أكدت وزيرة الخارجية السودانية المقالة مريم الصادق المهدي السبت أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الموضوع قيد الإقامة الجبرية "لن يكون جزءا من مهزلة الانقلابيين" ودعت إلى "إبطال كل الإجراءات" التي أنهت الشراكة مع المدنيين.
وأوضحت المهدي في مقابلة مع الوكالة الفرنسية، بأنه لا أساس من الصحة للتقارير الصحفية التي تتحدث عن إمكانية تعاون جديد بين حمدوك وقائد الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي أطاح، الإثنين، بشركائه المدنيين في مؤسسات الحكم الانتقالي التي شكلت عقب إسقاط عمر البشير في العام 2019.
وقالت "الدكتور حمدوك رجل وطني، مثقف، سياسي، ولن يكون جزءا من المهزلة والخيانة التي قام بها الانقلابيون".
واعتبرت المهدي، التي عارضت الانقلاب منذ البداية، أن الشعب السوداني "كله معتقل" في الوقت الراهن بسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت.
وقالت: "نحن بهذا الشكل كلنا شعب معتقل لاننا غير قادرين على أن نتواصل مع بعضنا بعضا"، مشيرة إلى أن ما يحدث هو أن "يقوم شخص من خارج البلاد بالاتصال صدفة، فنطلب منه الاطمئنان إلى الآخرين باتصالات مماثلة".
ولا يستطيع السودانيون إجراء أو استقبال مكالمات هاتفية محلية والأمر الوحيد المتاح هو استقبال اتصالات من خارج البلاد.
وأكدت المهدي "بكل انضباط وطني نقول إن إبطال هذه الإجراءات (التي اتخذها البرهان) والعودة إلى الوثيقة الدستورية وإطلاق المعتقلين السياسيين كلهم.. هذا هو الحل الوحيد المتاح".
خيانة
ونزل عشرات الآلاف من السودانيين السبت إلى شوارع الخرطوم للاحتجاج على انقلاب البرهان، وطالبوا بـ"إسقاط حكم العسكر" ونقل السلطة إلى حكومة مدنية.
وفي آب/أغسطس 2019 اتفق العسكريون الذين تولوا السلطة بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير إثر حركة احتجاجات شعبية عارمة غير مسبوقة، مع المدنيين الذين قادوا تلك الاحتجاجات، على تقاسم السلطة، من خلال وثيقة دستورية، لمرحلة انتقالية يتم في نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيا.
وأضافت الوزيرة السودانية المقالة، التي تعتبر من الوزراء المدنيين القلائل الذين لم يتم توقيفهم، ردا على سؤال حول ما إذا كان العسكريون قد سعوا إلى التفاوض معها: "لا لا أبدا ويستحيل، ولم أجلس مع أحد منهم".
وتابعت "اخترت أن لا أصدق ما قاموا به في 25 تشرين الأول/أكتوبر وقلت لا يمكن أن يقوموا بهذه الخيانة لكن للأسف الشديد قاموا بها".
ومن بين السياسيين الذين أوقفتهم السلطات خلال الأيام الماضية صديق الصادق المهدي، نائب حزب الأمة، أبرز الأحزاب السياسية في البلاد، وشقيق الوزيرة السودانية.
وأكدت المهدي أنها في منزلها ولم تشارك في التظاهرات، بحسب "الاتفاق بين كل القيادات" على عدم النزول إلى الشارع والمتابعة من خلال المحتجين في الميدان.
وقالت الوزيرة المقالة "نحن لا نريد إراقة دماء، واعتداء العسكر كان في لحظة انفعال غير منطقي وغير مسؤول.. الأمر ليس ضد أفراد ولا ضد حزب ولا حتى مجموعة أحزاب، إنما الأمر ضد إرادة الشعب السوداني الغلابة".
وأضافت بحماسة: "لا نريد حكم العسكر.. حكم العسكر ما بتشكر.. هذا هو هتاف الناس".
وكان الانقلاب العسكري قد دفع دبلوماسيين عديدين إلى الانشقاق ودعم المتظاهرين، ورد البرهان بإقالة ستة من سفراء البلاد بينهم سفراء الولايات المتحدة والصين وفرنسا وسويسرا وقطر.
ونقلت صفحة وزارة الثقافة والإعلام المقالة بيانا لوزارة الخارجية أكدت فيه المهدي: "أفتخر بسفراء السودان الذين أتوا من رحم ثورة الشعب المجيدة وصمودها الباسل وكل سفير حر رفض الانقلاب نصرا للثورة".
وفجر الإثنين اعتقلت قوات من الجيش حمدوك والعديد من الوزراء والسياسيين قبل أن يعلن البرهان في بيان حل مؤسسات الحكم الانتقالي واستئثار الجيش بالسلطة مطيحا بذلك بالتحول الديمقراطي الذي كان يتطلع إليه السودانيون في بلد تولى العسكريون الحكم فيه بشكل شبه مستمر منذ استقلاله عام 1956.
وعاد حمدوك إلى منزله الثلاثاء إلا أنه لا يتمتع بحرية الحركة ويخضع لحراسة مشددة من قوات الأمن السودانية.