رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
تتجه الأنظار في بغداد نحو أحد أكثر الملفات حساسية في مرحلة ما بعد الانتخابات، مع بدء القوى السياسية مناقشة مستقبل موقع رئاسة الجمهورية، وسط تساؤلات عن مدى صلابة العرف الذي منح الأكراد هذا المنصب منذ عام 2005، وإمكانية تغييره بفعل الحراك السياسي المتسارع داخل “البيت السني” ومحاولات إعادة رسم معادلة توزيع السلطات بين المكونات.
وفي الوقت الذي تُظهر نتائج الانتخابات تقدّم المكونات الشيعية والسنية بنسب متفاوتة، تبدو الساحة الكردية أمام استحقاق مفصلي يتعلق بالحفاظ على موقع لطالما اعتُبر “ضمانة سياسية” في مسار العملية التفاوضية.
ومع تصاعد الدعوات السنية للمطالبة بالمنصب، يبرز جدل أوسع حول حدود العرف السياسي وإمكان تجاوزه لصالح قراءه جديدة للتوازنات البرلمانية.
وتشير المعطيات الأولية إلى أن قوى بارزة داخل “البيت السني” تتداول، منذ أسابيع، فكرة إعادة النظر بتوزيع الرئاسات الثلاث، ويستند هذا الحراك إلى قراءة سياسية تعتبر أن التفاهمات القديمة لم تعد تعكس حجم المكونات في البرلمان، خصوصاً بعد انقسام البيت الكردي.
وتفيد مصادر سياسية بأن جزءاً من هذا النقاش يجري بالتوازي مع محاولات لتوحيد القوى السنية ضمن تفاهم أكبر يشبه تجربة “الإطار التنسيقي” داخل البيت الشيعي، بما يسمح بصياغة موقف تفاوضي موحد عند الشروع في مفاوضات تشكيل الحكومة.
في المقابل، يبدي الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو الجهة التي احتكرت المنصب منذ 2005 تمسكاً واضحاً ببقائه ضمن حصته، مع تأكيدات بأن أي نقاش سياسي مقبل لن يقبل بمقايضة المنصب أو إخراجه من “البيت الكردي”.
بدوره، أوضح عضو الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي أن “رئاسة الجمهورية بالنسبة للكرد ليست مجرد منصب تنفيذي، بل ضمانة سياسية وتاريخية”.
وأشار في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن “الكرد عانوا لسنوات طويلة من الإقصاء والتهميش، ولذلك يمثل هذا الموقع لهم جزءاً من الهوية الوطنية العراقية، ويجسد حضورهم داخل الدولة"، مضيفاً أن "التمسك بالمنصب سيبقى ثابتاً، فيما تُترك تفاصيل اختيار الشخصية إلى الحوار الكردي والحوارات الوطنية في بغداد” وفق تعبيره.
ويأتي هذا الموقف في ظل إدراك كردي بأن أي تغيير في موقع الرئاسة قد ينعكس على توازنات أوسع داخل الإقليم، خصوصاً فيما يرتبط بعلاقاته مع القوى الشيعية، والتحالفات المطلوبة لتثبيت مواقع كردستان في الحكومة المقبلة.
وتشير المعطيات إلى أن القوى الشيعية تتعامل بحذر مع الطرح السني؛ إذ يرى بعض قادتها أن كسر العرف سيعيد خلط الأوراق مع الجانب الكردي، وربما يفتح الباب أمام أزمة سياسية يصعب احتواؤها في توقيت دقيق يتطلب سريعاً الاتفاق على رئيس الحكومة وتسمية الكتلة الكبرى.
وبحسب مصادر سياسية متابعة للمفاوضات، فإن الحديث عن تعديل موقع رئاسة الجمهورية لا يزال مبكرا ولا توجد تفاهمات مكتملة حوله، لكنه يدخل اليوم في إطار رسائل تفاوضية قد تستمر مع تقدم المشاورات بين الكتل.
ووسط هذا المشهد، تكشف مصادر في حزب “تقدم” أن المداولات داخل البيت السني لم تصل بعد إلى مستوى الحسم، فهناك تفاهمات أولية، لكنها لم تنضج بالكامل بسبب تباين المواقف بين القوى المؤثرة.
وقال قيادي في حزب تقدم إن "الحراك السني لا يستهدف كسر التوازنات بقدر ما يسعى إلى فتح نقاش جدي حول موقع المكون في المنظومة السياسية"، مشيراً إلى أن "التفاهمات الحالية لا تزال في طور المشاورات ولم تصل إلى مرحلة الاتفاق النهائي مع جميع الأطراف".
وأضاف القيادي الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "أي تغيير في الأعراف السياسية يحتاج إلى توافق وطني شامل، وهو ما لم يتبلور حتى الآن".
وبحسب مصادر سياسية، فإن جزءاً من الحسابات السنية ينطلق من كون القوى الكردية لم تنجح حتى اللحظة في توحيد موقفها حول مرشح واحد للرئاسة؛ الأمر الذي شجع بعض الأصوات على طرح بدائل قد تعيد صياغة التوازنات داخل البرلمان.
وفي ظل الانقسام الكردي بين "الاتحاد الوطني" و"الديمقراطي"، وتعدد المواقف داخل البيت السني حول شكل التحالفات المقبلة، تبدو مفاوضات تشكيل الحكومة أمام سيناريوهات معقدة، خصوصاً أن إعادة توزيع المناصب العليا ترتبط بمسار انتخابي لم تُحدد نهاياته بعد.
وتظهر قراءات سياسية أن استمرار تمسّك الأكراد بالمنصب، مقابل رغبة سنية متزايدة في إعادة النظر بالعرف، سيجعله أحد ملفات التفاوض الأكثر أهمية خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا ما ارتبط هذا الملف بتحديد شخصية رئيس الحكومة المقبلة وتوزيع الوزارات السيادية.
وفيما تتمسك القوى الكردية بالعرف السياسي القائم منذ عام 2005، تستند القوى السنية إلى رؤيتها بأن العراق بلد عربي في محيط عربي، وأن من الأفضل وفق طرحها أن يتولى شخصية عربية منصب رئاسة الجمهورية بما يعيد التوازن داخل النظام السياسي، ويعكس ثقل المكون، من دون أن يعني ذلك بالضرورة كسر الشراكات القائمة مع بقية المكونات.