الجيش الإسرائيلي: يمكن لسكان مدينة غزة مغادرة المدينة باتجاه المواصي عبر شارع الرشيد بدون تفتيش
رأى خبراء في الشأن العراقي أن التيار الصدري، رغم إعلان مقاطعته للانتخابات، أبقى باب المفاجآت مفتوحا عبر رسائل غير مباشرة وتحركات تحت السطح؛ ما يثير تساؤلات حول حقيقة نواياه الانتخابية.
وتداولت الأوساط السياسية في بغداد سيناريوهات متعددة لعودة التيار الصدري إلى السباق الانتخابي، رغم إعلان زعيمه مقتدى الصدر مقاطعته، وسط تحركات لافتة شملت دعوة أنصاره لتحديث بطاقاتهم الانتخابية وظهور شخصيات صدرية في لقاءات علنية.
ويقول مراقبون إن غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي لا يعني بالضرورة غياب تأثيره السياسي والشعبي؛ إذ تشير المؤشرات إلى أن الصدر ما زال يمسك بخيوط اللعبة من خارج البرلمان.
بدوره، قال الباحث في الشأن السياسي، مجاشع التميمي"رغم إعلان التيار الصدري مقاطعته الكاملة للانتخابات المقبلة، إلا أنه لا يمكن تصور مشهد سياسي عراقي من دونه، فالامتناع عن المشاركة لا يعني الغياب عن التأثير، باعتبار أن الجمهور الصدري حاضر بقوة في الشارع، ويمتلك قدرة استثنائية على التأثير في المزاج الشعبي والسياسي".
وأضاف التميمي لـ"إرم نيوز" أن "المقاطعة هي موقف سياسي بحد ذاتها، ورسالة احتجاجية ضد مسار العملية السياسية القائم"، مشيرا إلى أن "التيار اختار موقع المراقب الفاعل، لا المنسحب، وسيبقى عامل ضغط ورقابة مجتمعية، يُربك الحسابات، ويُحرّك المشهد من خارج الصناديق".
وتشير معطيات سياسية إلى أن التيار الصدري لم يغب فعليا عن المجال العام، بل تبنّى استراتيجية جديدة تقوم على التأثير غير المباشر، من خلال ضبط جمهوره، والتصعيد في التوقيتات الحرجة، واستثمار أدوات المقاطعة كوسيلة ضغط على العملية السياسية.
ويُنظر إلى دعوة الصدر لتحديث البطاقة الانتخابية، رغم إعلان المقاطعة، باعتبارها رسالة مزدوجة؛ مفادها أن التيار مستعد للتدخل في اللحظة المناسبة، أو على الأقل إثبات ثقله الجماهيري عبر تقليل نسب المشاركة.
ويُعزز هذه الفرضية اتساع الجدل داخل الطبقة السياسية حول الخطة (ب) المفترضة، والتي يجري تداولها بشكل مكثف، وتقوم على إطلاق قائمة انتخابية لا تحمل اسم التيار بشكل مباشر، لكنها تُدار من خلف الكواليس. وبينما يرى البعض أن مثل هذه الخطوة قد تحقق حضورا صدريا دون خسارة خطاب المقاطعة، يعتبرها آخرون مغامرة محفوفة بالمخاطر، قد تُفقد الصدر ما تبقى من صدقيته لدى جمهوره.
لكنّ مصادر داخل التيار الصدري تستبعد تبني سيناريوهات الالتفاف أو المشاركة عبر وكلاء سياسيين أو قوائم غير معلنة، وتؤكد أن هذا الأسلوب لا ينسجم مع طبيعة التيار وتقاليده السياسية.
لا مرشحي ظل
وقال عضو في التيار الصدري إن "دخول التيار إلى الانتخابات أو العملية السياسية عادةً ما يتم بوضوح، عبر مرشحين صريحين يتحملون المسؤولية أمام الجمهور، ويُعدّون من أفضل الشخصيات التي يختارها الصدر بعناية لتولي المناصب العامة".
وأضاف عضو التيار، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "التيار نادرا ما يلجأ إلى تكتيكات غير مباشرة كترشيح شخصيات من خارجه، إلا في حالات خاصة تفرضها الضرورات، لكنها لا تمثل القاعدة، بل الاستثناء".
وتابع المصدر أن "خيار دعم شخصيات غير منتمية للتيار يحمل مجازفة مزدوجة؛ فهو لا يضمن السيطرة على تحركاتها ومواقفها لاحقًا، كما أن دعمها سيكون مكشوفا أمام الرأي العام؛ ما يعني خسارة المشاركة الحقيقية، وخسارة موقف المقاطعة أيضا".
تحول مفاجئ
وطوال العقدين الماضيين، لم يكن التيار الصدري مجرد كيان انتخابي عابر، بل تحوّل إلى ما يشبه "المؤسسة السياسية الشعبية"، التي تمزج بين الانضباط العقائدي، والحضور الاجتماعي، والقدرة التعبوية الفائقة، وهذا ما يجعل كل قرار يصدر عن زعيمه، سواء بالمشاركة أو المقاطعة، فعلا سياسيا له انعكاسات على التوازنات داخل البرلمان وخارجه.
ويُعيد مراقبون التذكير بأن انسحاب الصدر من البرلمان في حزيران/ يونيو 2022 لم يكن مجرد اعتراض على تشكيلة حكومية، بل تصعيد سياسي مفصلي، قلب التفاهمات داخل القوى الشيعية، وفتح المجال أمام عودة وجوه سياسية كانت على هامش المشهد.
ولهذا فإن مجرد بقاء التيار خارج التنافس الانتخابي يُربك خصومه، خاصة داخل "الإطار التنسيقي"، ممن يدركون أن أي تحول مفاجئ في موقف الصدر، قد يخلط الأوراق ويُعيد تشكيل التحالفات على أسس جديدة.