استعرض خبراء مجموعة سيناريوهات محتملة قد تترتب على تقرير الجيش اللبناني الأول المقدم لمجلس الوزراء، بعد شهر من إقرار خطته وعمله على حصر السلاح بيد الدولة.
وقال الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح التي سيعلن الجيش عن نتائجها هي مرحلة جنوب الليطاني التي شارفت على الانتهاء، في وقت لم تصل فيه القوى العسكرية إلى بعض المناطق لأسباب أمنية أو سرية لا يعرفها أحد.
ومن أبرز السيناريوهات المحتملة بناءً على هذا التقرير، أنه في حال احتوائه على نتائج معززة بالأرقام ومهام تمت في إطار نزع سلاح حزب الله، ومداهمة بعض مخازن السلاح التابعة للميليشيا اللبنانية، وتوقيف عمليات تهريب السلاح، ومتابعة العناصر التي تقوم بذلك، فسيقدم انطباعًا للعالم أن السلطة السياسية في لبنان والقيادة العسكرية أخذت على عاتقها مسألة نزع سلاح حزب الله، وبالتالي تتعمق ثقة المجتمع الدولي بهذه الخطة.
أما في حالة غياب مرحلة جنوب الليطاني عن التقرير، وعدم تحقيق نتائج فعلية في تنفيذ خطة نزع السلاح التي وضعها الجيش بنفسه، فإن ذلك سيكون بمثابة ورقة إضافية في جعبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لشن حرب على لبنان، للقضاء على حزب الله عسكريًّا.
يقول الباحث السياسي اللبناني، الدكتور ميشال شماعي، إن تقرير الجيش اللبناني يعزز الثقة التامة بمؤسسة الجيش، وكذلك بحكمة رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي يعمل وفق نهج حكيم وهادئ لتجنب أي تعطيل قد ينتج عن إشكاليات أمنية يفتعلها الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، لافتًا إلى حادثة صخرة الروشة كنموذج على ذلك.
وأضاف شماعي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن خطة الجيش اللبناني مقسمة إلى خمس مراحل، وأن المرحلة الأولى التي سيتم الإعلان عن نتائجها هي مرحلة جنوب الليطاني التي شارفت على الانتهاء، وإن بقيت بعض المناطق التي لم يصل إليها الجيش اللبناني لأسباب أمنية أو سرية لا يعرفها أحد.
واعتبر أن تلك المناطق أصبحت بحكم الميتة؛ لأن الاتصال بها فقد وانقطع، وهي الآن تحت مرمى النيران الإسرائيلية.
وشدد شماعي على أن الحكومة اللبنانية لا تقبل المساومة على مبدأ تطبيق قراراتها، ولا سيما بعد الانتكاسة التي منيت بها في حادثة صخرة الروشة، والتي تركت تداعيات سلبية على صورة رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام أمام المجتمع الدولي، إذ ظهر كأنه عاجز عن تطبيق القرارات التي اتخذها في جلستي الخامس والسابع من أغسطس/آب الماضي، والتي تم التأكيد عليها في جلسة الخامس من سبتمبر/أيلول الماضي.
وأوضح أن قرارات أغسطس/آب لم تلغَ، ولم يتم التحايل عليها، بل تم تثبيتها في جلسة الخامس من سبتمبر/أيلول، ومن هذا المنطلق، ينتظر اللبنانيون من مؤسسة الجيش تنفيذ المقررات الحكومية، لكن المسألة تحتاج إلى بعض الوقت والتروي والحكمة.
وختم شماعي بالقول إن الإشكالية الكبرى تكمن في أن المجتمع الدولي، ومن خلفه الاحتلال الإسرائيلي، لن ينتظر الحكومة اللبنانية لتنفيذ قراراتها بالأسلوب الهادئ، وما يخشاه الشارع اللبناني هو أن يستغل نتنياهو هذه الفرصة لينفذ ضربته العسكرية، التي باتت احتمالات وقوعها أكبر بكثير من انتظار مؤسسات الدولة اللبنانية لتنفيذ قرارات الحكومة، خصوصًا بعد حادثة صخرة الروشة.
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي اللبناني، قاسم يوسف، أن التقرير الأول للجيش بخصوص خطة نزع السلاح يكتسب أهمية استثنائية، حيث ستقدم فيه المؤسسة العسكرية تفاصيل وإجابات حول استفسارات من بينها: "ماذا فعل الجيش بشكل حرفي في خطة حصر السلاح؟ وهل استطاع أن يداهم بعض مراكز السلاح التابعة لحزب الله؟ وما الذي استطاع أن يغلقه من مخازن سلاح؟ وهل أوقف عمليات تهريب السلاح، وتتبع العناصر التي تقوم على ذلك؟".
وأضاف يوسف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه ينبغي أن يتضمن تقرير الجيش إجابات لهذه الأسئلة، إضافة إلى تقديم الخطة المستقبلية لاستكمال نزع السلاح، وبيان حجم الإنجاز المنتظر.
وأوضح أن هذا الملف لن يكتسب بعدًا محليًّا فقط ، فهو ليس تقريرًا عسكريًّا وسياسيًّا وتقنيًّا للوضع الداخلي، بل يكتسب أهمية قصوى على المستوى الإقليمي والدولي، بمعنى أن هذا التقرير إن كان دسمًا، واحتوى على معلومات وأرقام حول إنجازات الجيش منذ قرار نزع السلاح، فإنه سيعطي انطباعًا للعالم بأن السلطة السياسية في لبنان والقيادة العسكرية أخذت على عاتقها مسألة نزع سلاح حزب الله، وبالتالي ستتعمق الثقة بهذه الخطة من قبل المجتمع الدولي.
وتابع يوسف: "أما إذا ظهرت هذه الخطة وكأنها مجرد حبر على ورق، وأنه لا يوجد إمكانية لدى الجيش اللبناني لفعل أي شيء خلال الشهر الأول من تنفيذها، فإن الأمور ستذهب إلى مسار مختلف"
وتوقع أن يعتمد رئيس الوزراء الإسرائيلي على هذا التقرير، في حال عدم تقديمه تعاملات إيجابية بشأن نزع سلاح حزب الله، حينها سيقف نتنياهو قائلًا: "أرأيتم أن الجيش لا يستطيع مداهمة مراكز سلاح حزب الله".
وأفاد يوسف أن هذا التقرير يكتسب أهمية استثنائية أيضًا، قد تؤسس لسلام مستدام في لبنان، وتسوية كبرى، وقد تكون ورقة إضافية من ضمن الذي يجمعه نتنياهو في جعبته، لشن حرب كبرى على لبنان.
وبين أن القيادة السياسية في لبنان تدرك الخطورة والأهمية القصوى لما سيحتويه هذا التقرير، كما تدرك قيادة الجيش أهمية الدور الذي تضطلع به، وبالتالي الجميع ينتظر وقت عرض التقرير على مجلس الوزراء.
وشدد يوسف أنه مع هذا التقرير، إما أن تذهب الأمور للمزيد من الثقة العربية والدولية، وحتى داخليًّا، بالجيش اللبناني لإنجازه المهمة التي أعد خطتها، أو الذهاب لخيار منفصل تمامًا قد يبدأ بحرب كبرى على لبنان، ولا سيما بعد توقيع اتفاق غزة، وربما لا تنتهي إلا بكسر حزب الله نهائيا بالمعنى العسكري، وتحول الأمور إلى أفق جديدة بالمعنيين السياسي والعسكري.