logo
العالم العربي

بعمليتين نوعيتين.. القوات الجنوبية تضيق الخناق على "القاعدة" في اليمن

انتشار القوات الجنوبية شرقي أبينالمصدر: الموقع الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية

بدأت وحدات من القوات المسلحة الجنوبية، أمس الاثنين، انتشارا ميدانيا واسعا في المناطق الشمالية الشرقية من محافظة أبين، جنوبي اليمن، في إطار مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية الشاملة ضد تنظيم القاعدة، تستهدف تفكيك بنيته القتالية وقطع شرايين إمداده البشري واللوجستي القادمة من مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي.

وأعلنت القوات المسلحة الجنوبية، الجمعة، إطلاق "عملية الحسم"، كامتداد مرحلي لعملية "سهام الشرق" التي نفذتها القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي في العام 2022، بالشراكة مع وحدات أمنية حكومية في أبين، وأسفرت عن تقويض جزء كبير من الوجود العلني لتنظيم القاعدة، ودفعته للتراجع نحو المناطق الوعرة والنائية من المحافظة.

أخبار ذات علاقة

القوات الجنوبية في اليمن

اليمن.. "القوات الجنوبية" تُطلق عملية عسكرية جديدة في أبين

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، إن العملية العسكرية الجديدة تأتي ضمن خطة استراتيجية محكمة، صُممت للتعامل مع التهديدات المستجدة، وفي مقدمتها إعادة تفويج عناصر إرهابية ودفعها مجددا نحو محافظة أبين، بدعم مباشر من ميليشيا الحوثي، عقب خسارتها خطوط الإمداد الرئيسة للسلاح الإيراني، إثر إحكام القوات الجنوبية سيطرتها على وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة.

وأوضح النقيب، لـ"إرم نيوز"، أن مسرح العمليات بأبين سيشهد توسعا نوعيا وجغرافيا، يمكّن القوات الجنوبية من الوصول إلى مختلف بؤر انتشار التنظيم، سواء التي تعمل كخلايا أو معسكرات بديلة ومستحدثة، بما في ذلك المناطق الجبلية الوعرة في مديريات مودية والمحفد وجيشان، وشمال شرق مديرية لودر.

وأشار إلى أن أهداف "عملية الحسم" ليست آنية أو قصيرة الأمد، بل تتطلب وقتا وجهدا تراكميا للقضاء على العناصر الإرهابية، نظرا لتعقيد البيئة الجغرافية، وتشابك شبكات الإمداد البشري واللوجستي المرتبطة بمناطق سيطرة الحوثيين، عبر المرتفعات الجبلية الشاهقة بين أبين ومحافظة البيضاء.

وأكد النقيب أن عملية "سهام الشرق" السابقة ضد القاعدة، نجحت في تفكيك وطرد عناصر التنظيم من أبرز معاقله وأوكاره الرئيسة التي ظل يتمركز فيها لعقود، مستفيدا من بنية تحتية بدائية وخبرة قتالية متراكمة، وعلى رأسها وادي "عومران" شرقي مديرية مودية الذي وصفه بأنه أحد أخطر وأبرز معاقل القاعدة ليس على مستوى البلاد فحسب، بل أيضا في المنطقة بأكملها.

وشدد على أن المعركة ضد الإرهاب ستظل مفتوحة ومستمرة ما دامت شرايين التمويل والتسليح والتدريب للتنظيم قائمة، محذرا من استمرار ما أسماه بـ"تسيس النشاط الإرهابي" من قبل الحوثيين وميليشيا الإخوان المسلمين في اليمن، "في محاولة لإخضاع الجنوب وثني قواته المسلحة عن معركتها الكبرى ضد المشروع الإيراني".

انتشار القوات الجنوبية شرقي أبين

وأضاف النقيب، أن إطلاق "عملية الحسم" جاء كإجراء وقائي استراتيجي لقطع الإمدادات "وقد بدأت قواتنا ممثلة بألوية الدعم والإسناد وقوات الحزام الأمني ومحور أبين القتالي، الانتشار يوم أمس، في جميع مسرح عمليات سهام الشرق، بهدف إحكام السيطرة وتحقيق الأهداف المحددة".

وذكر أن الجهود التي تقودها القوات المسلحة الجنوبي في مجال مكافحة الإرهاب، وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، تندرج ضمن حملة أمنية شاملة ومتدرجة، بدءا من عدن وبادية المكلا وساحل حضرموت، وصولا إلى أبين وشبوة، لاجتثاث الإرهاب وتأمين الجنوب.

وبحسب النقيب، فإن هذه العمليات لا تقتصر أهميتها على البعد المحلي، بل تحمل أيضا أهمية استراتيجية ذات أبعاد إقليمية ودولية، في ظل تصنيف تنظيم القاعدة في اليمن كأحد أخطر فروع التنظيم عالميا، وضلوعه في تخطيط وتنفيذ عمليات استهداف دول ومصالح دولية عديدة.

وأوضح أن الحوثيين يحاولون تمكين القاعدة من التمركز في مواقع استراتيجية مطلّة على ممرات الملاحة الدولية وطرق الطاقة والتجارة العالمية في البحر الأحمر وخليج عدن، مؤكدا أن القوات الجنوبية تدرك بأنها لا تواجه التنظيم منفردا، بل تواجه أيضا شبكة معقدة من الشركاء، "ما يجعلها خط الدفاع الأول والمبدئي عن أمن واستقرار المصالح التجارية الدولية في المنطقة".

انتشار القوات الجنوبية شرقي أبين

وتعدّ محافظة أبين الممتدة على الشريط الساحلي للبحر العربي، العمق الشرقي للأمن الاستراتيجي للعاصمة المؤقتة عدن، ونقطة وصل حيوية مع المحافظات الشرقية والشمالية؛ وهو الأمر الذي جعلها منذ تسعينيات القرن الماضي، مقصدا للعديد من "الأفغان العرب" العائدين من أفغانستان، الطامحين إلى تأسيس نواة "حركة جهادية" في جنوب اليمن، عقب انهيار الدولة الاشتراكية وقيام الوحدة اليمنية.

وفي هذا السياق، يقول الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، سعيد الجمحي، إن الأهمية الاستراتيجية لأبين بالنسبة لتنظيم القاعدة منذ نشأته، تعود إلى موقعها الجغرافي الواسع والمتشعب، الذي يربط عددا من المحافظات، إلى جانب تضاريسها الوعرة وبيئتها القبلية المحافظة، التي وفّرت للتنظيم هامشا واسعا للاختباء والمناورة.

وأوضح الجمحي، لـ"إرم نيوز"، أن عددا من أبرز قيادات التنظيم ينحدرون من أبين، وأهمهم ناصر الوحيشي، الذي كان مرشحا لتولي القيادة المركزية للقاعدة خلفا لأسامة بن لادن، وشغل موقع الرجل الثاني بعد أيمن الظواهري، فضلا عن قيادات عسكرية ومرجعيات دينية أخرى بارزة من المحافظة.

وأشار إلى أن القاعدة أعلن أول إمارة له في أبين خلال عامي 2011-2012، وهي أطول فترة سيطرة شاملة للتنظيم على محافظة يمنية، مقارنة بتجاربه في شبوة وحضرموت.

وبرأي الجمحي، فإن الحملات العسكرية السابقة للقوات الجنوبية، حققت اختراقات مهمة وأضعفت التنظيم، لكنها لم تنجح في اجتثاثه بالكامل؛ إذ لا يزال يحتفظ بوجود متفرق في بعض المناطق ويتخذها منطلقا لهجماته المتقطعة، مبيّنا أن المعركة مع القاعدة في أبين "لن تكون سهلة أو قصيرة"، خصوصا إذا اضطرت القوات الجنوبية إلى خوضها منفردة، دون إسناد أوسع من التحالف العربي، الذي قال إنه "يمتلك قدرات نوعية قادرة على حسم المواجهة بوتيرة أسرع".

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC