يصل رئيس الدبلوماسية الفرنسية جان نويل بارو إلى الجزائر، اليوم الأحد، لمناقشة قائمة طويلة من القضايا التي يريد الرئيس إيمانويل ماكرون التحرك بسرعة لحسمها والحصول على نتائج.
وأعادت الجزائر فتح الباب للحوار أمام باريس بعد 8 أشهر من الأزمة غير المسبوقة، والملاسنات ورسائل المبعوثين الدبلوماسيين والوسطاء غير الرسميين الذين تم حشدهم من الجانب الفرنسي لمنع القطيعة بين البلدين.
توترات متراكمة
وأجرى الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، مكالمة هاتفية مطولة وصريحة يوم الاثنين بعد توترات تراكمت منذ قرار رئيس الدولة الفرنسي، في يوليو/ تموز 2024، بدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. والآن جاء دور وزير الخارجية الفرنسي لتولي زمام الأمور والعمل على إعداد خارطة طريق للخروج من الأزمة، وهي وثيقة أساسية للجزائر وباريس تتضمن كل القضايا الخلافية.
وأعرب رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، في بيان له عن ارتياحه لاستعادة ماكرون لزمام هذا الملف، وإعادة التوازن داخليًا في حكومته، معتبرًا ذلك أمرًا إيجابيًا في حد ذاته.
وطرح أسئلة بشأن طريقة تعاطي الجزائر مع الأزمة، قائلاً "علينا أن نقوم نحن أيضًا بعملية مراجعة ذاتية، لماذا أصبحنا هدفًا سهلًا لهذه الهجمات؟ هل نحن، جزئيًا على الأقل، مسؤولون عن هذا الوضع؟ هل سلوكنا يُغذي فعلاً هذه المشاعر في فرنسا؟ هل ردود أفعالنا متناسبة مع التحديات، أم أنها تترك مجالًا مفتوحًا لهذه الهجمات؟".
كذلك هاجم جيلالي الطبقة السياسية الجزائرية واصفًا إياها بأنها "كانت غائبة أو عديمة الفعالية خلال الأزمة، بسبب فقدانها للمصداقية لدى السلطة"، وانتقد الإعلام الجزائري الذي لم تكن له أي قدرة على التأثير أو الدفاع عن صورة البلاد، وهو غائب تمامًا عن الساحة الإعلامية الدولية.
قضية الهجرة
ومن المرتقب أن تعقب زيارة بارو جولة مماثلة لوزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانين إلى الجزائر لتوجيه دعوة رسمية للرئيس الجزائري للقيام بزيارة دولة إلى باريس، وفق ما كشفت مصادر دبلوماسية لـ"إرم نيوز".
ومن الملفات المطروحة على طاولة مبعوث ماكرون اليوم، قضية الهجرة التي تفاقمت منذ هجوم بالسكين نفذه جزائري في فبراير/ شباط في مدينة مولوز، وانتهز وزير الداخلية برونو ريتيلو الحادثة للضغط على الجزائر لاستعادة مواطنيها الموجودين في وضع غير نظامي على الأراضي الفرنسية. وبعد ذلك بدأت المواجهة، ما أدى في نهاية المطاف إلى رفض الجزائر لقائمة تضم نحو 60 شخصًا مرشحين لطردهم من البلاد.
لكن حسب معلومات فرنسية، فإن هذه القائمة تم التراجع عنها، لكن تسعى باريس لوضع إجراءات تسمح للجزائر باستعادة مواطنيها المتواجدين بشكل غير قانوني في فرنسا، والذين انخفضت حالات إعادة قبولهم بشكل أكبر في الأسابيع الأخيرة.
وهناك قضية رئيسة أخرى وهي تعزيز التعاون الأمني، إذ استؤنف التنسيق منذ زيارة رئيس المديرية العامة للأمن الخارجي نيكولا ليرنر، إلى الجزائر في يناير/ كانون الثاني.
الشراكة الأوروبية
وتتضمن خريطة الطريق أيضا المسائل الاقتصادية، إذ تتوقع باريس أن تتمكن الجزائر من حل القضايا التي تبدو فيها العقبات أكثر وضوحا. وينطبق ذلك بشكل خاص على مصنع رينو (السيارات) ومصنع مجموعة فولفو-شاحنات رينو اللذين تلقيا إخطارا في 12 مارس/ آذار من اللجنة الفنية التابعة لوزارة الصناعة لاستئناف نشاطهما الإنتاجي. وتتوقع أيضا أن ترسل السلطات الجزائرية إشارة قوية إلى إدارتها لإصدار التراخيص اللازمة للواردات الفرنسية.
ومن جانبها، تعهدت فرنسا بدعم الجزائر في إعادة التفاوض على اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ودعم إحياء العلاقات بين مجتمعات الأعمال. وقد تلقى كمال مولى، رئيس اتحاد أرباب العمل الجزائري، المقرب من السلطة، دعوة من اتحاد أرباب العمل "ميداف" لزيارة باريس.
ملفات عالقة
في المقابل، قطاع القضاء يحتاج إلى تعزيز التعاون، والذي يشمل تدريب القضاة الجزائريين والتبادلات بشأن القضايا الحساسة، ويتعلق الأمر بقضية الوزير الجزائري السابق الهارب عبد السلام بوشوارب الذي يعيش في فرنسا منذ العام 2019. وبينما رفض القضاء الفرنسي تسليمه، نددت وزارة الخارجية الجزائرية بـ"المماطلة والتأخيرات غير المبررة وغير المفهومة من الجانب الفرنسي".
أما أكثر ملف مثير للتوترات وهو الماضي الاستعماري، فيتعين على اللجنة المشتركة للمؤرخين أن تستأنف عملها، قبل صيف عام 2025، وأن تقدم توصياتها إلى رئيسي الدولتين.