استبعد خبراء أن يستخدم الجيش اللبناني القوة لسحب سلاح ميليشيا حزب الله، في ظل مراوغات الميليشيا وقياداتها في التعامل مع توافقات أبرمتها مع مؤسسات الدولة حول تسليم السلاح وحصره بيد الدولة فقط ثم تهربت منها.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن سحب الجيش السلاح بالقوة من "حزب الله" قد ينتج عنه انقسام داخل المؤسسة العسكرية، وقد يتحول الأمر إلى حرب أهلية، مؤكدين على أفضلية التزام الجيش خط الحياد، وأن يكون التسليم من جانب ميليشيا حزب الله.
وأرجعوا عودة ميليشيا حزب الله لعملية "خلط الأوراق" مجددا عبر تصريحات الأمين العام نعيم قاسم التي خرجت مؤخرا بعدم تسليم السلاح بعد أن كان منسجما مع توجه الدولة منذ أسابيع وقت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، إلى أوامر جديدة جاءت من طهران بعد أن كانت منعزلة عن هذا الملف وقت انشغالها بالحرب، ليبقى "حزب الله" وسلاحه ورقة نابضة مستمرة في يد إيران خلال التفاوض مع الولايات المتحدة، وفق تعبيرهم.
وكان الأمين العام لميليشيا حزب الله قد شدد مؤخرا، على أن الحزب غير مستعد لتسليم سلاحه أمام ما وصفه بـ"الخطر الوجودي" الذي يتهدد لبنان.
وجاءت تصريحات قاسم بعدما سلمت واشنطن بواسطة مبعوثها الخاص توماس بارّاك، الذي من المقرر أن يجري زيارة للبنان الأسبوع المقبل، طلبا يقضي بالتزام رسمي من الدولة اللبنانية بنزع كامل لسلاح ميليشيا حزب الله.
فيما قال رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، إن حزب الله ليس مطالبا بتسليم سلاحه لإسرائيل بل للدولة اللبنانية حصرا، بعد أن أعلن الأمين العام للميليشيا، عن رفضه تسليم السلاح لتل أبيب.
حرب أهلية
ويؤكد الباحث السياسي قاسم يوسف، أنه ليس من مصلحة لبنان أن يسحب الجيش السلاح بالقوة من ميليشيا "حزب الله"؛ لأنها مكون أساسي في المجتمع اللبناني، والاشتباك بينها وبين الجيش قد يقسّم المؤسسة العسكرية ويعرّض أمنها واستقرارها لخطر شديد.
وأضاف يوسف في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه في ظل هذه الإشكالية من الأفضل أن يبقى الجيش على الحياد وألا يدخل في نزاع من هذا النوع؛ لأن الأمور قد تتحوّل بشكل سريع إلى حرب أهلية لا تُبقي شيئا، وقد تذهب الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه.
وشدد يوسف على أن الجيش يقوم بالدور المطلوب منه على أكمل وجه، ومن ناحية أخرى، فإن المؤسسة العسكرية لديها أزمات في ظل عدم نيلها الدعم المطلوب من الدول الراعية تحديدا الولايات المتحدة التي وعدت مرارا بتمويله وتسليحه، ولكن حتى الآن كافة المساعدات التي تقدم ليست بالقدر الكافي.
الميليشيا تناور
وبحسب يوسف فإن ما خرج مؤخرا من الأمين العام لحزب الله هو انقلاب كامل على موقفه السابق تجاه ورقة المبعوث الأمريكي توم باراك؛ إذ كان التنظيم قد أبدى استعداده لمناقشة هذه المسألة، ولكن اتضح أنها مناورة، حيث إنه عندما طلبت واشنطن جدولا زمنيا واضحا لنزع السلاح بمعنى التزام لبنان الرسمي عبر مجلس الوزراء في فترة محددة بذلك ومن ثم يكون تسليم السلاح شرعيا ورسميا، شعرت ميليشيا حزب الله في هذه اللحظة بأن السيف بات على رقبتها، فخرج أمينها العام للحديث عن عدم تسليم السلاح.
وتابع، أن ما جاء من الأمين العام لميليشيا حزب الله مؤخرا بما سماه "خطرا وجوديا" يهدد لبنان، وأنه على أثر ذلك لن يتم تسليم السلاح، يفتح المشهد على سلسلة من التعقيدات قد تبدأ بضربة إسرائيلية على لبنان، وربما حرب كبرى تطال كل شيء؛ بالذهاب إلى قصف مدمر لمربعات سكنية للحاضنات الخاصة ببيئة ميليشيا حزب الله في ظل اتخاذ القرار الدولي بعدم بقاء سلاح الميليشيات يتحكم بقرار الحرب والسلم في لبنان.
سياسة النفس الطويل
وبدوره، يقول المحلل السياسي اللبناني ميشال أبو نمر، إن الجيش اللبناني لن يدخل في مواجهة على سحب السلاح من ميليشيا حزب الله، ولكنه ينتظر أن يقدم له التنظيم سلاحه ليكون تحت يد الدولة اللبنانية من خلال التنظيم وقياداته.
وفسر ذلك في تصريح لـ"إرم نيوز" بالقول، إن الجيش اللبناني لن يذهب إلى طريق العنف مع أي مكون لبناني، حيث يتعامل بسياسة "النفس الطويل" بألا يرفع السلاح نهائيا في وجه أي مكون؛ لأن ذلك سيفتح الطريق إلى مواجهات داخلية خاصة في ظل الظروف الحالية.
وبين أبو نمر أن من أبرز الأزمات، تنصيب "حزب الله" نفسه في هيئة المسؤولية عن حماية لبنان من الخطر الإسرائيلي منذ حرب يوليو/ تموز 2006 مع تل أبيب ووضع ذاته في قالب أنه صاحب السلاح الذي يمتلك الدفاع عن الدولة اللبنانية في وقت لم تقم الأطراف الدولية الصديقة للبنان بتقديم الدعم العسكري المطلوب، وحتى الآن مازال هناك عدم وضوح في هذا الملف.
أوامر إيرانية
وأرجع أبو نمر عودة ميليشيا حزب الله لعملية "خلط الأوراق" مجددا عبر تصريحات الأمين العام التي خرجت مؤخرا بعدم تسليم السلاح بعد أن كان منسجما مع توجه الدولة منذ أسابيع وقت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، إلى أن هناك أوامر جديدة جاءت من طهران بعد أن كانت منعزلة عن هذا الملف وقت انشغالها بالحرب، ليبقى "حزب الله" وسلاحه ورقة مستمرة في يد إيران خلال التفاوض مع الولايات المتحدة.
وذكر أبو نمر أنه لم يطلب أحد من "حزب الله" أبدا أن يسلم سلاحه لإسرائيل، والتنظيم نفسه يعلم أن هذا السلاح سيكون في يد مؤسسات الدولة الرسمية ولن يتم القبول تحت أي ضغط حينئذ بتسليمه إلى أي طرف خارجي، منتقدا ما يروّج من صورة غريبة بأن السلاح سيقدم إلى تل أبيب.