تسببت استقالة عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب "ميرتس" غيداء ريناوي الزعبي في فقدان الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء نفتالي بينيت حالة التعادل التي يشهدها الكنيست بين الائتلاف والمعارضة منذ استقالة رئيسة الائتلاف عيديت سيلمان.
نفق مظلم
وأدخلت الاستقالة الجديدة، التي تعتبر الضربة الثالثة التي تعصف بالحكومة الإسرائيلية خلال أسبوع واحد، الائتلاف الحكومي في نفق مظلم، وحرمته من القدرة على تمرير أي مشروع قانون أو الحيلولة دون إسقاطه، والذهاب لانتخابات خامسة للكنيست.
وحسب القناة 12 العبرية، فإن استقالة غيداء ريناوي الزعبي جاءت على إثر رفضها سلوك بينيت ووزير الأمن الداخلي عومير بارليف بشأن مسيرة الأعلام المزمع إقامتها في القدس الشرقية نهاية الشهر الجاري، علاوة على رفضها لمشاهد اعتداء الشرطة الإسرائيلية على جنازة شيرين أبو عاقلة.
وسيمنح قرار ريناوي زعبي المعارضة الإسرائيلية أغلبية 61 عضواً بالكنيست مقابل 59 عضواً لصالح الائتلاف الحكومي، في حين يعتزم حزب "الليكود" طرح مشروع انتخابات مبكرة للكنيست، الأربعاء المقبل، وفق القناة العبرية.
بدورها، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسؤولين تحدثوا إلى النائبة المستقيلة قولهم إن "ريناوي زعبي لا تنوي الإطاحة بالحكومة الحالية أو تقويض استقرارها"، مشيرين إلى أنها لم تقرر بعد ما الذي ستفعله حال طرح قانون حل الكنيست.
سيناريوهات معقدة
وفي السياق، يرى خبراء ومختصون في الشأن الإسرائيلي أن الائتلاف الحكومي أمام سيناريوهات معقدة في المرحلة المقبلة، إلا أنها لا تزال قادرة على الاستمرار بـ 59 عضواً بالكنيست، مرجعين ذلك إلى عدم قدرة المعارضة الإسرائيلية على تشكيل حكومة بديلة.
وحسب الخبراء، فإن السيناريو الأخطر الذي يواجهه الائتلاف الحكومي يتمثل في الذهاب إلى انتخابات مبكرة للكنيست، مؤكدين أنه حتى لو فشلت المعارضة الإسرائيلية في تمرير قانون للانتخابات فإن الائتلاف الحكومي سيسقط نهاية الشهر الجاري في التصويت على الميزانية العامة.
وقال المحلل السياسي أليف صباغ إن "أول سيناريو يجب أن تستعد له أحزاب الائتلاف الحكومي الحالي وجميع الأحزاب الإسرائيلية هو سيناريو الانتخابات المبكرة، الذي من المرجح أن يكون خلال الأشهر القليلة المقبلة".
وأوضح صباغ، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "فقدان الائتلاف الحكومي للأغلبية في الكنيست لن يمكنه من تمرير الميزانية العامة أو إقرار أي مشروع قانون أمام الهيئة العامة"، مؤكداً أنه لا يمكن لأي عضو كنيست تشكيل حكومة بديلة عن الحكومة الحالية.
وأضاف صباغ: "الشخص الوحيد الذي يمكن أن يكلف بتشكيل الحكومة هو زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو"، مؤكداً أن نتنياهو بالأصل عقبة أمام تشكيل حزبه لحكومة يمينية في الكنيست الحالي.
وتابع صباغ: "الليكود بحاجة إلى إسقاط نتنياهو من أجل تشكيل حكومة جديدة"، لافتاً إلى أن أحزاباً في الائتلاف الحالي يمكن أن تنضم لحكومة يقودها "الليكود" لكن بدون وجود نتنياهو في قيادة الحزب، الأمر الذي يرفضه نتنياهو.
وأضاف: "المؤشرات جميعها تدل على أن الحكومة الحالية ستسقط خلال أي تصويت على مشروع قانون سواء من المعارضة أو الائتلاف"، مبيناً أنه حتى اللحظة لا يمكن الحديث عن إسقاط حكومة التغيير التي يمكن لها العمل بتأييد الأعضاء الحاليين.
وأشار المحلل السياسي إلى أنه "ووفق القانون الإسرائيلي فإن حكومة بينيت هي حكومة أقلية ولا يمكن إسقاطها إلا بتشكيل حكومة جديدة داخل الكنيست الحالي، أو إقرار مشروع قانون لحل الكنيست"، لافتاً إلى أن حل الكنيست يحتاج إلى دعم من القائمة العربية المشتركة.
واستدرك صباغ: "لكن هذه الحكومة ضعيفة ولا يمكن لها الصمود في الوقت الحالي، وهي قابلة للانهيار في كل لحظة"، مبيناً أن الاعتماد على القائمة العربية الموحدة التي يقودها منصور عباس لم يعد ذا جدوى في الوقت الراهن.
شبكة أمان
من ناحيته، قال أستاذ العلوم السياسية مخيمر أبو سعدة إن "الائتلاف الحكومي في إسرائيل أمام سيناريوهات صعبة ومعقدة للغاية، أبرزها يتمثل في الحاجة لشبكة أمان لا يمكن توفيرها إلا عبر القائمة العربية المشتركة".
وأضاف أبو سعدة، في حديثه لـ "إرم نيوز"، أن "الائتلاف الحكومي سيكون مضطرا لعقد اتفاق مع القائمة المشتركة، مما سيجبره على تقديم تنازلات للقائمة مقابل شبكة الأمان"، لافتاً إلى أن احتمالات نجاح ذلك ضعيف للغاية.
وأشار أبو سعدة إلى أن "القائمة المشتركة لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال جزءاً من الحكومة الحالية، الأمر الذي يدفع الائتلاف الحكومي للسيناريو الأصعب وهو استقطاب أعضاء من اليمين لدعمه".
وتابع: "إذا لم يستطع نفتالي بينيت ويائير لابيد وحلفائهما في الائتلاف إيجاد بديل وإحداث اختراق لدى القوى اليمينية وحزب الليكود وغيرهم في إيجاد شبكة أمان للحكومة، فإن الحكومة ستسقط في أقرب اقتراح لحجب الثقة".
ووفق المحلل السياسي، فإن "إسرائيل ستكون على موعد مع انتخابات مبكرة خلال الشهور الأربعة المقبلة، مستدركاً: "هذا يعني بقاء نفتالي بينيت رئيسا للوزراء حتى تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، وفق اتفاق تشكيل الائتلاف".
واستكمل أبو سعدة: "لن يكون سهلاً على نفتالي بينيت والائتلاف الحكومي اختراق المعارضة الإسرائيلية واستقطاب أي عضو منها لدعم الائتلاف ومنع سقوطه".
عودة عن الاستقالة
من ناحيته، يرجح المحلل السياسي أحمد عوض أن "تتراجع النائبة غيداء ريناوي الزعبي عن استقالتها من الائتلاف الحكومي"، مشيراً إلى أن عوامل سقوط الائتلاف الحكومي لم تنضج بعد، خاصة في ظل عجز أحزاب المعارضة الإسرائيلية عن إسقاطه.
وقال عوض، في حديثه لـ "إرم نيوز"، إن "الحكومة الحالية شهدت ظروفاً سياسية لم تشهدها أي حكومة إسرائيلية، ومع ذلك تمكنت من الصمود في وجه المعارضة"، مشدداً على أن فرص الاعتماد على القائمة العربية المشتركة ضعيفة.
وأضاف عوض: "بتقديري القائمة المشتركة لن تصوت على حجب الثقة عن الحكومة الإسرائيلية، وهذا الأمر سيعطي الحكومة الحالية قدرة على الاستمرار؛ لكن يبقى أمرها رهينة بنجاح الليكود في تمرير مشروع قانون يقضي بحل الكنيست".
وأشار عوض إلى أن "القائمة المشتركة لا يمكن أن تكون ضمن أي تحالف مع نفتالي بينيت، ولكنها ترفض أن تكون جزءاً من ألاعيب نتنياهو ضد الحكومة الحالية، وبالتالي لن يصوتوا لصالح أي قانون يطرحه نتنياهو وحزب الليكود"، وفق تقديره.