ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تدفع الولايات المتحدة قدما بخطة لإعادة إعمار مدينة رفح جنوب قطاع غزة كمرحلة أولى ضمن مسار إعادة إعمار القطاع، وسط غموض ومصير مجهول لبقية مراحل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ويرى مختصون في هذه الخطوة تكريسا لمزيد من خطوات فرض الأمر الواقع في قطاع غزة، وهو ما بدأته إسرائيل بترسيم خطوط انتشارها، وإقامة "الخط الأصفر" الذي تحول إلى حدود شبه رسمية تسيطر إسرائيل بموجبه على أكثر من نصف غزة.
وتجتمع في مدينة رفح عدة عوامل جعلتها الخيار الأبرز على الطاولة في تنفيذ مشروع إعادة إعمار المناطق غير الخاضعة لحماس في غزة، من بينها أنها المدينة الوحيدة في قطاع غزة التي تخلو من السكان تماما.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي توفيق أبو جراد، أن الإدارة الأمريكية تدرك تمامًا أن مدينة رفح باتت خالية من السكان والمباني؛ ما يجعلها الموقع الأنسب لتنفيذ مخططها المتعلق بمناطق النفوذ.
وتضم المدينة معبر رفح البوابة الوحيدة للغزيين إلى العالم، كما أنها باتت موطأ قدم للميليشيا المسلحة الكبرى في قطاع غزة والتي يقودها ياسر أبوشباب.
وقال أبوجراد لـ"إرم نيوز": "التصور الأمريكي يقوم على إعادة الإعمار في المناطق التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، والفلسطينيون يعتبرون هذه المناطق جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، ويجب أن تخضع بالكامل للإرادة الفلسطينية".
وأضاف "أي محاولات لإعادة الإعمار في هذه المناطق تأتي لفرض وقائع ميدانية تحت إشراف إسرائيلي – أمريكي".
وأكد "أهمية أن يتم تنفيذ ملف إعادة الإعمار ضمن الرؤية العربية الفلسطينية، وبما يشمل جميع المناطق المتضررة، بما فيها تلك التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية".
وقال إن "تنفيذ المخططات الجارية في رفح يكشف عن وجود نية مبيّتة لعرقلة تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، والتي تنص على انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها خلال الحرب، وضمان شمول قطاع غزة بالكامل في عملية إعادة الإعمار وفق الرؤية الفلسطينية والعربية والدولية".
ونوه بأن تبرير بعض الجهات الدولية لعدم تنفيذ الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة حماس، بذريعة الخشية من عودتها للحكم، "أمر غير منطقي".
وأوضح أن إعادة الإعمار يجب أن تظل ضمن الإطار الوطني الفلسطيني الشامل، خاصة وأن المرحلة الثانية من الاتفاق تتضمن إنهاء حكم حماس، وتهيئة الظروف لوجود قوات دولية تُشرف على إدارة المرحلة الانتقالية.
من جانبه، أكّد المحلل السياسي هاني العقاد، وجود تضارب واضح في خطط إعادة إعمار قطاع غزة، عبر تقديم سلسلة مقترحات وأفكار، كان آخرها مقترح إقامة المناطق الخضراء في رفح.
وقال العقاد لـ"إرم نيوز" إن "الولايات المتحدة تطرح تصوراً منفصلاً عن الخطة العربية-المصرية التي تم اعتمادها في القمة العربية الأخيرة في مارس الماضي، والتي تقوم على إعادة الإعمار الشامل لجميع مناطق القطاع".
وأضاف "واشنطن تروج لخطة جزئية تُركّز على المناطق التي تصنفها إسرائيل كمناطق خضراء تخضع لسيطرتها، وعلى رأسها مدينة رفح، حيث تسعى لبدء الإعمار فيها دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية أو الدول العربية".
وتابع أن "هذا التوجه يُمثّل التفافاً على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينص على إعادة الإعمار في كل مدن القطاع دون استثناء".
وحذر العقاد من أن ما يجري قد يكون نتيجة "تفاهمات غير معلنة" بين واشنطن وتل أبيب تهدف إلى تثبيت واقع ميداني يُبقي السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على أجزاء من القطاع، ويمنع انسحاباً كاملاً من المناطق الواقعة خلف الخط الأصفر؛ وهو ما يناقض صلب الاتفاقات المطروحة لإنهاء الحرب.
وقال إن "غياب التنسيق الأمريكي-العربي في ملف الإعمار يعزز الشكوك حول حسن النوايا الأمريكية، خاصة مع تصاعد المؤشرات على أن واشنطن تطرح مشاريع تخدم الأجندة الإسرائيلية، سواء عبر محاولة فرض تقسيم فعلي للقطاع أو من خلال تكريس واقع ثنائي السيطرة بين إسرائيل وحماس".