سلطت صحيفة "هآرتس" العبرية، الضوء على التدخل التركي والقطري المتصاعد في ملف المصالحة الفلسطينية، مع وجود مساع لدور روسي في الملف المتأزم منذ سنوات، في الوقت الذي يمكن أن تسحب فيه الفصائل الفلسطينية والسلطة الوطنية البساط من مصر مقابل دور أكبر لتركيا وقطر.
وقالت الصحيفة، في تحليل لها، إن على إسرائيل أن تقلق من استبدال تركيا بمصر في ملف المصالحة الفلسطينية، خاصة مع لجوء السلطة الفلسطينية لحلفاء آخرين سعيا للخروج من أزمتها.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أن "معبر رفح، الذي يوفر المدخل الوحيد لقطاع غزة إلى مصر، مغلق منذ مارس رسميا، باستثناء فترتين قصيرتين، بسبب معلن وهو إيقاف انتشار فيروس كورونا، لكن على الرغم من أن هذا السبب صحيح بلا منازع، فمن المحتمل أيضًا أن مصر أبقت المعبر مغلقًا كجزء من عقوباتها بحق حركة "حماس" لتجرؤها على اتخاذ إجراء سياسي مستقل".
وتابعت "هآرتس"، منذ شهرين، تناقش حماس وفتح إحياء خطة المصالحة الخاصة بهما وإجراء انتخابات جديدة، تكون أولا للمجلس التشريعي الفلسطيني، ثم للرئاسة الفلسطينية، وأخيرا المجلس الوطني الفلسطيني".
وأشارت الصحيفة، إلى أنه "سعياً وراء بدائل لشبكة الأمان العربية، فوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس جبريل الرجوب أمين عام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بطلب المساعدة من دول أخرى من أجل فتح مفاوضات مع حماس".
وفي أوائل سبتمبر الماضي، التقى مسؤولون من "فتح" و"حماس" في بيروت أولا، ثم جاء الاجتماع التالي والذي كان في دمشق، ثم عقد الاجتماع الثالث في سبتمبر بإسطنبول التركية، وهو ما تزعم "هآرتس" أنه أثار غضبا في القاهرة.
ووصف المسؤولون الفلسطينيون الاجتماع الأخير في تركيا بأنه "اختراق"، وفجأة أصبحت تركيا هي الوسيط الجديد بين الفلسطينيين، وتم الاتفاق من حيث المبدأ على إجراء انتخابات على مدى 6 أشهر بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كافة الفصائل الفلسطينية.
وأردفت الصحيفة: "في الأسبوع الماضي، أطلق الفلسطينيون سهما آخر على مصر، عندما التقت مجموعة من كبار مسؤولي حماس برئاسة موسى أبو مرزوق في موسكو بمبعوث الرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، وغرد أبو مرزوق في وقت لاحق أن موسكو مستعدة لاستضافة محادثات بين قادة الفصائل الفلسطينية".
وقال عبد الله عبد الله ، عضو المجلس الثوري لحركة فتح ، إنه إذا لم توافق مصر على استضافة الاجتماع، "لن يكون الفلسطينيون أسرى المكان، سنجد طريقة أخرى لعقده".
وسارع النقاد الفلسطينيون إلى استنتاج أن احتكار مصر لإدارة النزاع الفلسطيني الداخلي ينهار، وأن تركيا وقطر قد تحل محلها.
وتستدرك "هآرتس" قائلة إنه على غرار الخلافات السابقة، فمن المتوقع أيضا هذه المرة أن تتعثر الاتفاقية التي تم التوصل إليها في تركيا من حيث المبدأ على تفاصيل مثل موعد إجراء الانتخابات، وكيف ستجرى، وكيف سيتم تقسيم المقاعد في البرلمان، وهوية خليفة عباس.
ومع ذلك، تظهر المحادثات رغبة "فتح" في النظر إلى تركيا، راعية "حماس"، كميسر للمحادثات الفلسطينية الداخلية، وكذلك لمنح روسيا موطئ قدم فيها. وبذلك، تورطت السلطة الفلسطينية في صراع على السلطة بين تحالفين متنافسين في الشرق الأوسط.
وترى "هآرتس" أن تقارب السلطة الفلسطينية مع دول الشرق الأوسط غير العربية لا ينبع فقط من الاعتراف بفقدانها لشركائها العرب الداعمين سابقا، ولكن أيضا من أزمتها الاقتصادية العميقة.