احتدمت الخلافات بين حلفاء الجيش السوداني بشأن دعوة من الخارجية السويسرية إلى عقد لقاء طاولة مستديرة للقوى السودانية، ضمن الجهود الدولية الرامية لوقف الحرب في السودان.
وتأتي الاجتماعات المتوقعة في جنيف السويسرية، التي تعقدها منظمة "بروميديشن" والخارجية السويسرية، بمشاركة الاتحاد الأوروبي والحكومة المصرية، وفق ما أعلنته قوى سياسية سودانية.
وانقسم حلفاء الجيش السوداني حيال الدعوة المقدمة للقوى السياسية السودانية، فبعضهم أعلن موافقته عليها واستعداده للسفر إلى جنيف، بينما أعلن آخرون رفضهم المشاركة في البرنامج.
وكان حليف الجيش السوداني، رئيس حزب الأمة، مبارك الفاضل، أول المرحبين بالدعوة، معلنًا مشاركته في اجتماعات الطاولة المستديرة في جنيف.
وقال الفضل في تدوينة عبر منصة "إكس" إنه "تلقى دعوة كريمة من منظمة بروميدشن، للمشاركة في الاجتماع الرابع لحوار سوداني سوداني تنظمه في جنيف بالاشتراك مع وزارة الخارجية السويسرية، في الفترة بين 25 إلى 28 نوفمبر الحالي، مع مشاركة الاتحاد الأفريقي والحكومة المصرية كمراقبين".
وسبق أن نظمت بروميدشن ووزارة الخارجية السويسرية 3 اجتماعات سابقة خلال أبريل ويوليو الماضيين، بشأن الأزمة السودانية، شاركت فيها شخصيات وطنية وقوى سياسية وحركات مسلحة.
وقال الفاضل إن الهدف من تنظيم هذه الحوارات إنهاء حالة الاستقطاب الحاد التي حدثت بعد الحرب وتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية، لدعم المبادرات الرسمية للاتحاد الأفريقي ومصر الهادفة إلى توحيد القوى المدنية حول شروط المسار السياسي لعملية السلام والعودة للحكم المدني.
وأشار إلى أن منظمة بروميدشن مسجلة في السودان وبدأت نشاطها منذ عام 2019، موضحًا أن الجهد الذي تقوم به المنظمة ووزارة الخارجية السويسرية جهد مهم ومقدر يصب في جهود السلام والحفاظ على كيان الدولة السودانية.
وتضاربت المواقف داخل تحالف "الكتلة الديمقراطية"، الذي يضم قوى سياسية وحركات مسلحة منخرطة في القتال إلى جانب الجيش السوداني، بشأن المشاركة في اجتماعات جنيف المنتظرة؛ فقد أعلن المتحدث باسم التحالف محمد زكريا، في بيان تلقى "إرم نيوز" نسخة منه، اعتذار الكتلة عن عدم تلبية الدعوة، قائلًا إن "الكتلة الديمقراطية" تدعو إلى ضرورة تنسيق الجهود الدولية لتيسير حوار سوداني-سوداني شامل لا يستثني أحدا.
وينتمي المتحدث باسم الكتلة الديمقراطية إلى حركة العدل والمساواة التي يقودها وزير المالية جبريل إبراهيم، حليف البرهان.
في المقابل، أصدر متحدث آخر باسم الكتلة الديمقراطية، ينتمي إلى الحزب الاتحادي الديمقراطي ــ الأصل، عمر خلف الله، بيانًا يناقض البيان الذي أصدره محمد زكريا.
وقال عمر خلف الله إن الكتلة الديمقراطية عندما تصرح للإعلام فهناك إجراءات تتبع قبل صدور التصريح، معتبرًا الاعتذار المتداول عن عدم حضور اجتماعات جنيف باسم الكتلة الديمقراطية يمثل مسار دارفور فقط، وأنه لم يُناقش في أروقة المجلس الرئاسي للكتلة الديمقراطية.
وأكد أن الكتلة الديمقراطية ستشارك في الورشة، لتعزز رؤية المشروع الوطني في كل المحافل الدولية والإقليمية.
كذلك، أكد القيادي في الكتلة الديمقراطية، مبارك أردول، أن البيان الصادر باسم الكتلة الديمقراطية الخاص بالاعتذار عن عدم المشاركة في اجتماعات جنيف المقبلة لم يُعرض على رؤساء التنظيمات في الكتلة، معلنًا مشاركته في الاجتماعات.
وأشار إلى أن بيان الكتلة تغافل عن فقرات مهمة حول المشاركة واختزل رأي تنظيم واحد، موضحًا أن القوى السياسية التي تمت دعوتها لاجتماعات جنيف اتفقت على أن تكون المشاركة عبر التنظيمات السياسية وليس الكتل.
يرى المحلل السياسي، عمار الباقر، أن الخلافات بين حلفاء الجيش حيال الدعوة لاجتماعات جنيف ما هي إلا محاولة لعرقلة جهود المجتمع الدولي والإقليمي لوقف الحرب في السودان.
وأوضح الباقر، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الاعتذارات التي خرجت من بعض حلفاء الجيش لم توضح أسباب المقاطعة، ما يدل على أنه ليس لقرارها مبرر موضوعي سوى وضع العراقيل أمام تحركات المجتمع الدولي الساعية لاحتواء الأزمة السودانية.
وأضاف أن "كل الجهود الإقليمية والدولية متفقة تمامًا على رؤية محددة لوقف الحرب وإنهاء الأزمة السودانية، هذه الرؤية تنحاز إلى أهداف التحول المدني الديمقراطي التي عبرت عنها الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الرئيس السابق عمر البشير، الأمر الذي يجعل كل أعداء التغيير يتفقون على عرقلة جهود وقف الحرب واستعادة مسار الحكم المدني الانتقالي".
واعتبر أن القوى التي تعرقل الجهود الدولية والإقليمية لحل الأزمة السودانية مجرد أدوات في يد حزب نظام الرئيس السابق عمر البشير، يستخدمها لتعطيل أي حلول لا تضمن وجوده في المستقبل السياسي لما بعد الحرب، وفق قوله.
وأشار إلى أن عبارة "حوار سوداني لا يستثني أحدا"، التي دائمًا ما ترد في بيانات المعرقلين لجهود وقف الحرب، المقصود بها حزب المؤتمر الوطني، وأنه يجب ألا يُستثنى من المشاركة، بعدما اتفق الجميع على استبعاده من أي عملية سياسية ترسم ملامح مستقبل الحكم في الفترة المقبلة، الأمر الذي يجعله يستخدم أدواته هذه للضغط على الساعين لوقف الحرب لأجل التراجع والقبول بمشاركته، على حد تعبيره.