الإليزيه: استعداد بوتين للتحاور مع ماكرون "مرحب به"
تمثل المرحلة الثانية من نزع سلاح ميليشيا حزب الله، شمال نهر الليطاني الاختبار الأصعب للدولة اللبنانية وقدرتها الفعلية على فرض سيادتها، في ظل ضغوط متصاعدة تدفع باتجاه توسيع نطاق التنفيذ خارج إطار القرار 1701.
ويشير خبراء إلى أن هذا الوضع يتقاطع فيه الضغط الخارجي مع الانقسام الداخلي؛ ما ينذر بتحديات سياسية وأمنية معقدة خلال المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، قال الأمين العام للجمعية العربية للعلوم السياسية، الدكتور حسان الأشمر إن لبنان قام بواجباته كاملة تجاه القرارات الدولية، ولا سيما تلك الصادرة عن مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار 1701، خاصة فيما يتعلق بمنطقة جنوب الليطاني، وذلك بشهادة قوات "اليونيفيل" وقائدها، الذي أشار في أكثر من تصريح إلى تسليم السلاح في تلك المنطقة، في مقابل استمرار الخروقات الإسرائيلية.
وأضاف الأشمر لـ"إرم نيوز" أن تحديد المراحل من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل يشكل ضغطاً على لبنان، في محاولة لنقل المشكلة إلى الداخل اللبناني، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إظهار أن "حزب الله" لا يزال يمتلك قوة كبيرة في جنوب الليطاني، بهدف الضغط على المجتمع الإسرائيلي الداخلي عبر الإيحاء باستمرار التهديد على الحدود الشمالية.
وأشار إلى أن الحديث عن انتهاء المرحلة الأولى بات واقعاً؛ إذ صرح رئيس الحكومة اللبنانية ورئيس الجمهورية بأن نهاية هذا الشهر ستشهد استكمال المرحلة الأولى، أما الحديث عن مرحلة ثانية شمال الليطاني، فعده خارج إطار 1701، فضلاً عن كونه شأناً داخلياً لبنانياً يتم من خلال التوافق والحوار بين اللبنانيين.
وأوضح الأشمر أن هذه الضغوط المفروضة على الجيش تتم من دون أي دعم حقيقي، باستثناء البيانات والتصريحات، معتبراً أن تكليف الجيش بمهام لا تتوافر لها مقومات التسليح والإعداد من شأنه أن يؤثر سلباً في طبيعة عمله.
ولفت إلى أن المطلوب، قبل الحديث عن أي مرحلة ثانية، هو دعم الجيش اللبناني عبر تسليحه وتعزيز عديده، لاستكمال هذه العملية، مؤكداً أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التوافق والحوار بين اللبنانيين، تفادياً لأي توتر واضطرابات داخلية.
وبيّن أن إسرائيل لا ترغب في رؤية واقع لبناني داخلي مستقرا، وتسعى إلى الضغط لخلق أزمات داخلية وتعزيزها وبث الفرقة بين اللبنانيين، مستفيدة من قابلية الساحة الداخلية للتجاذبات، معتبراً أن تصاعد النزاعات الداخلية يخفف عنها المخاطر.
ولفت إلى أن على المجتمع الدولي القيام بواجباته، وعلى إسرائيل الانسحاب مما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة، والسماح بعودة المهجّرين، مشيراً إلى أن استمرار الاعتداءات يعني أن لبنان لم يحصل حتى الآن على أي مقابل للتنازلات التي قدمها في الجنوب.
واختتم الأشمر حديثه بالإشارة إلى أن الحديث عن مرحلة ثانية يجب أن يراعي جميع هذه الاعتبارات، لا أن يقتصر على فرض شروط على الحكومة والجيش اللبنانيين.
من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي، يوسف دياب، أن بدء المرحلة الثانية من نزع سلاح ميليشيا حزب الله يشكل الاختبار الأصعب للدولة اللبنانية، مستبعداً قدرتها على الانتقال إلى هذه المرحلة في ظل المواقف الواضحة لقيادات الحزب، التي تؤكد أن القرار 1701 ووقف إطلاق النار يقتصران على جنوب الليطاني ولا يشملان شماله.
وقال دياب لـ"إرم نيوز" إن أي محاولة من الدولة والجيش لتحديد منطقة لتطبيق المرحلة الثانية ستؤدي إلى مواجهة مباشرة مع ميليشيا حزب الله على الأرض.
وأضاف دياب أن إسرائيل والولايات المتحدة توصلتا إلى قناعة راسخة بأن الحل السياسي مع ميليشيا حزب الله ومن خلفها إيران، لا يفضي إلى نتائج، معتبراً أن ما تعجز الدولة اللبنانية عن إنجازه ستقوم إسرائيل بالتحرك إلى تحقيقه أي نزع سلاح الميليشيا اللبنانية.
وأشار إلى أن هذا الواقع يضع لبنان أمام مخاطر كبيرة مع بداية العام الجديد، تزامناً مع الحديث عن المرحلة الثانية من خطة نزع السلاح؛ ما يؤدي إلى تراجع فرص الحل السياسي مقابل تصاعد احتمالات التصعيد، وهو ما تطرقت إليه مواقف أمريكية وتقارير إعلامية غربية وإسرائيلية، إضافة إلى تسريبات حديثة من الإدارة الأمريكية حول ضرورة التعامل مع ميليشيا حزب الله بطريقة مختلفة.
وأوضح دياب أن الدولة اللبنانية خضعت للاختبار، ولن تكون قادرة على تنفيذ أي إجراء يؤدي إلى نزع سلاح ميليشيا حزب الله، معرباً عن أمل اللبنانيين في حال تطور الأمور إلى تصعيد، بألا تستهدف هذه العمليات مؤسسات الدولة وبنيتها التحتية، وأن يقتصر التعامل على "حزب الله" دون المساس بالمؤسسات اللبنانية، وهو ما يعول فيه على دور المجتمع الدولي إضافة إلى قوات "اليونيفيل" في جنوبي لبنان.
واختتم دياب حديثه بالتأكيد على أن المشهد اللبناني بالغ التعقيد، وأن الوضعين الإقليمي والدولي لا يصبان في مصلحة ما يريده "حزب الله" أو اللبنانيون، في ظل انحياز دولي واضح لإسرائيل على حساب لبنان. وفق قوله.