أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن "تل أبيب ستسمح بإدخال كميات أساسية من الغذاء إلى قطاع غزة، وستشن في الوقت ذاته عملية عسكرية ضد القطاع"؛ ما يثير التساؤلات حول النوايا الإسرائيلية للمرحلة المقبلة.
ويأتي قرار إدخال المساعدات عقب موافقة المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" على ذلك، رغم الانتقادات الحادة التي وجهت للقرار من أعضاء ومؤيدي الائتلاف الحكومي، فيما أكد نتنياهو أن كمية المساعدات التي يتم إدخالها إلى غزة هي الحد الأدنى المطلوب لمنع المجاعة.
وأوضح مكتب نتنياهو أن "ذلك شرط ضروري من أجل استكمال الانتصار على حركة حماس وبناءً على توصية من الجيش الإسرائيلي"، مشددًا على أن حدوث مجاعة قد يُهدد استمرار عملية "عربات جدعون" العسكرية.
و"عربات جدعون" هي العملية العسكرية التي بدأ الجيش الإسرائيلي مؤخرًا بتنفيذ أولى مراحلها في قطاع غزة، وتهدف إلى السيطرة بشكل كامل على القطاع، والقضاء على حماس وجناحها المسلح واستعادة الرهائن، وفق ما يؤكده القادة الإسرائيليون.
وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، فإن "المساعدات التي ستدخل إلى غزة ستكون وفق النظام القديم"، مشيرة إلى أنها ستشمل نحو 30 شاحنة يوميًّا، وستكون محملة بمواد غذائية مثل بدائل الحليب والطحين، إضافة إلى مساعدات طبية".
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن "شاحنات المساعدات التي ستدخل القطاع ستكون محدودة إلى حين تولي شركة أمريكية مسؤولية تسليمها لسكان القطاع وفق الآلية التي تجري مناقشتها مع الولايات المتحدة منذ مدة".
وأوضحت أن "موظفي الشركة الأمريكية تلقوا جلسة إحاطة في إسرائيل حول طبيعة عملهم، حيث سيكون نقل المساعدات إلى غزة بأسلوب جديد يمنع وصولها إلى حركة حماس"، مبينة أن إدخال المساعدات لن يكون بهذه الطريقة في الوقت الحالي.
وأضافت: "خلال جلسة إحاطة أُجريت في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، واستمرت قرابة ساعتين، طُرح العديد من التساؤلات من قِبل الحضور حول التناقض في المواقف المتعلقة بإدخال المساعدات إلى غزة".
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، أسعد غانم، إن "إدخال المساعدات إلى غزة يأتي في إطار سياسة إسرائيلية لتحقيق هدفين رئيسين، الأول، تخفيف الضغوط الأمريكية والأوروبية على حكومة نتنياهو، مقابل إدخال كميات مقننة للقطاع".
وأوضح غانم، لـ"إرم نيوز"، أن "الهدف الثاني يتمثل في استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية الجديدة دون أي اعتراض من قبل المجتمع الدولي"، مبينًا أن منع المساعدات سيدفع للمطالبة بوقف الحرب ويغير موقف العديد من الدول.
وأضاف: "رغم المواقف المعلنة من قادة الائتلاف الحكومي المتعلقة برفض إدخال المساعدات إلى غزة، فإنهم يدركون خطورة الاستمرار بالسياسة المتبعة منذ مارس/آذار الماضي"، مبينًا أن المساعدات لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان.
وتابع: "ستمكن هذه الخطوة إسرائيل من التهرب من أي ضغوط تمارس عليها من أجل التوصل لاتفاق تهدئة مع حماس، خاصة أن هذه الضغوط زادت مؤخرًا ولا سيما من الولايات المتحدة"، مبينًا أن القرار يعطي إسرائيل الحرية لإفشال جهود الوسطاء والمفاوضات الدائرة حاليًّا، وفق تقديره.
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، رائد نعيرات، إن "إسرائيل تعمل على إدارة الجوع في قطاع غزة بما يحول دون حدوث المجاعة، ويمكنها من مواصلة عملياتها العسكرية بمختلف المناطق بحرية كاملة دون أي اعتراض دولي".
وأوضح نعيرات، لـ"إرم نيوز"، أن "الأمر مرتبط بسعي نتنياهو لإفشال جهود الوسطاء المتعلقة بالتوصل لاتفاق جديد مع حركة حماس، خاصة مع وجود مؤشرات إيجابية لإمكانية التوصل لحل وسط بين الجانبين يضمن عدم توسيع دائرة القتال".
وأشار إلى أن "إسرائيل ستقوم بإدخال الكميات المحدودة لغزة بالآلية القديمة لفترة محدودة، ثم ستعمل لاحقًا على إيصال المساعدات للسكان في مناطق محددة بالتعاون مع الشركة الأمريكية المعنية بذلك"، مرجحًا أن تفشل هذه الخطوة لاحقًا.
وختم بالقول: "منع وصول المساعدات لحماس حجة إسرائيل لتجويع سكان القطاع واستمرار الحرب، واستجابة من نتنياهو لمطالب شركائه من اليمين الإسرائيلي"، محذرًا من خطورة استمرار الأوضاع في غزة.