logo
أخبار

الرئيس التونسي يتجه لحسم أمر المحكمة الدستورية وسط جدل حول تركيبتها ودورها

الرئيس التونسي يتجه لحسم أمر المحكمة الدستورية وسط جدل حول تركيبتها ودورها
28 يوليو 2022، 12:31 م

يتجه الرئيس التونسي قيس سعيد إلى حسم أمر المحكمة الدستورية التي مثّلت لسنوات مصدرًا لصراعات سياسية كبيرة، وتمثّل، اليوم، ركنًا أساسًا لتثبيت النظام السياسي الجديد بعد الاستفتاء على الدستور.

وأكد سعيّد خلال لقائه، يوم أمس الأربعاء، مع رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن أنه يتم الإعداد لمشروع المحكمة التي، بحسب الدستور الجديد، سيتم تعيين أعضائها من قبل الرئاسة على عكس ما نص عليه دستور 2014.

وجاء في الفصل 125 من الدستور التونسي الجديد أنّ "المحكمة الدستورية تتركب من 9 أعضاء، ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكـمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات، وينتخب أعضاء المحكمة الدستورية من بينهم رئيسًا لها طبقًا لما يضبطه القانون".

وقال مصدر مقرب من القصر الرئاسي إن المحكمة الدستورية هي واحدة من أهم الملفات المطروحة، اليوم، لا سيما بعد الصراعات التي عاشتها تونس خلال السنوات الماضية في غياب المحكمة الدستورية، ما ضاعف من النزاعات القانونية والسياسية حول عدة مسائل.

وأضاف المصدر لـ"إرم نيوز" أنّ المحكمة الدستورية تحظى، اليوم، بأولوية مطلقة بالنسبة إلى الرئيس التونسي لتركيز نظام حكم جديد تكون فيه الكلمة للشعب التونسي، وذلك بعد حل البرلمان، الذي فشل من قبل في التوافق على تركيبة هذه المحكمة.

وأكد المصدر أن المحكمة الدستورية تمثل ضمانة حقيقية لتفادي النزاعات التي عاشتها تونس سابقًا، وهي تمثل الجهة القانونية العليا الضامنة لتنفيذ ما جاء في الدستور، ما يعني أن اتخاذ أي خطوات مقبلة في اتجاه تطبيق الدستور الجديد يتطلب إحداث المحكمة الدستورية أولًا لإقرار مدى دستورية القوانين التي سيتم سنها.

وعلقت النائبة السابقة في البرلمان فاطمة المسدي على الأمر بالقول إن "حركة النهضة أرادت خلال سيطرتها على الحكم، انتخاب رئيس للمحكمة الدستورية من الأعضاء المقربين منها، وكانت الحركة هي المسؤولة عن كتابة دستور 2014، وأرادتها محكمة على المقاس، ولذلك فشلت عملية انتخاب أعضاء المحكمة".

وأضافت المسدي في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" أنه "بالنسبة إلى الوضع، اليوم، هناك دفعة من المراسيم سيتم الإعلان عنها بعد استكمال الإعلان عن النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور، وستكون فيها الأولوية للمحكمة الدستورية، وقانون الانتخابات".

وتابعت النائبة السابقة أنه "طالما أن فصل المحكمة الدستورية لا ينص على انتخاب أعضاء المحكمة بل هو بالأقدمية، فإن المرسوم الذي سيتم بمقتضاه إحداث المحكمة سيكون أكثر توازنًا، وهذا لا يعني أنه لا يوجد بعض نقاط ضعف في الدستور والتفاصيل التي قد تدخلنا في متاهات أخرى"، وفق تعبيرها.

وأكدت المسدي ضرورة أن تنصّب المحكمة مبكرًا حتى تكون على الخط في حال تسجيل خروقات في الانتخابات، في إشارة إلى اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل.

لكن أستاذ القانون الدستوري في الجامعة التونسية عبد الرزاق المختار اعتبر أن المحكمة التي يجهز لها سعيد ستكون مهمشة بشكل كبير، وقال المختار في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" إن هناك تأويلات مختلفة حول دورها، اليوم، وطبيعة أعضائها، وستكون هذه المحكمة أشبه بنادي القضاة المتقاعدين، وأميل إلى التعاطي القضائي لا إلى البت في دستورية القوانين، وهو ما لا يتلاءم مع طبيعة الرقابة"، وفق قراءته.

وشدد المختار على أن "رئيس الجمهورية ستكون له محكمة دستورية غير مزعجة وغير مربكة كما كانت سابقًا، خاصة أن دستور 2014 نص على تحكيم المحكمة زمن الأزمات".

وبحسب الخبير في القانون الدستوري، فقد كان الأولى من البحث عن المحكمة الدستورية المسارعة بضبط النصوص المتعلقة بالانتخابات برؤية تشاركية، محذرًا من أن هناك مخاوف من أن يتم اعتماد آليات بطريقة فردية، وأن "رئيس الجمهورية في خطاب دعائي يسارع إلى وضع مشروع محكمة دون أنياب و مخالب"، وفق وصفه.

وحول ملامح المحكمة قال المختار: "هذه المحكمة ستعين من بين أقدم الأعضاء في الدوائر، وسنجد أنفسنا أمام مكافآت نهاية الخدمة وليس ما نتصوره من محكمة دستورية، ستكون مجرد واجهة شكلية بلا نفوذ فعلي".

من جهته قال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن المحكمة الدستورية، بحسب الدستور الجديد، لن تشكل أي خطر على الرئيس الذي حصَّن نفسه بشكل تام باعتبار أنه لا يخضع للمساءلة ولا المراقبة.

وشدد العبيدي في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" على أن "المحكمة ستتألف من قضاة اقترب تقاعدهم، ولن يكون من اختصاصاتها فض النزاعات زمن الأزمات السياسية ولا غيره، وبالتالي لا أعتقد أنه سيكون لها أي دور في المرحلة المقبلة"، وفق تقديره.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC