رجح خبراء أن تتدخل الولايات المتحدة عسكريا في غزة لأول مرة منذ بداية الحرب، كخيار آخير من ضمن الخيارات التي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه ستيف ويتكوف ومن ورائهما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنهم يدرسونها ردا على موقف حركة حماس من مفاوضات اتفاق غزة، التي اعتبروا أنها لا تريد الاتفاق.
واستعرض الخبراء خلال تصريحاتهم لـ"إرم نيوز" قائمة الخيارات الممكنة وتحدياتها، وبخلاف عملية أمريكية لإنقاذ الرهائن، هناك خيارات تشمل طرد قيادات حركة حماس من الدول المتمركزين بها، وتضييق الخناق على تمويلاتهم، ومنح إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة اغتيال بقيتهم.
وفي المقابل، فإن خيار عودة حركة حماس للمفاوضات مع الضغوط المتزايدة من الوسطاء بنموذج طلبات الحركة التي وافقت على بعضها إسرائيل وأمريكا، مع استمرار المفاوضات خلال الـ60 يوما، أمر غير مستبعد هو الآخر، ومن ثم توقيع اتفاق خلال أيام.
وتوقع الخبير الاستراتيجي المصري، محمد صفي الدين خربوش، المزيد من الضغط العسكري الإسرائيلي في غزة، وإخلاء المزيد من المناطق ودفع السكان نحو الجنوب، وربما البدء في تنفيذ ما يسمى بـ"المدينة الإنسانية"، ثم الشروع في احتلال وتدمير ما تبقى من غزة بذريعة البحث عن الرهائن، وفق قوله.
لكنه يستبعد مشاركة عملياتية معلنة ومباشرة من الولايات المتحدة، وحتى لو شاركت فلا يتوقع الإعلان عن ذلك، كما كان في عمليات طوال الحرب، وتتضح في النقلات النوعية في التطورات العملياتية والمخابراتية لإسرائيل، كل حين.
أما الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، فيرى أن الولايات المتحدة وإسرائيل استخدمتا بالفعل طوال الحرب كل الخيارات العسكرية والمخابراتية الممكنة، وما ترددانه الآن مجرد مضاعفة للضغوط على حركة حماس، موضحا أن أي خيارات معقدة للتدخل ستضيع رهائنهم، إذ لا يزال هناك نحو 20 رهينة أحياء لدى حركة حماس.
ويتصور فرج، خلال تصريح لـ"إرم نيوز"، أنهم لن يتهوّروا لعمل عسكري أكثر تعقيدا، يخرج عن روتينيه الحالي، وأن ما يتردد من تهديدات هو مجرد إجراء تكتيكي تصعيدي حتى يعيدوا حماس إلى مائدة المفاوضات دون تعقيدات إضافية، وإلا سيخسر ترامب ونتنياهو لو قتل الرهائن.
وأضاف الخبير المصري أن الوسطاء يشددون ضغوطهم على حركة حماس للعودة للمفاوضات بما طلبته وتمت الموافقة عليها دون الزيادات الأخيرة، وعلى ذلك سيكون هناك اتفاق وقف إطلاق نار خلال أيام قليلة.
من جهته، هاجم نائب أمين جامعة الدول العربية لشؤون فلسطين والقدس سابق، السفير بركات الفرا، تعقيدات حركة حماس، وطالبها "بالكف عن هذا العبث، ومنح العدو المبررات لتدمير غزة وباقي فلسطينيين أكثر وأكثر"، وفق قوله.
وأردف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، بأن "المخطط الإسرائيلي الأمريكي لا يحتاج حتى إلى مبررات حماس، فإسرائيل وأمريكا تريدان استمرار الحرب على غزة لقتل المزيد وتدمير المزيد وتجويع المزيد توطئة لتهجيرهم".
وأضاف "أعتقد أن الوسطاء يمارسون ضغوطا على حركة حماس، لكن للأسف قرار الحركة من طهران وأنقرة والتنظيم الدولي للإخوان ورعاته"، على حد تعبيره.
وأكد الفرا أن "المخطط الإسرائيلي الأمريكي أكبر من قطاع غزة، فهو يستهدف السيطرة الكاملة على الشرق الأوسط وتقسيم الدول العربية ومزيدا من التطبيع مع إسرائيل، كما هو الحال في سوريا وفي المستقبل القريب دول أخرى".
وبدوره، لم يستبعد المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدى مطاوع أن يتوقف الأمر على مجرد ضغوط مضاعفة، كما هو معلن أو متوقع، ويرى أن الولايات المتحدة تملك خيارات أخرى، من بينها طرد قيادات حركة حماس من عدة دول متمركزين بها، وهذا سيشكل ضغطا قويا خاصة أنه يشمل تهديدا لحياتهم.
بالإضافة إلى توسيع ملاحقة الأموال الخاصة بالحركة وقياداتها لخنقهم أكثر وأكثر، مع منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستمرار عمليات الاغتيالات ضد بقيتهم. وثالثا: القيام بعملية لإنقاذ الرهائن من الأنفاق سواء عاشوا أو ماتوا، لإنهاء وجود هذه الورقة في يد حركة حماس، واستكمال إنهاء الحركة في غزة.
وأكد الخبير الفلسطيني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل لديها معلومات كاملة عن وجود المتبقي من رهائنها، بما فيها تحديثات متواصلة عن حالتهم الصحية، ومن الممكن أن تشارك الولايات المتحدة في تحريرهم بعملية استعراضية واسعة.
من جانبه، أكد الخبير العسكري والسياسي المصري العميد أحمد عبد المجيد أن هناك وجودا عسكريا أمريكيا على الأرض في قطاع غزة منذ أكثر من 3 شهور، سواء لعمليات البحث عن الرهائن بالأقمار الصناعية والأجهزة المتطورة للكشف عن الأنفاق، وهذا ما حقق تطورا في العمليات الإسرائيلية على الأرض، ومنها إسقاط مخازن أسلحة تحت الأرض، لكن هذا الأمر مرهق مع إطالته للقوات الأمريكية، في غزة لأنهم معرضون للخطر أيضا مع تزايد جرأة العناصر الفلسطينية وتطور التحركات النوعية والمواجهات المختلفة.
ويري الخبير المصري، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التدخل العسكري المعلن أمريكيا في غزة سيكون خيارا آخيرا، لصعوبة دخول ترامب في مواجهة مع الكونغرس بهذا الخصوص، وفي هذه الحالة سيزيد العداء بين دول الاتحاد الأوروبي ودول عربية من ناحية وواشنطن من ناحية أخرى، وبالتبعية سيكون الاعتماد على التدخلات المخفية والمخابراتية فقط.