اعتبرت مديرة الديوان الرئاسي السابق في تونس، نادية عكاشة، أن المسار الذي بدأه الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 تموز/ يوليو الماضي، تم "الاستيلاء عليه" من قبل من وصفتهم بـ"زمرة من الفاشلين".
وقالت عكاشة في تدوينة نشرتها عبر صفحتها على "فيسبوك"، إن "25 تموز/ يوليو 2021 كانت لحظة حاسمة في تاريخ تونس، وقرارا تاريخيا ومسارا وطنيا كان من المفروض أن يقوم على منهجية واضحة وعلى تمشٍّ ديمقراطي جامع وعلى أسس ثابتة لبناء دولة القانون التي تحترم فيها الحريات والمؤسسات".
وأضافت: "لكن للأسف تم الاستيلاء على هذه اللحظة وعلى هذا المسار من قبل من لا شرف ولا دين ولا وطنية له ومن قبل زمرة من الفاشلين الذين لا يفقهون شيئا غير احتراف الابتذال والتشويه والتضليل"، بحسب تعبيرها.
وتساءلت عكاشة: "أين تونس اليوم من أزمة سياسية خانقة أصبحت تمثل خطرا داهما وجاثما لم تشهد له مثيلا في تاريخها الحديث؟".
وتابعت: "أين تونس اليوم من الأزمة الاقتصادية والمالية ومن تعثر إيجاد برنامج إصلاح اقتصادي جدي وواضح ومبني على معطيات صحيحة يمكّننا من مناقشة اتفاق مع صندوق النقد الدولي؟ لماذا لا تكون للإصلاح منهجية علمية وناجعة؟".
وختمت عكاشة تدوينتها بالقول: "في الحقيقة إن عرف السبب بطل العجب".
غموض الاستقالة
وتأتي هذه التدوينة بعد ثلاثة أشهر من إعلان نادية عكاشة استقالتها، بينما صدر قرار إقالتها في الجريدة الرسمية في اليوم التالي لتبقى مسألة خروجها من القصر الرئاسي، في طي الغموض.
وكانت نادية عكاشة أعلنت استقالتها المفاجئة، في كانون الثاني/ يناير الماضي، من خلال تدوينة على صفحتها على "فيسبوك"، مبررة قرارها بـ"وجود اختلافات جوهرية متعلقة بالمصلحة العليا للوطن".
وفي أول تصريح لها منذ استقالتها الغامضة، نفت نادية عكاشة، في الـ10 من نيسان/ أبريل الجاري، الاتهامات التي تم توجيهها إليها بالتآمر على أمن الدولة واستغلال النفوذ، مؤكدة أنها تعرضت لـ"حملة تشويه كبيرة".
وقالت عكاشة حينها في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية: "بسبب غياب ثقافة الاستقالة وانعدام الأخلاق السياسية في تونس، كان من المتوقع أن أتعرض لمضايقات خلال أداء مهامي، وحتى بعد استقالتي، وتحريك الملفات كان غرضه التشويه والإساءة".
وواجهت نادية عكاشة اتهامات بالتدخل في القضاء واستغلال منصبها للتأثير عليه، لكنها أكدت أنها لم تستغل نفوذها إطلاقا للتأثير على القضاء.
ظل الرئيس
يذكر أن نادية عكاشة تم تعيينها في 28 كانون الثاني/ يناير 2020، رئيسة لديوان الرئيس قيس سعيد، خلفًا لطارق بالطيب.
ونادية عكاشة، التي كانت تتولى منصب مستشارة قانونية للرئيس التونسي، قبل تكليفها بإدارة الديوان الرئاسي، هي أستاذة في القانون العام، وأستاذة مساعدة بكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة "المنار" بالعاصمة التونسية.
كما أنها باحثة في معهد "ماكس بلانك" للقانون العام والقانون الدولي المقارن في هايدلبرغ، وهي مهتمة بالقانون الدستوري، والعدالة الدستورية، والقانون الدستوري الدولي.
وكانت عكاشة من أقرب المقربين للرئيس قيس سعيد، حتى أنها وُصفت بـ"ظل الرئيس".
لكن مصدرا مقربا من قصر الرئاسة، قال لـ"إرم نيوز" عقب استقالتها في يناير، إن عكاشة "دخلت مؤخرا في مواجهة مع الرئيس على خلفية عدد من القرارات التي اتخذها منذ إعلانه عن التدابير الاستثنائية".
وبين المصدر في تصريحه السابق أن "عكاشة كانت ضد عدد من الإجراءات، من بينها وضع عدد من الشخصيات السياسية والأمنية تحت الإقامة الجبرية، وقد عبّرت عن رفضها لهذه الإجراءات صراحة، وهو ما جعلها خارج دائرة المشاورات التي يقوم بها الرئيس مع مستشاريه والمقربين منه".
وأكد المصدر، أن "عكاشة لم توجه لها أي دعوة لحضور اللقاءات التي يعقدها الرئيس منذ مدة، بعد أن كانت هي من ينسق كل اللقاءات وتحضر حتى اجتماع مجلس الأمن القومي".
يشار إلى أنه تم تداول تسريب تسجيل صوتي، منسوب إلى نادية عكاشة، العام الماضي، يتضمن "تحريضا" على سفير تونس السابق لدى الأمم المتحدة قيس القبطني، أثار جدلا واسعا في البلاد.