أكد خبراء سياسيون لـ"إرم نيوز"، أن هناك 5 ملفات شائكة ستواجه الرئيس الأمريكي الجديد فور توليه منصبه، ترتبط بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لا سيما بعد تأجيل بعض القضايا الإقليمية الحساسة بانتظار نتائج الانتخابات.
وأشار الخبراء إلى أن الملفات الخمسة التي يجب على الرئيس الأمريكي الجديد التعامل معها هي: الحرب في غزة، حل الدولتين، قضية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، عنف المستوطنين في الضفة الغربية، والعلاقة مع السلطة الفلسطينية.
الحرب في غزة
ويتفق المرشحان الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، على ضرورة إنهاء الحرب في غزة وإبرام صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، إلا أنهما يختلفان بشأن كيفية إنهاء النزاع، إذ يُظهر ترامب انحيازاً أكبر لصالح إسرائيل في هذا الملف.
وقال الخبير في الشأن الدولي، رائد بدوية، إن "هاريس تميل إلى الضغط على طرفي القتال في غزة، وممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى ضمن مقترحات الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن".
وأوضح بدوية، لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب سيدعم الموقف الإسرائيلي وسيعمل على الضغط على حماس لدفعها نحو تقديم تنازلات كبيرة لإتمام صفقة تبادل أسرى"، مشيرًا إلى أن الحلول التي ستقدمها إدارة ترامب ستكون في إطار صفقة القرن.
وأضاف: "بتقديري، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيتجاوب بشكل أكبر مع ترامب في هذا الملف وسيقبل بتقديم التنازلات، خاصة أن ذلك سيكون ثمنه تمرير مخططات شركائه اليمينيين والترويج لصفقة القرن".
تؤمن هاريس بحل الدولتين باعتباره الخيار الأمثل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، في حين يتجاهل ترامب هذا الحل ويفضل الترويج لخطته التي تعترف بالسيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية مع إقامة دولة فلسطينية في غزة.
وأوضح بدوية أن "هذا الملف سيبقى معطلًا سواء بفوز هاريس أو ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، خاصة أن الديمقراطيين لا يملكون أي رؤية لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في حين سيعمل ترامب على الترويج لمبادرته التي يرفضها الفلسطينيون".
وتابع: "ربما يتحرك الملف جزئيًا من قبل هاريس في حال فوزها بالانتخابات على اعتبار أن يكون في إطار الصفقة الشاملة لإنهاء التوتر، لكن أي حراك لن يحقق أي نتائج تُذكر في ظل رفض الإسرائيليين الصريح لإقامة دولة فلسطينية بالضفة الغربية وغزة".
واستكمل: "سيبقى حل الدولتين الملف الأصعب على طاولة الرؤساء الأمريكيين والإدارات المتعاقبة، ولن يكون من الممكن استئناف مفاوضات التسوية بين منظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل عدم وجود مسؤول إسرائيلي يقبل بذلك".
يُعتبر هذا الملف من الملفات المعقدة والصعبة، خاصة أن هناك تباينًا في الرؤى بين ترامب وهاريس. فالأخيرة تؤمن بضرورة وضع حد لعنف المستوطنين وقد تلجأ لاتباع نفس نهج إدارة بايدن بفرض عقوبات على المتطرفين منهم والمؤسسات التي تمولهم.
من جهته، يتجاهل ترامب هذا الملف ولم يصدر عنه خلال فترة رئاسته أي تصريح يدين عنف المستوطنين أو يطالب بوقفه، ما يجعله المرشح المفضل لدى الأحزاب اليمينية الإسرائيلية.
وأكد بدوية أن "هاريس ستضغط بقوة من أجل وقف عنف المستوطنين، وسيكون الملف محط خلاف مع الحكومة الإسرائيلية، وستستخدمه إدارتها لمطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات في ملفات أخرى". وأضاف: "لكن عنف المستوطنين سيتصاعد في حال وصول ترامب للرئاسة، ولن يكون هناك أي حلول أمريكية لذلك".
واستكمل: "بالرغم من أن هاريس لن تتمكن من إيجاد حل لهجمات المستوطنين ضد سكان الضفة الغربية، إلا أن الوضع الأسوأ سيكون تحت إدارة ترامب، التي ستمنحهم الضوء الأخضر لتنفيذ أوسع اعتداءات".
بالرغم من موقف إدارة ترامب السابق المتمثل في وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، إلا أنه لا يبدو أن هاريس ستتعاطى بإيجابية مع مخططات إسرائيل لإلغاء الوكالة.
وتشير التقديرات إلى أن ترامب، في حال تشكيله الإدارة الجديدة للولايات المتحدة، سيعمل على إنهاء عمل "أونروا"، معتمدًا على دعمه السابق لإيقاف تمويلها بالكامل، مما يعني دعمًا استثنائيًا للقرار الإسرائيلي.
ويرى الخبير الدولي، باسل منصور، أن "هاريس ستتعامل جزئيًا مع وكالة الغوث حتى إيجاد بدائل منطقية ومقنعة لإغاثة الفلسطينيين وسكان القطاع، في حين سيكون ترامب حاسمًا بهذا الشأن ويدعم القرار الإسرائيلي المتعلق بإنهاء عمل المنظمة الأممية في الأراضي الفلسطينية".
وأضاف منصور لـ"إرم نيوز": "ترامب سيتخذ قرارات حاسمة تعيق عمل الأونروا، كما سيعمل على إصدار قرار من الأمم المتحدة بهذا الشأن من خلال الضغط على حلفاء الولايات المتحدة، وسيستبدلها بهيئات إغاثية أخرى".
وأشار إلى أن "تل أبيب وواشنطن تدركان أن بقاء المنظمة الأممية أحد العوامل الرئيسة في استمرار قضية اللاجئين وبقاء حق العودة، وبالتالي فإن إلغائها سيكون الخطوة الرئيسية لإلغاء حق العودة".
رغم تحسن العلاقات الأمريكية الفلسطينية في عهد بايدن ومن المتوقع أن تستمر في التحسن في حال فوز هاريس، فإن هذه العلاقات ستنقطع في حال فوز ترامب، حيث شهدت توترًا غير مسبوق خلال ولايته السابقة.
وأوضح منصور أن "ترامب سيتجه للسياسات السابقة المتعلقة بتصنيف مؤسسات منظمة التحرير كجهات راعية للإرهاب وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية ومنع تمويلها، ما سيدخل السلطة في أزمة مالية ودبلوماسية كبيرة".
وأشار إلى أن "هاريس قد لا تغير السياسات الأمريكية الحالية كثيرًا، لكنها قد تتخذ قرارات لتخفيف الأزمات عن السلطة مقابل إجراء إصلاحات جذرية، وقدرتها على إدارة الشأن الفلسطيني".
وختم قائلًا: "ملف إدارة غزة سيكون من أبرز ملفات البحث لأي إدارة أمريكية جديدة مع السلطة الفلسطينية، وسيسعى ترامب لعودة السلطة ضمن مخططه لدولة غزة، بينما ستعمل هاريس على تعزيز دور السلطة ضمن رؤية حل الدولتين".