logo
العالم العربي

"العقدة الكردية".. صراع "أربيل السليمانية" يهدد استحقاق العراق الرئاسي

مشهد عام من مدينة أربيل بكردستان العراقالمصدر: منصة إكس

عاد الانقسام الكردي الداخلي ليفرض نفسه بقوة على مشهد تشكيل السلطة في بغداد، مع اقتراب استحقاق اختيار رئيس الجمهورية العراقية.

يأتي ذلك في ظل فشل القطبين الرئيسيين في إقليم كردستان في التوصل إلى تفاهم موحد حول "الأحقية السياسية" بالمنصب.

ولعل ذلك يحمل في طياته إنذاراً بإعادة إنتاج أزمة "كردية - كردية" قد تتجاوز حدود الرئاسة إلى مجمل التوازنات المقبلة داخل العراق.

جوهر الصراع

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في أربيل والسليمانية، لـ "إرم نيوز"، أن الخلاف الحالي لا يتمحور حول اسم بعينه بقدر ما يتعلق بجوهر الصراع بين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" على موقع كل طرف في معادلة الحكم الاتحادي بعد الانتخابات الأخيرة.

والاتحاد الوطني لا يزال يتعامل مع منصب رئيس الجمهورية بوصفه "استحقاقاً سياسياً ثابتاً" له منذ 2005، مقابل هيمنة "الديمقراطي الكردستاني" على رئاسة الإقليم والحكومة والملف الاقتصادي.

في المقابل، يرى "الحزب الديمقراطي الكردستاني" أن تغير موازين القوى داخل البرلمان العراقي، وتقدمه العددي، يفتح الباب لإعادة النظر في هذه المعادلة التي يعتبرها "عرفاً سياسيًّا" لا نصًّاً دستورياً ملزماً.

أخبار ذات علاقة

القيادي في ائتلاف الإعمار والتنمية العراقي، فلاح الجزائري

قيادي في "الإعمار والتنمية": السوداني والمالكي هما الأقرب لرئاسة حكومة العراق

استهداف سياسي

وبحسب المصادر، فإن قيادة "الاتحاد الوطني" أبلغت أكثر من طرف شيعي وسني في بغداد أن المساس بمنصب الرئاسة سيُفسّر داخل السليمانية على أنه استهداف سياسي مباشر، وقد ينعكس سلباً على مستوى التنسيق الكردي داخل البرلمان.

ويتوازى ذلك مع سعي قوى "الإطار التنسيقي" العراقي من أجل تمرير الاستحقاقات الدستورية بأقل قدر ممكن من الأزمات.

في المقابل، يتحرك "الديمقراطي الكردستاني" بثقة أكبر هذه الدورة، مستندا إلى شبكة تفاهمات أوسع في بغداد، محاولا إدخال ملف الرئاسة ضمن "سلة تفاوض شاملة" تشمل النفط والميزانية ورواتب الإقليم والعلاقة مع الحكومة الاتحادية.

وتشير المعطيات إلى أن ملف رئاسة الجمهورية بات مرتبطا بشكل غير معلن بمفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان نفسها، حيث يحاول كل طرف استخدام ورقة بغداد لتحسين شروطه داخل الإقليم.

مصادر كردية تؤكد أن أي تنازل في ملف الرئاسة لن يتم دون مقابل واضح في توزيع السلطة داخل أربيل والسليمانية، سواء على مستوى رئاسة الحكومة أو الوزارات السيادية أو إدارة الملفات المالية الحساسة.

خلافات "الديمقراطي"

أما على صعيد الأسماء، فتبدو الصورة ضبابية حتى الآن. فالاتحاد الوطني، ورغم تمسكه بالمنصب، لم يحسم مرشحه رسميا، في مؤشر على أن الخلاف داخله لا يقل تعقيدا عن خلافه مع الديمقراطي. 

في الوقت ذاته، لا يمتلك الحزب الديمقراطي مرشحا قادرا على العبور من دون كلفة سياسية عالية، ما يجعل خيار فرض رئيس محسوب عليه بالكامل أمرا بالغ الصعوبة.

وتستبعد مصادر سياسية عراقية عودة أسماء ثقيلة من الدورات السابقة، سواء لأسباب سياسية أو لانشغال بعضها بمهام دولية، ما يضيّق هامش المناورة أمام الطرفين.

ويقول الباحث في الشؤون الكردية كفاح محمود، إن عقدة رئاسة الجمهورية لا تُقرأ بوصفها خلافا كرديا صرفا، بل بوصفها جزءا من أزمة أوسع تضرب خرائط التفاهم داخل بغداد أيضا، مع تعثر البيتين الشيعي والسني في حسم استحقاقاتهما بالتوازي.

ويشير محمود إلى أن العرف السياسي منح المنصب للأكراد عموماً وليس لحزب بعينه، فيما جاء تثبيت الحصة عمليا لصالح "الاتحاد الوطني" نتيجة تفاهم سياسي أُبرم عام 2005 بين مسعود بارزاني وجلال طالباني.

ويضيف أن شروط ذلك التفاهم لم تعد قائمة بالمعنى نفسه اليوم، ما يعيد الملف إلى نقطة "التفاوض على عرف جديد" بدل التعامل معه كحق دائم لطرف واحد.

حل وسط

في هذا السياق، بدأ يتردد في كواليس بغداد حديث عن "حل وسط اضطراري" يتمثل في التوافق على شخصية كردية لا تُحسب تنظيميا بشكل صريح على أي من الحزبين، لتجنب كسر أحد القطبين ومنع انتقال الصراع إلى داخل البرلمان.

إلا أن هذا الخيار، بحسب مصادر كردية، لا يزال نظرياً أكثر منه عمليا؛ لأن قبوله يتطلب تنازلاً متبادلاً لم تنضج شروطه بعد، خاصة في ظل خشية كل طرف من أن يُفسّر التنازل كضعف سياسي أمام جمهوره.

ومع اقتراب المهلة الدستورية لاختيار رئيس الجمهورية، تتزايد الضغوط على القوى الكردية للتوصل إلى صيغة توافقية، إذ إن استمرار الانقسام سيؤخر تكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ويفتح الباب أمام تدخلات وضغوط إقليمية ودولية غير مرغوبة. 

وتذهب تقديرات عراقية إلى أن السيناريو الأكثر ترجيحا في اللحظة الراهنة هو تمرير مرشح يحظى برضى "الاتحاد الوطني"، سواء من داخله أو بتوافق معه، باعتباره الخيار الأقل كلفة سياسياً داخل البرلمان، مع إبقاء خيار "المرشح التوافقي" كخيار أخير في حال وصلت الأزمة إلى حافة الانسداد الكامل.

أخبار ذات علاقة

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، بنكين ريكاني

العراق.. "الديمقراطي الكردستاني" يلوّح بالانسحاب من العملية السياسية

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC