تحل اليوم الثلاثاء، الذكرى التاسعة لمقتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وسط تساؤلات عن طبيعة دور أنصاره المحتمل في المرحلة القادمة، وجدل بين من يطالب بإشراكهم ومن يدعو إلى طيّ الصفحة وبناء ليبيا جديدة دون رموز النظام السابق.
وقتل القذافي يوم 20 أكتوبر / تشرين الأول 2011، بعد أشهر من الاختفاء عقب الحراك الذي شهدته ليبيا منذ فبراير / شباط من ذلك العام؛ بهدف الإطاحة بنظامه.
وبعد سنوات ابتعد رموز نظام القذافي نسبيا عن الأضواء وبدأ الحديث عن دور محتمل لهؤلاء في وقت يستعد الليبيون لعقد سلسلة حوارات من أجل إرساء حل سلمي سياسي وإجراء انتخابات وإعادة بناء النظام السياسي.
واعتبر القيادي في النظام الليبي السابق، ضو نعيجة، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنه من "الصعب حتى لا نقول من المستحيل أن تكون هناك مصالحة حقيقية في ليبيا دون أن يشارك الليبيون من المنتمين للنظام الجماهيري؛ لأن جانبا كبيرا من الشعب الليبي انتمى للنظام الذي وضع أسسه الزعيم الراحل معمر القذافي والذي عمل بإخلاص من أجل تقدم الشعب الليبي و تطوره" وفق قوله.
و أضاف نعيجة، وهو قيادي سابق باللجان الثورية الليبية: "لا شك أن ما يعانيه الشعب الليبي منذ أن حل عملاء الناتو بأرضنا هو خير دليل على ما أنجزه النظام الجماهيري من أجل شعبنا علاوة على أن تسريبات كلينتون وغيرها من المعطيات تبرز أن ما حصل في فبراير 2011 لم يكن ثورة بل مؤامرة خارجية قادتها الدول الغربية التي أرادت وضع اليد على الثروات الطبيعية الهامة للشعب الليبي"، حسب تعبيره.
وتابع: "مشاركتنا في المصالحة الليبية ليست منة من أحد ولا يمكن أن تكون هناك مصالحة حقيقية في ليبيا دون إسهامنا خاصة وأن لدينا حضورا في المجتمع وأننا لم ننخرط بأي شكل من الأشكال في خدمة المحاور الإقليمية والدولية ومشاركتنا ليست بالأمر الهين حاليا في الوقت الحاضر في ظل وجود رفض من القوى الدولية العاملة ضد المصلحة الحقيقية لليبيا ومستقبلها".
و أردف: "أذكر هنا الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا، لكن هناك أطرافا دولية أخرى كروسيا وبدرجة أقل ألمانيا تعتبر أن مشاركتنا مفيدة لمستقبل ليبيا خاصة وأن هذه الدول تريد مسارا ينهي حالة الفوضى والعنف التي تعيشها بلادنا وفي كل الحالات سنواصل نضالنا من أجل إنهاء معاناة شعبنا"، وفق قوله.
مشتتون
من جانبه، قال رئيس الحزب الجمهوري الليبي عز الدين عقيل لـ "إرم نيوز"، إنّ الأطراف السياسية المحسوبة على نظام القذافي باتت اليوم فئة مشتتة، البعض منهم يعمل مع حكومة فائز السراج والبعض الآخر مع قائد الجيش خليفة حفتر، وبينهم من يقول إنه مع سيف الإسلام ومنهم من يحاول الاندماج مع الواقع ومع الحلول المطروحة دون اعتبار للفروق النظرية مع بقية المكونات السياسية".
وأكد عقيل أنّ "رموز نظام القذافي عمليا موزعون على مختلف الأطراف، ومنهم من انقلب على نظام الحكم مثل عبدالرحمن شلقم وحافظ قدور أو الجهيمي الذي عمل وزيرا لعقود في مختلف حكومات القذافي، وهناك مجموعة موجودة كقناصل وسفراء، في حين أن الجماعة التي لم تحصل على شيء من السلطة مقسمة ومشتتة".
وأوضح أنّ "هناك اليوم مجموعة أحمد قذاف الدم ومجموعة مصطفى الزايدي ومجموعة سيف الإسلام القذافي، وهي بحد ذاتها مقسمة ولا أعتقد أنّ الموضوع له أهمية في حل الأزمة الليبية بل إن المجتمع الدولي يراهن على هذا التنوع الهائل الذي يسهل تفكيك الدولة الليبية".
خطأ العزل السياسي
ومن جانبه، اعتبر رئيس المؤتمر الوطني الليبي الجامع، محمد عبدالسلام العباني أنّ أنصار القذافي موجودون لكن قانون العزل السياسي استبعدهم وهذا أكبر خطأ وأكبر جرم ارتُكب لأنه من المفترض أن يشاركوا في الانتخابات وأن يكون لهم دور في المجلس الرئاسي الجديد، مؤكدا رفضه مبدأ الإقصاء.
وأضاف العباني، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أنّ من اشتغلوا مع نظام القذافي موجودون اليوم في مواقع مختلفة، "فمنهم من يشتغل في مناصب حكومية مع السراج ومنهم من له مناصب عليا في الجيش مع حفتر ومن المهم الاستفادة من خبراتهم في معالجة ملفات معقدة مثل الأموال الليبية في الخارج، ومن الخطأ استبعادهم واعتبارهم طرفا خطيرا مثلما يروج البعض"، على حد قوله.
ورأى العباني أنّ أنصار القذافي مكون من مكونات المشهد السياسي الليبي ولهم دور بلا شك ولكن المشكلة أنهم منقسمون وكل طرف يتهم الآخر.
مطلب التجديد
وفي المقابل اعتبر المحلل السياسي الليبي محمد النالوتي أنّ المرحلة القادمة في ليبيا تستوجب تجديد الطبقة السياسية والقطع مع الوجوه والأسماء المستهلكة التي ثبت على امتداد سنوات أنها جزء من المشكلة وليست جزءا من الحل.
وأضاف النالوتي، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أنّ الليبيين مقبلون على مرحلة تأسيس تقتضي القطع مع أسباب الأزمة، ومع الأسماء التي أنتجت هذه الأزمة ومن بينهم بعض المحسوبين على نظام القذافي ومن شارك في حكومة الوفاق ولم يتمكن من تحقيق ما كان ينتظره الشعب الليبي من إنجازات ومن مسار سياسي سلمي ومن توحيد الدولة وتقوية سلطان القانون فيها، ولهذا فإنّ المرحلة الجديدة تقتضي ليبيا جديدة بوجوه جديدة وبأفكار جديدة؛ لأنّ العودة إلى الوراء لن تزيد الوضع إلا تعقيدا.