logo
العالم العربي

ضغوط الداخل والخارج.. خيارات "صعبة" أمام لبنان لضبط سلاح حزب الله

ضغوط الداخل والخارج.. خيارات "صعبة" أمام لبنان لضبط سلاح حزب الله
استعراض عسكري سابق لحزب اللهالمصدر: غيتي إيمجز
06 أغسطس 2025، 10:30 م

في خطوة لافتة وإن كانت غير مكتملة نحو تأكيد سلطة الدولة، أعلنت الحكومة اللبنانية  رسميًا احتكار الدولة للسلاح، ما شكّل تطورًا مهمًا في الصراع المستمر مع ترسانة ميليشيا حزب الله

ورغم أن هذا الإعلان يعكس تحولًا في موقف الحكومة، فإنه لم يعالج واقعًا جوهريًا ومهمًا، وهو أن أسلحة حزب الله تُدار فعليًا تحت النفوذ الإيراني، وفقاً لتقرير نشرته "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي".

وبحسب التقرير، أدى رئيس الوزراء نواف سلام دورًا محوريًا في تحويل الموضوع إلى مجلس الوزراء، محرزًا نقطة سياسية على حساب رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي كان قد أعلن في أبريل أنه وحده من سيقود الحوار مع حزب الله بشأن نزع السلاح، لكن جهوده لم تُحقق تقدمًا، ما زاد من إحباط المجتمع الدولي. 

وفي أواخر يوليو، تعرض سلام لضغط من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما حذر المبعوث الأمريكي المؤقت إلى لبنان توم باراك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: "طالما احتفظ حزب الله بالسلاح، فإن الكلمات لن تكون كافية. على الحكومة وحزب الله الالتزام الكامل والتحرك فورًا لكي لا يُحكم على الشعب اللبناني بالبقاء في حالة الركود".

أخبار ذات علاقة

شعار حزب القوات اللبنانية

"القوات اللبنانية": حصر السلاح بيد الدولة "قرار تاريخي"

 

تصاعد الضغوط الدولية والمحلية


وقال التقرير إن حدة الضغوط زادت خلال زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا إلى بيروت، فقد التقى عون وناقش معه احتكار الدولة للسلاح.

وبعد ذلك، غيّر عون موقفه، ووافق على مناقشة سلاح ميليشيا حزب الله في مجلس الوزراء. وفي خطاب بمناسبة الذكرى الـ80 للجيش اللبناني، دعا عون حزب الله إلى "المراهنة على الدولة اللبنانية".

وأضاف التقرير: "تعكس هذه التحركات السياسية والدبلوماسية المكثفة واقع لبنان الحالي كدولة تحت وصاية دولية فعلية، حيث تُجبر القوى الخارجية المسؤولين المحليين على اتخاذ قرارات طالما تم تجنبها".

ورغم أن هذا قد يمثل تقدمًا، فإنه يكشف في الوقت نفسه عن تآكل سيادة لبنان ويبرز هشاشته البنيوية.

وفي غياب بدائل حقيقية، يرى بعض المسؤولين أن الغارات الإسرائيلية المستمرة على مواقع حزب الله والمناطق التابعة له في جنوبي لبنان وبلدات البقاع تشكل ضغطًا حقيقيًا غير مرغوب فيه على الحزب.

وقال التقرير: "تتزايد المطالب بتسريع نزع سلاح حزب الله. ووصفت الباحثة حنين غدار من ”معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“ توجيه الحكومة للجيش بوضع خطة للنزع بحلول ديسمبر بأنه "سخيف تمامًا" و"كارثي". 

وأضاف: "غير أن غالبية المسؤولين اللبنانيين يتوخون الحذر. فهم يرفضون استخدام القوة ضد حزب الله أو إثارة غضب الطائفة الشيعية بشكل مدروس واستراتيجي". 

وفي مقابلة حديثة، أقر المبعوث الأمريكي توم باراك بأن تحفظ عون ينبع من رغبته في تفادي اندلاع حرب أهلية.

أخبار ذات علاقة

الرئيس اللبناني والحكومة خلال مناقشة مصير سلاح حزب الله

بسبب تمسكه بالسلاح.. "حزب الله" يضع لبنان أمام 3 سيناريوهات

 
غياب الحوار مع إيران وتأثيره في السيادة اللبنانية


ووفق "كارنيغي"، تبرز فجوة واضحة في استراتيجية نزع السلاح، وهي غياب الحوار مع إيران، اللاعب الرئيس وراء أسلحة حزب الله.

وأردف: "يعكس هذا الإغفال القيود التي يفرضها المحور الأمريكي-الإسرائيلي على بيئة لبنان الخارجية". 

وتابع أن "استبعاد طهران، بحسب التقرير، يعني أن لبنان يعالج ملف نزع السلاح دون التعامل مع صاحب القرار الأساسي، كما يفتح المجال أمام دول أخرى للتأثير في النتائج، ما قد يترك لبنان بلا قدرة على التأثير في المخرجات النهائية".

واستطرد: "علاوة على ذلك، يعزز هذا الوضع المكانة الفريدة لحزب الله كقناة لبنانية وحيدة لإيران، ما يحرم الدولة من سيادتها الدبلوماسية".

وبين: "يمكن لفتح قنوات اتصال هادئة مع إيران، بعيدًا عن الأضواء وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين الرئيسيين، أن يوفر للبنان رؤية أفضل حول مدى استعداد طهران للتفاوض والتساهل". 

ورغم أن الاستراتيجيات الأمريكية والإسرائيلية تهدف إلى إخراج إيران من لبنان، فإن الانفصال التام بين الطائفة الشيعية اللبنانية وطهران ليس واقعيًا ولا مرغوبًا، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية، بما في ذلك سقوط نظام الأسد في سوريا، ما عزز موقف الفاعلين السنة في المنطقة.

أخبار ذات علاقة

أنصار حزب الله

"كأنه غير موجود"..حزب الله يهاجم قرار نزع سلاحه و يصفه بـ"الخطيئة الكبرى"

 وبحسب التقرير، قد لا تؤدي هذه الاتصالات إلى نتائج كبيرة، لا سيما بسبب الانقسامات داخل النظام الإيراني واختلاف مصالح الجماعات المتعلقة بمستقبل حزب الله.

وذكر: "مع ذلك، قد تمنح مثل هذه الحوارات لبنان نفوذًا وفهمًا أوضح، خاصة مع تقلص هامش المناورة الذي يتمتع به الحزب". 

السيناريوهات المحتملة وخطر التصعيد

وقال التقرير: "في الوقت نفسه، يجب على إيران وحزب الله أن يكونا حذرين. إذا استمرا في عرقلة نزع السلاح، فقد تكون العواقب وخيمة".

وأضاف: "مع الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، قد تستغل تل أبيب الفرصة لاحتلال مزيد من الأراضي في جنوب لبنان، مع اشتراط انسحابها نزع سلاح حزب الله وتوقيع معاهدة سلام رسمية". 

وذكرت مؤسسة كارنيغي أنه "في مثل هذا السيناريو، قد يجد لبنان نفسه بلا سبيل دبلوماسي فعّال لاستعادة أرضه".

أخبار ذات علاقة

أحد مناصري حزب الله خلال احتجاجات في بيروت

مصادر لبنانية لـ"إرم نيوز": حزب الله يعد خطة لتأجيج الشارع لمنع نزع سلاحه

 وأشارت إلى أن "حزب الله قد يجد في التصعيد الإسرائيلي المتجدد فرصة لإحياء رواية المقاومة، لكن هذا خطأ فادح".

وبينت أن "غالبية اللبنانيين حذرون جدًا من المزيد من الصراعات، ويزداد العداء تجاه الحزب. والأهم أن الحزب يفتقر إلى خطوط إمداد موثوقة تمكنه من الصمود".

وأظهرت الحرب التي جرت العام الماضي أن معظم اللبنانيين استمروا في حياتهم الطبيعية رغم تعرض المناطق الشيعية لقصف إسرائيلي مكثف.

وبعد سنوات من تجنب العزلة، يخاطر حزب الله بعزلته عن قواعده الداخلية وحلفائه الإقليميين إذا أخطأ في تقييم المناخ الراهن.

على صعيد الداخل، سيكون من الضروري أن يتعاون الرئيس عون ورئيس الوزراء سلام.

ورغم شكوك البعض في وجود حسابات سياسية لدى عون تدفعه للتردد، فإن تحركاته الأخيرة، بما في ذلك خطابه واستعداده لتسليم ملف سلاح حزب الله إلى مجلس الوزراء، توحي بأنه يحاول الظهور كطرف مصالِح في المفاوضات مع الحزب.

وهذا الدور قد يكون مفيدًا، لكنه مشروط بتحقيق هدف الدولة في استعادة احتكار السلاح، على حد وصف التقرير.

وختم: "في النهاية، فإن الفرصة لإحداث تغيير فعلي ضيقة. وإذا أخفقت القيادة اللبنانية في اتخاذ خطوات حاسمة واستراتيجية، فإنها تخاطر بالتخلي عن مستقبلها لمصلحة القوى الخارجية والفصائل المسلحة". 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC