل غزة، والتي تعتبر أفضل إدارة للقطاع، مع إدخال قوات حفظ السلام، لتكون بديلة لإسرائيل في غزة داخل المناطق التي تتواجد فيها قوات الاحتلال حتى الآن.