يذهب خبراء إلى أنه لا خلاف حقيقيًا بين الولايات المتحدة وإسرائيل، رغم المواقف المتعارضة بين الجانبين في ملفات حيوية، منها الهجوم على إيران، مدللين على ذلك بالجسر الجوى الأمريكي المتواصل استعدادًا للهجوم العسكرى على إيران.
ويري الخبراء أن الأمر لا يتجاوز كونه اختلافًا في ترتيب الأولويات، على سبيل المثال البدء بالمسار الدبلوماسي مع إيران، في مواجهة التعامل العسكري الفوري.
ترتيب الأولويات
ويري خبير الشؤون الدولية، د. محمود العدل، أنه مهما كانت قوة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، فلا مانع أن يكون اختلاف في ترتيب أولويات التعامل مع الملفات الحيوية، فإسرائيل رغم محاولاتها المتكررة لثني الولايات المتحدة عن الانسحاب من سوريا، خاصة مع اشتداد التنافسية بين تل أبيب وأنقرة، أصرت واشنطن على موقفها، وبدأت في تنفيذ الانسحاب الجزئي، رغم تضرر إسرائيل العلني من ذلك.
ويقدر العدل أن المعلن غير ما يدور في الكواليس بين الولايات المتحدة، وهذا سيتضح بعد نهاية مشهد الانسحاب، خاصة لو جاءت القوات الإسرائيلية لتحل محل نظيرتها الأمريكية.
وأشار خبير الشؤون الدولية، أن إصرار السلاح الجوى الإسرائيلي بإيعاز من المستوى السياسي في تل أبيب على منع طيران الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأجواء السورية، جاء للتأكيد الإسرائيلي على السيطرة الجوية في سوريا، مقابل التنافسية مع تركيا، بخلاف استمرار إضعاف السلطة الفلسطينية.
وأكد العدل أن الولايات المتحدة تعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية أيضًا، بملاحقتها بتعويضات كبيرة جدًا بحجة رعاية الأسرى في السجون وأسرهم، بالإضافة للترتيب الثنائي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة، وهذا يدلل على التوافق بينهما.
مناورة لتهديد إيران
ويتوافق د. رفعت سيد أحمد، خبير الشؤون الإقليمية مع رؤية العدل عامة، مضيفًا أن "بروباغندا" تعطيل الرئيس الأمريكي ترامب لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، مجرد مناورة لتهديد لإيران، من أجل التأثير على قراراتها خلال المباحثات المباشرة مع الولايات المتحدة.
وأشار سيد أحمد إلى أن الخلافات كانت كبيرة خلال لقاء ترامب ونتنياهو، لكنها لا تؤثر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في كل الملفات. لافتًا إلى خلافات بينهما في إدارة الأمور، لكن الرؤية الشاملة واحدة، ومن الخلافات الجديدة بينهما، عودة بوهلر كمستشار لملف الرهائن، رغم رفض إسرائيل له بعد مباحثاته المباشرة مع حركة حماس، وبالفعل اعتبرت حركة حماس عودة بوهلر دفعة معنوية لها.
كما لفت إلى الاعتراض الإسرائيلي على تراجع ملف الرهائن بغزة على مائدة الأولويات الأمريكية، مقابل الحرب الاقتصادية والمفاوضات الإيرانية، رغم تأكيد ترامب أنه عازم عن إعادة الرهائن.
أبعاد دينية
ويحذر الخبيران من خطورة تصديق هذه الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، لدرجة أن يؤثر هذا على صناعة القرار، خاصة أن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب لها أبعاد دينية أكثر من كونها سياسية، وإدارة ترامب أغلبها إن لم تكن كلها يهود، ومنهم من هو مقيم في مستوطنات إسرائيل منذ سنوات، وبالتالي لا ننتظر منها أية خلافات حقيقية.
ويؤكد العدل أن واشنطن التي قدمت رقمًا قياسيًا من المساعدات لإسرائيل وصل لحوالي 70 مليار دولار خلال عام ونصف فقط، لن تنهي أي ملف بخلاف يؤثر على إسرائيل بالمرة.
ووفق تصوره، يرى أحمد أن إسرائيل لن تنتظر طويلًا في الملف النووي الإيراني، رغم تنبيه ترامب المتكرر، ووعده بأنه سيكافئ إسرائيل على انتظارها في النهاية.
تكامل أمريكي إسرائيلي
ومن الناحية العملية، فالتكامل الأمريكي الإسرائيلي ضد ميليشيا الحوثيين في اليمن، هو العلاقة الحقيقية بين واشنطن وتل أبيب، وأيضًا الدعم الأمريكي التام في الملف اللبناني والموافقة على البقاء الإسرائيلي في 5 مواقع لبنانية، رغم أن هذا ضد اتفاق وقف النار.
وانتهى خبير الشؤون الإقليمية إلى ضرورة عدم البناء على حديث الخلافات بين واشنطن وتل أبيب، والتركيز على التوافق على موقف عربي موحد في مواجهة هذه التحديات والتهديدات المتعاظمة في عدة ملفات حيوية.