logo
العالم العربي

لماذا توسطت ألمانيا بين الجزائر وفرنسا للإفراج عن بوعلام صنصال؟

بوعلام صنصالالمصدر: رويترز

تمكن الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال من استعادة حريته بعد نحو عام من الاحتجاز، وذلك بفضل جهود دبلوماسية ألمانية لعبت دور الوسيط بين الجزائر وفرنسا.

وتأتي هذه الخطوة في سياق علاقات معقدة تجمع بين الاعتبارات الإنسانية والدبلوماسية والسياسية، حيث نجحت ألمانيا في تقديم حل وسط كان حاسمًا لتخفيف التوتر بين باريس والجزائر.

ويوم أمس الأربعاء، غادر بوعلام صنصال الجزائر على متن طائرة عسكرية ألمانية متجهة إلى برلين التي ستتولى رعايته الطبية، بعد اعتقاله في مطار هواري بومدين منتصف نوفمبر/تشرين الثاني العام 2024، بتهمة "المساس بالأمن القومي".

أخبار ذات علاقة

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (وسط)

الرئيس الألماني: بوعلام صنصال في طريقه إلينا لتلقي العلاج

انطلاق المحادثات

وجاء العفو الرئاسي عن صنصال، والذي منحه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بناءً على طلب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، نتيجة لمفاوضات طويلة بين الجزائر وألمانيا وفرنسا.

وأكدت مصادر دبلوماسية فرنسية لمجلة "لوبوان" أن "المحادثات بين الأطراف الثلاثة بدأت منذ ديسمبر/كانون الأول العام 2024.

في البداية، توجهت باريس نحو روما لفتح قناة حوار في وقت كانت جميع القنوات بين الجزائر وباريس مقطوعة، مستفيدة من قوة العلاقات بين جورجيا ميلوني وعبد المجيد تبون.

ومطلع مارس/آذار، اقترح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، خلال زيارة للجزائر، وساطة روما لإطلاق سراح صنصال، لكن الاقتراح رُفض سريعًا من الرئيس الجزائري، وفق صحيفة "لوبينيون".

التوجه نحو برلين

ونظرًا لرفض السلطات الجزائرية الاستجابة لكل المناشدات، بما في ذلك من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لجأت باريس إلى ألمانيا كوسيط لحل هذا الملف الذي أثّر على العلاقات بين فرنسا والجزائر.

وأوضحت مصادر أن "الحل الفرنسي-الجزائري كان شبه مستحيل، لذا تم التنسيق مع الألمان للتقدّم في المفاوضات مع الجزائريين".

وكان توجه باريس نحو برلين لعدة اعتبارات، أبرزها أن ألمانيا تحافظ على علاقات ممتازة مع الجزائر، وحتى بشأن الملف الحساس للصحراء الغربية، الذي غالبًا ما يحدد قرب الجزائر أو عداءها، تمكنت برلين من دعم موقف متوازن.

وفي إطار التحضيرات لزيارة رسمية للرئيس تبون كانت مقررة في جدول العام 2025 أو أوائل العام 2026، طرح الألمان ملف صنصال، المعروف في ألمانيا والفائز بجائزة "سلام كتاب ألمانيا" العام 2011، على المسؤولين الجزائريين.

صبر طويل

وخلال الأشهر الأخيرة، واصل الألمان عبر القنوات الدبلوماسية تذكير الجزائر بالوعود السابقة.

وتقول مصادر جزائرية: "لقد أوشكنا مرتين هذا العام على الوصول إلى حل، لكن شدة الهجمات على الجزائر من اليمين المتطرف ووزير الداخلية الفرنسي السابق برونو ريتايو حالت دون أي تقدم".

كما دخل لاعب آخر على الخط، وهو البابا ليون الرابع عشر، الذي التقى تبون في الفاتيكان في يوليو/تموز الماضي، وأبدى رغبته في زيارة الجزائر، وكان من الصعب تصور هذه الزيارة مع استمرار احتجاز صنصال.

بداية معالجة الأزمة

مرت الأشهر، لكن إشارات جديدة أظهرت بدء معالجة الأزمة، منها رحيل ريتايو من وزارة الداخلية وتعيين لوران نونيز، المتوقع زيارته للجزائر قبل نهاية العام، والذي أرسل رسالة إيجابية للجزائريين.

تلت ذلك زيارة سكرتيرة وزارة الخارجية الفرنسية، آن-ماري ديسكوت، في نوفمبر/تشرين الثاني، مع تنقل مبعوثين آخرين بين الجزائر وباريس.

ووفقًا للمجلة، كان هناك عاملان أساسيان ساعدا ألمانيا في مهمتها: الأول هو علاقة الثقة التي تربط الرئيس الجزائري بشتاينماير، حيث أبرز الأخير في بيانه الرسمي "العلاقة الشخصية الوثيقة" مع تبون؛ والثاني هو الامتنان الشخصي للرئيس الجزائري تجاه الأطباء الألمان الذين أنقذوا حياته بعد إصابته بكوفيد-19.

تجدر الإشارة إلى أن تبون نُقل على وجه السرعة إلى مستشفى عسكري في كولونيا يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول العام 2020، حيث تلقى علاجًا شمل بترًا طفيفًا في القدم اليمنى نتيجة مضاعفات المرض.

وبعد شهرين من التعافي، عاد إلى الجزائر في ديسمبر/كانون الأول العام 2020، ثم أعيد إلى ألمانيا في يناير/كانون الثاني العام 2021 لمتابعة العلاج بعد مضاعفات جديدة.

وفي تصريحات إعلامية، أكد تبون أنه مدين بحياته للأطباء الألمان الذين اعتنوا به، وعبر في فبراير/شباط العام 2021 عن شكره لشتاينماير على الدعم الطبي الذي تلقاه.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير

الرئيس الألماني يطلب من تبون العفو عن الكاتب بوعلام صنصال

دور الجنرال موساوي

عامل آخر ساهم في نجاح المفاوضات، يتمثل في معرفة رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الجزائري الحالي، الجنرال فتحي رشدي موساوي، بالعلاقات الألمانية، إذ شغل منصب رئيس مكتب الأمن في السفارة الجزائرية ببرلين خلال الأعوام 2018 – 2024، وتولى خلال هذه الفترة إدارة ملف علاج تبون ورعاية أسرته.

وبفضل كفاءته، أعاد الرئيس الجزائري موساوي إلى الجزائر في سبتمبر/أيلول العام 2024 لتولي قيادة أجهزة الاستخبارات الخارجية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC