اعتبرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية، في تقرير لها، الجمعة أن الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور المرتقب يوم الأحد في الجزائر يؤسس لإقامة "نظام شبه رئاسي" في البلاد.
ويتوجه الجزائريون الأحد إلى صناديق الاقتراع لإجراء استفتاء على الدستور الجديد بينما ينادي معارضو "الحراك" بالمقاطعة، ما ينذر بأن يجري الاستفتاء وسط أجواء متوترة، وفق التقرير ذاته.
وبينما تم حظر الحراك من قبل السلطات فإن الجزائريين مدعوون للتصويت يوم الأحد 1 نوفمبر / تشرين الثاني لإجراء استفتاء دستوري، الهدف منه "ترجمة الرغبة في التغيير الجذري إلى مواد دستورية" من أجل "بناء جمهورية جديدة"، كما يؤكد الرئيس عبد المجيد تبون، الموجود حاليا في المستشفى في ألمانيا.
وسلط التقرير الفرنسي الضوء على هذا الحدث الجزائري، قائلا إن تبون، الذي انتخب رئيسا للدولة العام الماضي والمدعوم من الجيش، يسعى بهذا التصويت إلى إضفاء الشرعية وتعزيز قوته"، مشيرا إلى التاريخ الذي تم اختياره لإجراء الاستفتاء ( 1 نوفمبر)، وهو تاريخ رمزي يصادف اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954 إيذانا ببدء حرب الاستقلال.
وبحسب التقرير، "يقول الرئيس تبون إنه يأخذ بعين الاعتبار مطالب الشارع، متحدثا عن "الحراك المبارك"، ونقشه باللونين الأبيض والأسود في مقدمة الدستور، ولكن واقعيا يتعلق الأمر بإقامة نظام شبه رئاسي، مستوحى من البرتغال وفرنسا، حيث تتم موازنة صلاحيات رئيس الدولة من قبل البرلمان، ويعلق تبون بأنه "من المستحيل على شخص واحد أن يستولي على السلطة ويتصرف كما يشاء ووفق مزاجه".
ويتساءل التقرير "هل سيكون هذا كافيا لإقناع الجزائريين الذين خرجوا إلى شوارع الجزائر العاصمة ومدن أخرى بمئات الآلاف من فبراير 2019 لمطاردة الرئيس القديم ومتابعة الضغط على النظام حتى الحبس؟ قبل أن ينقل عن الكاتب برتراند بديع قوله "إنه مظهر من مظاهر التغيير واستجابة تجميلية، وليس علاجا لأمراض البلد". ويضيف مؤلف كتاب "العالم لم يعد جيوسياسيا" أن "مطلب الحراك الكبير هو تغيير كلي للنظام".
وينص التعديل الدستوري على الحد من عدد الفترات البرلمانية والرئاسية ويتصور إمكانية التعايش بين رئيس دولة وأغلبية منتخبة من الاتجاه المعاكس... لكن هذا السيناريو يبدو غير واقعي، فالحياة السياسية تظل إلى حد ما تحت سيطرة النظام المدني العسكري"، وفق التقرير.
ويعتبر برتراند بديع أن "الحصة الكاملة تكمن في نسبة المشاركة، إذا كانت ضعيفة كما كانت في الانتخابات الرئاسية فسيكون ذلك علامة سلبية لتبون الذي لن يفشل في إثارة الخوف من عدوى فيروس "كورونا" لتعويض الانتكاسة" وفق قوله، لكن إذا تجاوزت النسبة بشكل كبير 40٪، "في هذه الحالة سأطلب التحقق عن كثب في حقيقة الأرقام"، وفق ما يؤكده صحفي جزائري.
واعتبر التقرير أن المناخ الذي وصفه بـ"القمعي" لا يساعد في استعادة الثقة، حيث تُجرى محاكمة كل أسبوع تقريبا ضد نشطاء الحراك وشخصيات مثل الصحفي خالد دراريني الذي حُكم عليه مؤخرا بالسجن لمدة عامين"، مضيفا أن "منشورا بسيطا على فيسبوك يمكن أن يكون مفيدا لمؤلف الدعاوى القضائية واللجنة الوطنية للإفراج عن السجناء و 90 "سجين رأي"، وهو مصطلح مفضل على "السجين السياسي" للتأكيد على أن الحراك ليس حركة أو حزبا ولكنه يجمع كل مكونات المجتمع"، بحسب التقرير الذي أضاف أن الكاتب الفرنسي الجزائري كامل داود طالب الرئيس عبد المجيد تبون بعفو رئاسي للإفراج عنهم يوم 1 نوفمبر / تشرين الثاني.
ويشير التقرير إلى أنه "بالإضافة إلى تنظيم السلطات، يعالج الإصلاح الدستوري أيضا مجالات أخرى مثل تعزيز اللغة الأمازيغية، الأمر الذي يجعل أحزاب الحركة الإسلامية تتأرجح وتعتبرها بمثابة تشكيك محتمل في غلبة اللغة العربية، لغة القرآن، إضافة إلى نقاط بارزة أخرى منها تسهيل الاستثمارات الأجنبية واحتمال تدخل الجيش الجزائري خارج حدوده.