استثمر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخلاف الروسي الأمريكي للتدخل في ملفات إقليمية شائكة، يمكن أن تترك تأثيرات سلبية على بلاده، وفقا لوكالة "المونيتور" الأمريكية.
ورأت الوكالة أن "العنصر الرئيسي الذي يمنع انهيار السياسة الخارجية التركية، في ظل العزلة الدولية المتصاعدة التي تعاني منها أنقرة، هو قدرة أردوغان على استغلال الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط لتحقيق قدر من النجاح النسبي يلبي الطموحات الإقليمية التركية".
ووفقا للوكالة، فإن علاقة الصداقة الشخصية بين أردوغان وكل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين عززت من نفوذ أنقرة، ومنعت العديد من الأزمات الخطيرة، التي كان من الممكن أن تصل إلى مواجهات عسكرية مباشرة، بين القوات التركية من جهة، والأمريكية أو الروسية من جهة أخرى، خاصة في سوريا".
وأضافت أن "تركيا اعتمدت على الدعم الروسي الضمني للحصول على موطئ قدم عسكري في شمال شرق سوريا، للتحرك ضد وحدات حماية الشعب الكردية، المدعومة من واشنطن، والتي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية، والآن فإن تركيا تعتمد على الدعم الأمريكي في شمال غرب سوريا، وذلك ضد الرئيس السوري بشار الأسد، المدعوم من روسيا، للتصدي لرغبة النظام السوري في السيطرة على محافظة إدلب كاملة".
وفي الوقت ذاته، فإن أنقرة تعتمد على دعم إدارة ترامب في ليبيا، حيث تتنافر المصالح التركية الروسية، كما تقول الوكالة، التي تضيف بأن "تركيا لا تستطيع التحرك دون دعم علني أو سري من إحدى القوتين العظميين".
مخاطر مستقبلية
لكن رغم ذلك، فإن الوكالة الأمريكية تعتقد أن أوقاتا صعبة تنتظر أردوغان، في ظل محاولاته للمضي قدما في سياساته الخارجية الشرسة، ومع تنامي طموحاته الإقليمية، وهو ما سيجعله بحاجة إلى قدر من التأييد الدولي أكثر من أي وقت مضى"، مؤكدة أن "العلاقة الوثيقة بين أردوغان وبوتين فقدت بريقها مؤخرا، وفي نفس الوقت فإن احتمالات خسارة ترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية أصابت الدوائر السياسية الرسمية التركية بقدر كبير من الخوف".
وأفادت الوكالة بأن "روسيا وتركيا تتعاملان على أنهما خصمان وليسا شريكين في سوريا وليبيا، حيث تصر موسكو على انسحاب القوات التركية من سوريا بعد إنهاء المهمة الخاصة بالقضاء على العناصر الجهادية في إدلب، إلا أن أردوغان أكد خلال الأسبوع الماضي، أن تركيا ستظل في سوريا حتى يحصل السوريون على السلام والحرية"، وفق تعبيره.
وأشارت إلى أن "المشكلات الرئيسية بين روسيا وتركيا في سوريا لا تزال دون حلول واضحة، خاصة فيما يتعلق بالمستقبل السياسي للدولة السورية، ودور الرئيس بشار الأسد في هذا المستقبل"، مبينة أن "خلافات أخرى ظهرت بقوة بين روسيا وتركيا، فيما يتعلق بالأوضاع في ليبيا، حيث تدعم موسكو الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، في حين تؤيد تركيا قوات حكومة الوفاق".
وأوضحت أنه "في الوقت الذي أبدت فيه أنقرة ظاهريا موافقتها على وقف إطلاق النار الفوري الذي تطالب به روسيا في ليبيا، فإنها أكدت مرارا أنها لا ترغب في ذلك، حيث ترى أن هذا سيكون ضد مصلحة الوفاق، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو".
في السياق، فإن "عودة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان من المتوقع أن يثير المزيد من غموض العلاقات السياسية التركية مع روسيا، خاصة بعد أن تعهدت أنقرة بدعم أذربيجان، في الوقت الذي تدعم فيه روسيا أرمينيا، وهو ما يضع أنقرة وموسكو على طرفي نقيض، وفق ما نشرت الوكالة.
تهديد بايدن
وقالت "المونيتور"، إن "مستقبل العلاقات التركية الأمريكية يبدو قاتما؛ في ظل تراجع شعبية الرئيس ترامب أمام منافسه الديمقراطي في انتخابات الرئاسة المقبلة جو بايدن، خاصة أن بايدن معروف بعلاقاته الوثيقة مع التكتلات اليونانية والقبرصية والأرمينية المناهضة لتركيا في واشنطن، وأنه لا يتعاطف مع تركيا. حيث يمكن أن يؤدي غياب ترامب عن المشهد إلى التخلص من جدار الحماية الرئيسي ضد الكونغرس المناهض بشدة لأردوغان".