logo
العالم العربي

"صيف قاس" بانتظاره.. حرب المياه بين العراق وجيرانه تحتدم

"صيف قاس" بانتظاره.. حرب المياه بين العراق وجيرانه تحتدم
نهر دجلة، العراقالمصدر: متداولة
30 أبريل 2025، 7:02 ص

رأى مختصون في مجال المياه والزراعة، أن العراق يقف على أعتاب صيف شديد الوطأة، في ظل أزمة مائية متفاقمة تُنذر بتداعيات بيئية وزراعية غير مسبوقة، وسط تحذيرات من عجز حكومي عن إدارة الملف.

وتُحمّل أوساط نيابية وخبراء، السياسات المائية التي تنتهجها دول الجوار، خصوصاً تركيا وإيران، مسؤولية تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات؛ إذ تواصل أنقرة تقليص الإطلاقات المائية باتجاه العراق، بينما تقوم طهران بتحويل مجرى عدد من الروافد الحدودية؛ ما ساهم في تفاقم الأزمة خلال السنوات الأخيرة.

وبرغم المساعي الحكومية المتكررة لعقد تفاهمات ثنائية وضمان حصة مائية عادلة، إلا أن العراق لم يحقق أي تقدم ملموس على هذا الصعيد، وسط غياب آليات تنفيذية ملزمة، وتراجع التأثير العراقي في ملفات الأمن المائي الإقليمي.

أخبار ذات علاقة

الجفاف جنوبي العراق

"الماء أغلى من الدم".. الجفاف يتسبب في نزاعات عشائرية جنوبي العراق

صيف قاس

وفي هذا الصدد، أكد المستشار المائي، في البرلمان العراقي، عادل المختار، أن "البلاد تواجه أزمة حقيقية في مخزون المياه قد تنعكس بشكل خطير على مختلف القطاعات، لا سيما مياه الشرب والزراعة"، محذرا من أن "صيفا قاسيا ينتظر العراقيين إذا استمر التراجع في المخزون المائي وتواصل غياب الأمطار".

وأوضح المختار لـ"إرم نيوز"، أن "الخزين الاستراتيجي من المياه انخفض من 21 مليار متر مكعب إلى ما بين 10 و11 مليار متر مكعب فقط، رغم أننا ما زلنا في نهاية موسم الشتاء، الذي يُفترض أن يشهد تحسنا في المخزون".

الجفاف جنوبي العراق

وأضاف أن "الإطلاقات المائية الواردة من تركيا تراجعت بشكل كبير، إذ لم تعد تتجاوز 75 مترا مكعبا في الثانية، بعدما كانت في سنوات سابقة تصل إلى أكثر من 1000 بل وحتى 2000 متر مكعب في الثانية"، محذرا من أن "العراق قد يواجه عجزا فعليا في تأمين مياه الشرب لمواطنيه".

وأدى تراجع مناسيب المياه خلال السنوات الأخيرة إلى تقليص المساحات المزروعة بنسبة تجاوزت 50% في بعض المحافظات، فيما دفعت موجات الجفاف المتكررة آلاف الأسر إلى الهجرة من الأرياف باتجاه المدن، نتيجة فقدان مصادر العيش القائمة على الزراعة وتربية المواشي.

أخبار ذات علاقة

42ff7388-f9ff-400a-9f33-26502205b82d

العراق يلوح بتدويل ملف شح المياه لنهري دجلة والفرات

وتتهم جهات عراقية أنقرة باتباع سياسة مائية "أحادية الجانب"، من خلال تحكّمها بمصادر نهر دجلة عبر سلسلة من السدود العملاقة، أبرزها "سد إليسو"، الذي أدى تشغيله إلى تراجع الإطلاقات المائية الواردة إلى العراق بشكل غير مسبوق.

أما إيران، فتتّبع سياسة مائية مختلفة تقوم على تحويل مجرى الروافد التي كانت تغذي شرق العراق، خاصة في محافظات ديالى وواسط وميسان.

ويؤكد مسؤولون محليون أن طهران قامت بتحويل مجرى أنهر مهمة مثل "سيروان" و"الوند"؛ ما تسبب بجفاف أنهر فرعية وانقطاع مياه الشرب عن عشرات القرى، فضلا عن تضرر المحاصيل الزراعية.

أخبار ذات علاقة

5b47dbbd-cdf5-4f53-a9c2-c1d84c604bb9

شريان حياة لآلاف السنين.. نهر دجلة التاريخي يصارع الموت في العراق

تهديد الخطة الزراعية

من جانبه، قال الخبير في مجال الزراعة تحسين الموسوي، إن "الخطة الزراعية الصيفية بات من الصعب تنفيذها في ظل الظروف المائية الحالية، التي تُعد بالغة الحرج"، مشيرا إلى أن "أولوية المرحلة المقبلة يجب أن تتركز على تأمين مياه الشرب ومياه البساتين، قبل التفكير بأي توسع زراعي".

وأوضح الموسوي لـ"إرم نيوز"، أن "المخزون الاستراتيجي للمياه في العراق يبلغ حاليا 11 مليار متر مكعب فقط، وفق بيانات رسمية، وهو رقم ينذر بالخطر مع اقتراب الصيف"، مبينا أن "فقدان أكثر من 5 مليارات متر مكعب بسبب التبخر وارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى عجز مائي كبير".

وأضاف أن "العراق دخل فعليا مرحلة الإجهاد المائي، ويتصدر المراتب الأولى عالميا في مؤشرات الفقر المائي"، معتبرًا أن "الوضع الحالي لا يمكن تجاوزه إلا بأحد خيارين: إما هطول الأمطار بشكل غزير، رغم أننا لسنا في موسم أمطار، أو استجابة الجيران لإطلاق الحصص المائية".

تنامي موجات الغبار

ووفق مصادر فنية، فإن مناسيب المياه في سدود العراق الكبرى سجلت تراجعا حادا؛ ما يعقّد إدارة الإطلاقات المائية الداخلية، ويقلّص قدرة وزارة الموارد على المناورة لتأمين متطلبات المدن والقطاع الزراعي.

ومع تفاقم شح المياه، تحذّر الأوساط البيئية من تزايد موجات الغبار والعواصف الترابية، المرتبطة بتعرية التربة وجفاف الأراضي الزراعية؛ ما قد يؤدي إلى أزمة صحية موازية تضعف قدرة المدن على مواجهة الصيف القاسي.

وتشير تقارير أممية إلى تزايد حالات الهجرة المناخية من القرى نحو المدن، في ظل ضعف الدعم الحكومي للمزارعين وتراجع الغطاء النباتي؛ ما ينذر بأعباء اقتصادية واجتماعية جديدة على مراكز المدن.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC